ليس هناك ما يمكنه أن يصف الشعور وأنت ترى أبناء شعبك يضرمون النار في أنفسهم، ليس هناك ما يصف الاختناق والرعب والخليط المبهم من اليأس والغضب، وأنت ترى مغربيا يلجأ إلى حرق نفسه لأن آلة التشغيل معطلة، ولأن السياسة لم تضع له مكانا تحت الشمس، فجاء باللهب إلى جسده. ليس هناك ما يمكن أن نعلق به سوى الذهول والرهبة. فعندما يبحث الناس عن العمل، أبناؤنا يبحثون عن الموت وعندما يبحث الآخرون عن كرسي، يبحث أبناؤنا عن تابوت، وعندما يبحث الآخرون عن مكان تحت الشمس، يبحثون عن مكان تحت الأرض. وبعيدا عن كل أمل، تتصاعد الأسئلة لتحرق ما تبقى فيهم من أمل، ومن رغبة في الحياة. لم يكن المشهد الرهيب لشباب يحرقون أنفسهم، كما يحرگ آخرون وطنهم بحثا عن سماء أخرى أو يحرگ قسم ثالث مجتمعه بحثا عن جنة عليا، ليمر بدون أن تتحرك فينا كل أشكال التذكر والذهول والرعب والعاطفة والغضب واليأس والانكسار.. ليس هناك كلام يمكن أن نقول غير صرخة فم مكتومة تنزل إلى الاحشاء لتحرقها وتمزقها.. ليس من حقهم اليأس؟ ربما، لكن ليس من حقنا أن ندفعهم إليه ولا أن نسوق أملا ليس فيه ماء.. هل احترقوا لأنهم يئسوا أم أنهم يئسوا لأنهم احترقوا وجفت أجسادهم من طول الانتظار.. في الماء .. نار لمن يحركون إلى الشمال الذهبي وفي سيدي مومن .. نار لمن يتوق إلى جنة المشتهى وفي الشارع .. نار من يريد أن يجد منصب شغل يخرجه من جحيم العطالة (ونحن الشعب الوحيد الذي يخرج من الجحيم.. بالاحتراق وباللهب في الجسد!). وإذا ما جمعنا كل هذه النيران، فإننا نخال أن بلدا كلها. مشواة كبيرة!! وأن الوطن يضع على رأسه قبعة طباخ أو شاو مشل شلول شلشل شول! هي رسالة من تحت .. النار لنا جميعا بأن شيئا ما يغرق في اللهب شيء ما يحترق في البلد.!!