حين اقف امام السي محمد السكتاوي ، فانني اقف امام هامة تطاول السماء ،وحين اقول ان جيلي الذي حلم بيسار جميل فالسكتاوي بحق جذر من جذور هذا اليسار ، من المناضلين الذين صلبوا عود شجرته . السي محمد السكتاوي يحتل في وجداني مكانة سامية وادين له ولامثاله انهم ارسوا في زمن الجمر دعائم فكر متحرر متقدم ،من معاناته انحاز للانسان واعلن بوضوح انه لا عدالة اجتماعية دون انصاف هذا الانسان ،حمل رسالة منظمة العفو الدولية بالمغرب ضد كل الانتهاكات وهو العمل الدي اثمر نتائج باهرة ، محمد السكتاوي من خلال نضاله في الواجهات الحقوقية والتضامن الجامعي لرجال التعليم اصبح رقما صعبا في المعادلة الحقوقية، تواطانا انا واستاذي ادريس حيدار عليه من خلال هذه الشهادة التي مدني بها مشكورا في حقه : المناضل البهي تعرفت عليه في مراحل الصبا ، كان طفلا وسيما خجولا واشقرا وهادئا في اغلب الاحيان ، كانت تطبع سلوكاته الوداعة ثم هذا الطفل كان نبيها وسريع البديهة ، لم يكن هذا الفتى استعراضيا في ذكاءه ، او فهمه ، بل خجولا يلقن من يجالسه من التلاميذ الجواب الصحيح ، لم يكمل دراسته نتيجة لاحدى القرارات الجائرة في حقه ، كبرياؤه وعزة نفسه ورفضه للظلم كل هذه المشاعر والاحاسيس كانت حاسمة في اختياره الصعب وهكذا اعلن التلميذ النجيب باكرا مناهضته للظلم . التحق بفضاء التربية والتعليم حيث انتهى لمدرسة تكوين المعلمين بالرباط وفي تلك المؤسسة التقى شبابا من كل جغرافية البلاد ، كانت تجربته غنية من حيث التكوين والاطلاع على فضاءات رحبة ومجامع فكرية غنية بالنقاشات والمطارحات ، انها الرباط في بدلية السبعينيات . بصمت وبهدوء كبير وبنضج هائل تكيف مع عالمه الجديد فاصبح يتردد على منزله بعض طلبة مدرسة المعلمين ومناضلو بعض الاحزاب والتيارات التقدمية واليسارية وجملة من اصدقائه الذين كانوا يدرسون معه في مسقط راسه والتحقوا بالجامعة ، صدره كان ولا يزال رحبا واحتماله كان ولا يزال كبيرا ، تعامل ولا زال مع الجميع باخلاق رفيعة واحترام تام . مع مرور الوقت اصبح ذلك الفتى معروفا في الفضاءات الفكرية والسياسية والحقوقية . طالته حملات القمع وذاق مرارة الاعتقال اكثر من مرة كما انه طرذ من عمله لنضاله المستميت من اجل القيم التي آمن بها وانتصاره للفقراء والمستضعفين ، ناضل كذلك بقلمه صحافيا عندما كان الزمان جمرا ، وقاد العمل الحقوقي بكفاءة بعد ان حصل على اجازته في القانون من كلية الحقوق بالرباط . آراؤه سديدة في معظمها اقتراحاته وجيهة في اغلبها وفهمه للسياقات جيد في مجمله ، رافقت هذه المرحلة الطويلة معاناة نفسية وجسدية كاد ان يهلك من جرائها ولا زال يحمل في قلبه الكبير اعطابا وندوبا من تلك المحطات والمراحل من حياته . قلب الرجل شاسع ،بسعة الحلم ويسع كل احبته ومعارفه ، حاتمي النزوع ، وديع وطيب المعشر في اعتقاله كان يعطف على الصغار والمرضى والشيوخ ، يمتلك مهارات متعددة ، اخرها نبوغه الشعري ، انه ايقونة من ايقونات هده المدينة التي يجب الافتخار بها ..