– في القرون الخالية كان إسم مدينتي ،أوبيدوم نوفوم، من أقدم المدن المغربية هي ، عمرت مند آلاف السنين ، بأقوام طيبين ، علماء وعالمين ، والفقهاء الحالمين ، والركع الساجدين ، وكانت خالية تمام الخلو من الأعداء الغادرين ، وكان الأخيار من النبلاء على الأشرار قاهرين ، أوبيدوم نوفوم ، شهدت على أمجادها أحدات عظيمة وأقوام شريفة ، فبقدمها وقد دفن فيها جماعة من أصحاب عيسى إبن مريم الحواريون، ومن بطولاتها أن أحد أطرافها كان ساحة قتال لمعركة الملوك الثلاثة ،مدينتي عظيمة ولي الفخر ، مدينتي جميلة وبدون البحر ، مدينتي وقد سعدت أنني عايشت في صغري سنين قليلة كنت شاهدا على جمالها والمحاسن التي اكتملت بها ، كنت في طفولتي أجلس في حدائقها أقطف من زهورها وورودها أردد بصوتي على أجمل طيورها وأنا صبي كنت أمنع من بتر ريش طاووسها ، مدينتي جميلة وزادها جمالا أن ولدت فيها من هي أجمل منها ومن أجلها ولدت المدينة ليلتقيا الجمال ويتم الكمال ، فلم يبقى لمدينتي أنداد أكفاء لما حضيت وسعدت بمولودة سعيدة وجميلة واسمها مريم ، ، كان سكان هذه المدينة الطيبة قليلون ، وورثو عن آبائهم وأجدادهم العلم والخصال الحميدة وكانوا قيمون ، وجلهم نبغاء وفهماء مفطورين على الخير وهم عظيمون ، ،وفجأة وقع ما لم يكن في الحسبان ، بدأ الناس من البوادي ومن ضواحي مدن أخرى وكلها على الهامش ، وسرعان ما سمعوا عن خيرات المدينة وطيبة أهلها وكرمهم ، هبوا ودبوا وتجمعوا علينا وكأننا قصعة أكل يتفطروننا الجياع ، وبدون رحمة ولا شفقة تكالبوا علينا وغزونا في مدينتنا الجميلة ، وهم من كل حدب ينسلون ويتجمعون ويتكاثرون ، ولا يطؤون موطئا جميلا إلى وتراه وقد سلبوا منه جماله وبهائه ، غزاة منكرون ، لا من يصدهم ولا من يطردهم ، وهم من جهلهم وعدم الإحساس بمسؤولياتهم اتجاه واجباتهم وتنظيم حياتهم تناسلوا وأبدعوا في التكاثر ،حتى صرنا نحن الأصلين القلة وسطهم ، فليرحم الرب مدينتي فليأجرني في مصيبتي ، وأنا الذي كنت أسيرا لجمال مدينتي ،وليلها مؤنس لوحدتي ، ومداحا لها في صحوتي وغفلتي ، صرت الآن لا آمن فيها من كثرت الأشرار يالحسرتي ، ،، أنقدوا أبيدوم نوفوم ، أيها الفرسان الأصلين أنقدوا جميلات مدينتكم ، من وحوش ضارية تكاد أن تفتك بالجميلات ، أنقدوا معي جميلة البلاد حبيبة العباد الطاووسة مريم ، أبيدوم نوفوم ، تلفظ أنفاسها الأخيرة ، من غزاة قذرين ونواياهم حقيرة ، عمرو الطرقات بدون ترخيص بسلع كثيرة ، ولقد ظلمنا بسببهم وقيل فينا أوباشا وعقولنا ضريرة ، وبافتعالهم الدنيء بنا ما ارتقت مدينتنا ومن سنين وهي مكبلة وأسيرة . أنقدوا مدينتكم ففيها حبيبتي مريم وهي أختكم وهي على المدينة أميرة .