غاظهم حديثك.. وراح مخبرهم بقسماته وملامحه الغريبة يروج لدعيات مغرضة. قد يكون سببها الغل والضغينة، أو تحريك ورقة خاسرة مقابل ربع هدية للاحتفاظ بالبقية بعد إتمام دوره لنيل ما تبقى من فتات مائدة ولي أمره ونعمته دون أدنى حشمة. وعلى حساب الأحرار الذين لا يخافون لومة لائم في قول الحقيقة. والغريب في الأمر هو أنه لا طعم ولا لون له غير قابل لأي تصنيف فهو بصاص فاشل، ومهرج غبي، ومرتزق محترف، وإذا كان أكبر أصدقائه سنا فهو أقلهم حياء، يتطاير الشر من عينه، تقرأ فيهما كل أنواع المكر والخديعة.. كما يتوفر على لسان سوقي حاد يؤهله عن جدارة واستحقاق لتفجير القذيفة وجميع مفردات العهر والشتيمة. وحتى الجريدة اليومية الناطقة بالوقائع والأحداث التي تجري وتدور في أوساط المدينة بكل دقة وتفصيل ومن مصادر موثوق بها وكأنه من الملاحظين والمراقبين إلا أنه مع الأسف الشديد فارغ الوفاض من الأدوات الإجرائية لتفكيك وتحليل أبسط الخطابات حيث يختلط عليه الحابل بالنابل فلا يدرك كنه الأمور، وهو بهذه المواصفات يبقى في النهاية وببلاغة مختصرة يشكل أشلاء لوحة غير فنية عنوانها "دل التسول" فهل يعقل أن يكون من طينة أمتكم؟ قلت له: "ربما أننا تربينا على الشفافية والوضوح، نقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت. فإنني سأكشف الغطاء معلنا عن هويتك أيها المرتزق لمن يريد أن يأخذ العبر من سلوكك بغية الإصلاح والتوبة وقد بدأت تقترب منها حسب ما يبدو". فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه، إن الله غفور رحيم، وتأكد على أن عهد الوشايات المريحة قد ولى في زمن الديمقراطية اليوم والذي يتطلب إقبار كل الوجوه ذات التجاعيد والنتوءات والتضاريس، تلك الوجوه التي مجها الشعب والناس. لأن ثوابت الديمقراطية بلغة مبسطة هي أنها وسيلة وأداة للمراقبة، والمتابعة، والمحاسبة لكل من يسعى إلى إفساد ضمير هذه الأمة. ذلك الضمير الذي نتوخى أن يكون وطنيا حيا لا تشوبه شائبة. مسكنه من حجارة كريمة لا تقدر بثمن. لذلك فإنا على يقين من حصافة رأي أستاذنا في الوطنية عندما قال: "ولكي نحق الحق بكلمة فاصلة نعلن براءة الوطنية من تلك العناصر المشبوهة التي تسربت إلى حظيرتها وصارت فيها دخيلة والتي تتخذ من الانتساب إلى الوطنية موضة وقتية تتزين بها وحلة قشيبة تتباهى بها ووسيلة تتوسل بها إلى ما تعبده من أصنام وتتعشقه من مناصب وتنزع إليه من أطماع.."