غادرنا العقيد المجاهد سي الهاشمي الطود الرجل الذي كان يحمل خلال مرحلة الكفاح وحمل السلاح ضد المحتل وضد قوى الامبريالية، لقبا نادرا "فار الباراج" اي الفأر الذي يستطيع المرور من كل السدود والمنافذ غادرنا سي الهاشمي ولازال لكلماته نفس الصدى في الاذن والصدر هو القائل : "ماهي وثيقة المطالبة بالاستقلال هل هي بندقية او مدفع؟؟" ولازال لعبارته التي خصني بها ونشرتها ابان حديث طويل معه حول عيد الاستقلال حيث كان يسميه "عيد الاستقلاش" نفس الوقع.. في سنة 2008 وكنت حينها اشتغل محررا بإذاعة طنجة كانت الساعة تشير الى السابعة صباحا كان صباحا من صباحات طنجة الكسولة المليئة سماؤها بالغبش والفراغ.. حين دخل سي الهاشمي الى مقهى روكسي بطنجة رأيته وتقدمت منه للسلام وما ان عرفني حتى طلب من ان تناول الافطار معا.. كان رحمة الله عليه كثير الدعابة والسخرية وحاد التعليقات والملاحظة، وفي هذا الصباح الذي كنت اخاله رتيبا قلب سي الهاشمي كياني بحكاية نادرة مع توصية صارمة بعدم استغلالها في اي عمل صحفي.. اليوم اجد انه من واجبي بل ومن دواعي اعتزازي بتميزها ان اشاركها معكم.. كان سي الهاشمي في بداية الستينات مكلفا بمهمة من نوع خاص مهمة تشبه فيلما هوليوديا اقتضت انتقاله الى طنجة، حيث كان يراقب ناشطة صهيونية تقوم بتهجير ما تبقى من يهوديات طنجة نحو اسرائيل، بحجة تدبير عمل لهن في معامل للنسيج بالبرتغال، وبعد ذلك تقوم بتغيير وجهتهن نحو تل ابيب، وكان على سي الهاشمي ان يقتحم شقتها الكائنة آنذاك بالقرب من فندق رامبراند او حانة "نامبر وان"، ويصور الجوازات التي كانت تحتجزها المهجرة الصهيونية واسماء المرشحات للهجرة وانجاز تقرير حول نشاط حركة (كاديما) بشمال المغرب.. انتهى فطورنا وانتهت قصة سي الهاشمي المدهشة والمخيفة تفارقنا بعد ان ترك في داخلي سي الهاشمي الكثير من المشاعر المختلطة بين الفخر والخوف والاكبار.. التقيته مرة اخرى ونحن على القطار في اتجاه طنجة اصيلا اردت اثارة الحكاية من جديد معه وكان ذلك بحضور شخص ثالث فضغط سي الهاشمي على كفي برفق لأغير الموضوع.. اليوم وهو المسجى تعود الي نفس الاحاسيس المتناقضة مع كثير من الحزن والفخر، الحزن على فراق رجل من الكبار، والفخر ربما لانه خصني بقصة لم يحكها للكثيرين.. انت من القلائل الذين يصح فيهم قولهم .. نم قرير العين