في وقت كثر فيه أسباب اللهو ووسائله والإحساس العام بعدم جدوى كل ما هو جاد ونافع وعلمى، و ساد العبث وتراجعت القيم وأهمية الثقافة ،وتراجع عدد القراء ومستواهم ،فلم يعد الكتاب له وضعه كخير جليس ،في هذا الوقت ..اجرت مجموعتناالمبدعون العرب على الفيس بوك مسابقة القصة القصيرة فجاءت مشاركات الاعضاء لتطمئننا ان القراءه بخير واللغه العربيه وادابها بخير ... فمستوى المشاركين جيد جدا ومشرف وجاءت بمبشرات تدفعنا إلى تكرارها قريبا ومنها : * ارتفاع مستوى معظم الأعمال في الأسلوب ، والفكرة ، والتقنيات الفنية ، الى حد تقارب مستوى القصص الفائزة وغير الفائزة * التنافس القوي بين جميع الفئات العمرية للمشتركين ؛ بما ينم عن ازدهار قائم ودائم لفن القصة القصيرة. *تنوع فضاءات الحداثة في الأقصوصة والقصة الغامضة ؛إلى جانب القصة القصيرة ... والنصوص الفائزة هي : 1_ هديتا عيد الميلاد :أنس ابو عريش 2_ ثلاث جروح مؤنثة: أحمد إسماعيل 3_الحريق :وحيد وصفي محمد السعيد وقد أشادت اللجنه بقصتي حداد حرباء لنهله فراج وهذا المجتمع لتازي جلال هديتا عيد الميلاد / أنس ابو عريش : إنها أختي حياة ذات السبعة أعوام.ابتسامتها؟رقيقة تملأ المكان بهجة وسروراً.شعرها؟يا لشعرها الأسود الطويل الذي يفترش كتفيها!عيناها؟آه من عينيها الواسعتين الوامضتين. في تلك الليلة الهادئة ظلت تنتظر أبي الذي وعدها بهدية عيد ميلادها السابع، تلهو بدميتها الصغيرة مم نفسها أنه سوف يأتي قبل أن يدركها النعاس وتأوي إلى فراشها. لكن أبي خيب ظنها، فقد اتصل من مكان عمله في مستشفى الشفاء وأخبرنا أنه لن يأتي هذا المساء، لأن المستشفى بحاجة إليه. كان من الصعب علي أن أتحايل عليها لأجعلها تنام. رحت اخترع لها القصص الخيالية التي تنتهي دائماً بنهايات سعيدة، وغنيت لها أناشيد وأغاني خفيفة. ولكن كل هذه المحاولات كانت مكشوفة بالنسبة لها. أخيرا قلت لها: " أبي سيشتري لك هديتين بدلاً من واحدة في الصباح." فنظرت إلي بسخرية الأطفال وقالت: -" حسنا سأنام..ولكن يكفيك كذبا." استيقظتُ على صوت أمي التي تعد لنا الإفطار، حياة ما زالت نائمة تحلم بالهديتين. وأبي لم يعد من عمله حتى الآن. في هذه الأثناء دخلت أمي إلى حجرة نومي وقالت لي: -"اذهب واشتري لنا خبزا." وحذرتني أن أعود بسرعة خوفا من تجدد القصف. انطلقت باتجاه الفرن فوجدت طابورا طويلا من الناس ينتظرون دورهم. فأدركت على الفور أنني احتاج إلى عدة ساعات كي يصلني الدور. وقلت لنفسي:"فليكن خبز الغداء". كان السماء في تلك اللحظات غائمة والأمطار على وشك السقوط، فشعرت بالبرد، ورحت انظر من بعيد إلى نار الفرن الموقدة. في هذه اللحظة بالذات رأيت نارا أخرى تسقط من السماء، لم تكن نار الفرن. الناس يفرون، الطائرات المروحية تحوم في السماء.رفعتُ رأسي، فرأيت طائرة أباتشي بغيضة تحمل معها الموت. بدأت الطائرة تقذف حمما حمراء، وامتلأت الأرض والسماء بالدخان واللهب. فقررت العودة سريعاً إلى البيت. وبينما كانت المروحية تلقي بما تحمله من قذائف، شققت طريقي صوب المنزل. من بعيد رأيت منزلنا يحترق والناس يحيطون به، تقدمت بخطوات حائرة، ثم انطلقت كالبرق باتجاه المنزل. شققت طريقي من بين الجموع، ما أن وصلت، حتى رأيت الناس يحملونها: وجهها صغير يغطيه الغبار والدم، لم أستطع أن أقوم بأي حركة، مدت يدي المرتعشة إلى وجهها ومسحت الغبار عنه. وقلت لها: أبي في الطريق ومعه هدية عيد الميلاد . ثلاثة جروح مؤنثة / احمد اسماعيل " 1 " أنا .. خلف جدار جسدى المتقزم , أبدو كطائر أسطورى مجدول جسده من نار ونور .. هى .. نبتة بريّة تثمل بالندى فى الصباح البارد الكسول .. تلتهمها فتروى جدار حلقك المتشقق من نار العطش فى بحر الشوق والبعد .. كانت بريئة .. تتخيلها الآن تجردت من برائتها أمام المرآة , منتشية برغبتها وجسدها , وهو تنطبع صورته فى زاوية المرآة خلفها , قابعا فى الفراش كنمر متحفز .. ملعونة تلك المرآة _وحدها_ ترى مالا يراه الآخرون ... "2" أنا .. عاشق فان .. رغبتى كشعلة مقدسة تتوج قمم الجبال الغاضبة .. هى .. شربة ماء تتراقص بين كفيك , فترى صورة ابتسامتك على صفحتها .. ينتهى كل شىء ، إذا أحكمت قبضتك .. نظرتها التى تنغرس فى عينيه , تشى برغبتها الدفينة .. الخيانة تجرى فى دمائها الباردة وترتع ذراتها فى الجسد الملفوف بشرائح اللذة المحرمة ... "3"
أنا .. حائر بين ذاتى وذاتها .. سياط الحب تدفعنى للأمام .. حافة السقوط على بعد خطوات .. للأمام للأمام .. هى .. حضن دافء , يتخلل برودة الوحدة الكامنة بداخلك .. أم حلال كالمحرمة .. جسد كجسدك .. روح واجدة .. قالت : أخشى انا امسك بك , فيتركنى قطار العمر رهينة للانتظار , وبرد رخام المحطات .. تشبثت بالزواج , وأفلتتنى .. سقطت على القضبان القاسية .. دمائى الدافئة _وحدها_ كانت رفيقتى فى هذه اللحظات الباردة الحريق وحيد / وصفى محمد السعيد: شب حريق فى كل بيوت القرية ، إنتقلت محتويات الترعة من موقعها ، كل القش الهادئ فوق أسطح المنازل استحال ذرات من اللهيب . نساء خرجن من بيوتهن كاشفات الشعر للمرة الأولى ، و رجال كانوا يستعدون للاستحمام بعد ليلة قضوها فى أحضان زوجاتهم .. لم تكن لياليهم أبداً أكثر احمراراً من تلك الليلة . قط يجرى مسرعاً و ذيله المتأجج بالنار يلاحقه .. أصوات لم يألفها صمت مثل هذا الوقت . كل بيوت القرية ؟ الماشية تقف متفرجة مثل الباقين .. و دجاجات تتطاير من فوق الأسطح هاربة من نار مستعرة .. أطفال و صراخ .. إستعدت العشش المتناثرة وسط الغيطان لتلقى سكان البلدة ، يا حسرة من لا يملك أرضاً يزرعها .. لا عش لديه ! عروس تبكى شبكتها .. و رجال يحمدون الله أن ضاعت تحويشة العمر و لم تنفُق المواشى . النار كما لو كانت تتحاشى القتل ، فقط قامت بدورها فى نهب كل ثروات القرية المكنوزة فى البيوت . نجت كل الكائنات الحية ، و كأنما تركتها النار لتشهد هذا الحدث الجلل .. الكل حزين .. لم ينجُ من دائرة الحزن فى هذه الليلة سوى الحمير حداد حرباء / نهله فراج: رآها قادمة من بعيد ، ترتدى السواد كأنه قطع من الليل ، يعلوه قمر فى تمامه، وجهُُ منيرُ شديد البياض والصفاء عيناها تكتحلان برموش تداخلت شعيراتها كأنها مظلة من قيظ.... جلسا معاً على مقعدان متقابلان فى القطار الذى هم بالتحرك فور صعودهما. ينظر اليها محدثاً نفسه ................. ماذا حل بهذا الملاك؟؟؟؟؟؟؟؟ من فقدت ليستحق أن تُنسج داخل هذا الليل؟؟؟؟؟؟ أنتبهت لنظراته اليها فرفعت ساقاً عن ساق عامدة أن يظهر شيئاً من فتنة ساقيها فارتفع صدره وأنخفض، وقبل أن يحرك شفتيه سائلاً ، خلعت من أصبع يدها اليسرى دبلة سهلة الخلع.......................... هذا المجتمع / التازي جلال : عندما تبتدئ مسيرتك في ذلك الشارع الطويل المليء بالأضواء الباهرة أحمر ... أخضر ... أصفر ... كثيرة عي الأضواء التي تبهر عينيك ... عندما تصل إلى متصف الشارع لن تعرف من أين أتيت ولا إلى أين تتجه ويظهر لك أن هذا الشارع ليست له لا بداية ولا نهاية ... تذهب من هنا ... تذهب من هناك... ثم تعود إلى نفس المكان وكأنك تدور في حلبة مغلقة .. أي اتجاه تأخذ .. شمال ... جنوب ... شرق .. غرب ستعود إلى نفس النقطة، نقطة الانطلاق، تدور وتدور حولك هذه الدنيا هذا العالم وتمشي ورأسك إلى الأرض ... وتصطدم رجلك بزجاجة فارغة أو تغوص في بركة من الوحل .. وما زالت تمشي ... وتمشي ورأسك إلى الأرض حتى تصطدم بفتاة شبه عارية ، تضحك في وجهك ... ضحكات لا تشبه ضحكة الفتاة التي تريدها، تضحك لك ضحكة تظهر من خلالها أسنانها البيضاء السوداء وتخرج من فمها تلك الرائحة التي هربت منها، وتصرخ أنت وتهرب ... تهرب بعيدا وإحدى الصور لا تزال تطاردك، صورة تلك الفتاة التي ... اصطدمت بها .. وجهها المملئ بالأصباغ .. وشعرها الأزرق ! .. نعم شعرها أزرق الأول مرة ترى فيها فتاة بشعر أزرق ؟ أنا أيضا لأول مرة أراها ... وصوتها بدوي في رأسك ... كأنها تضحك في بثر، وتمسك رأسك كأنك تخاف أن ينفجر.. تمسك عليه بشدة كأنه سيهرب منك ... ثم تنتبه إلى طفل صغير في الزاوية ... يصرخ .. إنك تشبه إلى حد كبير هذا الطفل، كل البراءة في عينيه لكتن صراخه ينزل على قلبك كالسكاكين ... وهناك ... على الرصيف امرأة يظهر أنها أمه ... تبيع جسدها علانية ... على الرصيف وتضحك ضحكة تشبه ضحكة الفتاة التي اصطدمت بها ... ربما هي الأخرى لها إبن صغير ... لم يتعدى الخامسة من عمره .. يبكي ويصرخ في زاوية أخرى ... ثم تتذكر أنه يجب عليك أن تغادر هذا المكان .. هذا الشارع الطويل .. هذه الحلبة ... وتصرخ في هستيريا وتجري وعلى وجهك أفضح آيات الرعب وكأن الأشباح .. أشباح الجحيم تطاردك. وتصل إلى مكان لم تصل من قبل في هذا الشارع ... ربما الحلبة ليست مغلقة، ربما لهذا الشارع نهاية ... ربما هذه نهايته ... هذا المكان كان به باب كبير ... وفتحت الباب ... فتحته في بطء ... ليخرج إليك ضباب كثيف ودخان ضئيل ... وفتاة عارية تضحك وتسعل وصوتها المبحوح يخرج من فمها كفحيح الأفعى وتقول لك : تفضل ... مرحبا بك في عالمنا ... ها ها .. هئ.. وتتبعتها أنت مترنحا مذهولا لترى بأم عينيك أسمى معالم الفساد رجال ونساء عرايا يرقصون على نغمات فقدت رنتها، وخمرة في كل مكان ... وأضواء حمراء كأنها جمرات محرقة يصل ضوئها إليك ضئيلا كأنه يجد صعوبة في الوصول إليك ... أو كأنه سكران مترنح يكاد يسقط ولا يستطيع ... وتأتي إليك إحدى الراقصات وترقص بجانبك وتلصق جسدها بجسدك، جسدها العاري، المتعفن وتصعد مع أنفك رائحة الفساد ... وتقلب وجهك بعيدا عنها وترى ذلك السمين الذي يتدحرج فوق السلم ترى إلى أين يؤدي هذا السلم ؟ ... وذهبت إليه ... وتبعتك الراقصة ... وكان في آخر السلم باب وحيد لا تدري إلى أين يؤدي، ربما إلى خارج هذا العالم، هذا الكون ولا مضرة من أن تجرب وفي تلك الأثناء لحقت بك الراقصة وقالت : - هل أنت مستعجل إلى هذا الحد ؟ وأجبت : - نعم !.. مستعجل لم تدري على ماذا أنت مستعجل ؟ فقط أجبت بنعم .. وأدخلتك الراقصة إلى ما وراء الباب وأقفلته خلفكما .. ورأيت فراشا ناعما أحمر اللون فمنيت به نفسك، ولكن الراقصة لم تترك لك الوقت .. أخذت تدور و تدور، وتخلع ملابسها الداخلية وتعري نفسها أكثر مما هي عارية .. وتمسك بك .. وأنت لا تدري لماذا هي ماسكة بك ؟ وبدأت تتأمل ماذا هي فاعلة بك ؟.. في ذهول بدأت تراقبها وهي تمضي في عملها .. وتنظر إلى عينيك ... وتضحك ... كانت تنزع عنك ثيابك ... وشيئا فشيئا .. أصبحت عاريا .