إدريس . يطّو . أمين . ثلاثة زنابق بشرية حلّقت بعيدا عن سطح هذا العالم،و استوطنت فردوس الغياب. على هضبة " سان جوار" الفرنسية كان الموعد المحتوم مع الخاتمة السريالية... لم تستطع فرنسا بكلّ عدتها اللوجيستيكية و راداراتها الإستباقية إنقاد عائلة تحترق في صمت. في لحظة سهو عابث إحترق كلُّ شيء : أجساد طرية طافحة بحب الحياة،ذكريات مثقلة، أحلام مؤجلة، هدايا أعياد الميلاد ،و انتطارات السنة الوليدة، و كل شيء ...كل شيء... إن الحقيقة المرّة التي لا أستطع أن أبتلعها هي كيف يمكن أن نتصور أجساد أطفال اعتنقوا البراءة الحقّة تحترق حتى التفحم؟ لا بد أن يدا رحيمة تمتد من السماوات لتلف الأجساد الغضة لتلفها في شرنقة حريرية سرعان ما تتفتق فراشة في كامل الرشد و البهاء ،و حينما تستفيق الأرواح الصغيرة من نومة لذيذة تدرك أنها ليست الوحيدة في سقف الجنان؛طيور ملونة مجنحة كثيرة تراقص الفراشات المتطاوسة .... أيتها النار الرحيمة نعرف أنك لا تحرقين عيالك... فحينما تحرقين العشب الكسول في قعر البيادر ،فأنت تزفّين الربيع... و حين تفحمين دواوين الشعر تنثرين حبات الجمال في الصدى.. يا نار كوني بردا و بَرَدا على عيالك في هذا الأرخبيل المبعثر كحبات سبحة عطشى لدمع الغفران... لا فرق إن احترقت جثة أو أسكنت قبرا أرضيا أو اندثرت في السماوات.... فالجسدُ ليس إلا وعاء لتركيبة كيميائية عجيبة تسمى تجاوزا " روح"... و وحدهم الأطفال يدركون أن للنار وجها آخر من ثلج.... (تطوان:05/01/2013)