لست بصدد الحديث عن الفيلم المصري من بطولة الممثلة (عبلة كامل) والذي أنتج في سنة 2004، لكنني فعلا أتحدث عن فرنسا التي تجمعنا بها آصرة القرابة. فرنسا التي أرضعتنا سنين عددا، وتمسكنا بتلابيبها حينما رغبت في فطامنا. حتى وهي تغادرنا، غير متأسفين اليوم على فراقها، تركت لنا "وليداتها" النجباء والكسالى، على حد سواء، ليحلوا محلها في تعليمنا واقتصادنا وقطاعاتنا الحيوية، وعضت على ذلك بالنواجد والأنياب. ما لم نتعلمه من"خالتي فرنسا"، أو ما لم تعلمه إيانا، هو كيف تحترم دولة ما نفسها. إنها تكون كذلك حينما تعامل جميع مواطنيها على قدم المساواة، نَعَم الجميع، من حارس السيارات بالشونزليزي إلى رئيس الجمهورية. فالقانون فوق الجميع، لأن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، والأمة تثق في قانونها. "خالتي فرنسا" لديها ثالوث مقدس (الحرية،المساواة،الإخاء)، إنه يشكل عقيدة لدى الفرنسيين، فقد جُزَّت رقاب كثيرة على مقصلة الحرية إبان مخاض الثورة الفرنسية. إنه يعني ببساطة شديدة أن جميع المواطنين الفرنسيين يولدون أحرارا وهم سواسية أمام سلطة القانون التي لا سلطة تعلو فوقه. يجرنا الحديث هنا إلى قضية المواطن المغربي "سعد المجرد" واعتقاله من قبل الشرطة الفرنسية وتقديمه للسلطات القضائية في حالة اعتقال للنظر في تهمة الاغتصاب واستعمال العنف التي وجهتها له مواطنة فرنسية، ورغم دخول السفارة والسلطات المغربية على خط القضية، ومحاولة تسويق القضية على أنها أصبحت قضية رأي عام، وأن المتهم شخصية مشهورة ومواطن غير عادي، وأنه مرتبط بموعد فني مع آلاف المعجبين، كل هذا اللغط وهذه الضجة الكبيرة لم تثن المدعي العام الفرنسي عن القيام بواجبه، ولو اعتصم أمام مكتبه كل الذين اقتنوا تذاكر دخول تلك السهرة، فهكذا هو القانون لدى"خالتي فرنسا" إنه يسري على الجميع دون استثناء. ما لم تعلمنا إياه "خالتي فرنسا" أن حرية الفرد تنتهي حينما تبدأ حرية الآخرين، وأن أي اعتداء على حرية الآخر يستوجب تدخل سلطة القانون حماية للحقوق والحريات. إشارة لابد من ذكرها، وهي أنه لا عداوة ولا ود يربطني ب"سعد المجرد" غير أنه لا يشرفني أن يكون قدوة لأبنائي.