أصبح مهرجان "موازين إيقاعات العالم" موعدا سنويا لإثارة الكثير من الجدل في المغرب، خصوصا في دوراته الأخيرة، والذي تنظمه جمعية مغرب الثقافات، التي يرأسها منير الماجيدي، حيث تتعالى الأصوات المنادية بإيقافه وصرف الميزانية الضخمة التي ترصد له في قضايا التنمية ومحاربة الفقر والهشاشة التي يعانيها المغاربة. موازين في عز الأزمة دورة هذه السنة من المهرجان "المثير" تأتي في ظرفية دقيقة يعيشها المغرب، خصوصا مع اشتداد الأزمة الاقتصادية التي بدأت ترخي بظلالها على المملكة الشريفة، الأمر الذي يزيد من الضغط على القائمين على المهرجان، الذي يحظى برعاية ملكية، ودعم إعلامي ولوجستي كبير، عز نظيره في هكذا نشاط. وأمام هذا الوضع، تستمر إدارة مهرجان مغرب الثقافات في إصرارها على تنظيم نشاطها السنوي، غير آبهة بما يعتمل في المغرب من تحديات اقتصادية واجتماعية تتطلب تكثيف الجهود وتسخير كافة الموارد لحلحلتها، حيث أعلن في خرجة إعلامية لأحد مسؤولي المهرجان، أن مداخيل السهرات التي تحتضنها منصات العرض تغطي نسبة 70% من تكاليف المهرجان، كما يساهم الرعاة الرسميون للتظاهرة ب 30% الباقية، مؤكدا أن المهرجان لا يعتمد في تمويله على ميزانية الدولة. المعطيات والأرقام التي كشفت عنها إدارة مهرجان موازين، يبدو أنها لم تقنع مناهضي المهرجان والداعين لإلغائه، الذين اعتبروا الأرقام المعلنة محاولة لإيهام الشعب وتمويه الرأي العام لإضفاء المشروعية على المهرجان، وتبرير "إهدار المال العام" في التظاهرة الغنائية التي يقولون إنها رمز للسلطوية والاستبداد. المعطلون والمنصات والأمن تنسيقيات المعطلين الذين لا يغادرون شوارع الرباط للمطالبة بالتوظيف في مؤسسات الدولة، يمثلون أهم الفئات المناهضة لمهرجان موازين، الذي ينتظر أن تنطلق فعالياته اليوم الجمعة، حيث كلما حل موعد انطلاق المهرجان، إلا ونقلوا معركتهم النضالية ضد المهرجان، متهمين القائمين عليه بتبذير الملايين في حفلات غناء لا تسمن ولا تغني الشعب في شيء، عوض استثمارها في إطلاق المشاريع وإحداث فرص شغل لجحافل العاطلين من أبناء الوطن. هذه السنة كما سابقاتها، نفد المعطلون مسيرات وتظاهرات للمطالبة بإلغاء المهرجان، رافعين شعارات قوية من قبيل "فلوس الشعب فين مشات فموازين والحفلات"، محاولين احتلال منصة "بورقراق"، المخصصة لعرض سهرات وحفلات "موازين"، للتعبير عن رفضهم للمهرجان والمطالبة بإلغائه. الخطوة الاحتجاجية التي أقدم عليها المعطلون، واجهتها قوات الأمن بتدخل عنيف، استخدمت فيها عناصر الأمن الهراوات والركل لتفريق العشرات من المعطلين المطالبين بالشغل وتوظيف الأموال الضخمة التي تمنحها إدارة موازين للفنانين الأجانب لصالحهم، حيث خلف التدخل الأمني العشرات من الإصابات في صفوف الشباب والشابات، الذين تعالت أصواتهم منتقدة حقوق الإنسان. الإسلاميون وموازين مما لا شك فيه، أن الإسلاميين من أشد المناهضين لمهرجان موازين في المغرب، غير أنه منذ وصول حزب العدالة والتنمية لقيادة الحكومة بعد الحراك الذي شهده المغرب إبان رياح الربيع العربي، بدا واضحا أن هؤلاء يحاولون جهد المستطاع تجنب الخوض في المهرجان الذي يحظى برعاية ملكية، من أجل الاستغناء عن مشاكل هم في غنى عنها. فمهرجان موازين، لا يمثل أولوية في أجندة رئيس الحكومة وحلفائه على الأقل في هذه المرحلة على ما يبدو، فحركة التوحيد والإصلاح الحليف الاستراتيجي لبنكيران، لا تريد إحراج حليفها في الحكومة، حيث أضحت لا تبادر كما في السابق لتنظيم الوقفات الاحتجاجية ضد المهرجان المثير للجدل والمطالبة بإلغائه، وذلك لتركيز الجهود في معركة محاربة الفساد والاستبداد. لكن هذا الموقف لا يعني بالضرورة أن الإسلاميين طبعوا مع مهرجان موازين، بقدر ما يعني تقديرا للأولويات والمعارك التي يخوضونها في تجربتهم الجديدة، حيث عبر أحد القادة الإسلاميين، في تعليق على حائطه الفيسبوكي جاء فيه "أريد أن أقول .. إننا ما زلنا نعتبر المهرجان رمزا للاستبداد والفساد والبذخ، وأدعو عقلاء هذه البلاد إلى توقيف هذا المهرجان"، كلام يوضح أن الإسلاميين مازالوا على موقفهم الرافض للمهرجان، الذي يمكن اعتباره معركة مؤجلة إلى حين.