صباح هذا اليوم ماطر مثل عادته في شهر مارس.ارتديت بدلتي وانصرفت خارج البيت، وأنا أردد: ضدا عليك - أريد صباحا مختلفا لا يشبه باقي الصباحات القادمة.تراني أسأل عن شيء مستحيل، أعلم جيدا أنه لا يسعفني،لذلك فأنا في كثير من الأحول لا أهتم بما يقولني، لأني أرى الأشياء غريبة. جلست أشرب قهوتي، وأرتب أوراقي التي ضاعت مني بين عناويني وسنواتي .كنت أريد أن أكتب شيئا عن ما تبقى في ذاكرتي المتعبة. الأصدقاء تغيروا، البعض منهم رحل، نفس البيوت والجدارات واليأس العالق بجفون تلك المقاهي التي تنتج البشاعة. الشمس تظهر وتختفي مثل "ثعلب "زفزاف. هم يختفون، ولا يظهرون سوى خلف شعارات زائفة ويتقاضون عنها الصفات تلو الصفات. وأنا أنظر إلى طاولتي التي خصني بها هذا المكان السخي، تجدني أسلك ممرات بعضهم. كم كانت حالكة ! وحدي هنا، لا ماسح كلام ومعاطف و أحذية، ولا بائع السجائر بالتقسيط والكلمات المتقاطعة، وتفاهات أخرى يومية. بعد قليل سيمر من هنا ذلك الرجل صاحب الجلباب الخشن، وسيتوقف أمام الجميع وينظر إليهم وهو يرتجل كلمات في الأخلاق والسوسيولوجيا من دون عناء أو تكلف. سيخجلون من أنفسهم، وسيقبعون خلف أسنانهم الصفراء وهي تعانق مشروباتها. حين أتأملني،. فكرت في زفزاف ومحمد خير الدين وباطما.هنا أطلقوا الكثير من فراشاتهم فرحلوا... أقول : - يا ليتهم عادوا...