أقيمت قبل أيام دورة العربي الصبان في إطار الملتقى الوطني الرابع لفن الكاريكاتور بشفشاون ،باعتباركم أحد المشاركين في التنسيق الوطني لهذا الملتقى ، نود منكم أن تحدثنا عن الظروف التي مرت فيها الدورة ؟! الدورة هذا العام إستطاعت تثبيت حضورها في المشهد الثقافي بالشكل يلمح إلى حركة جديدة في الكاريكاتير المغربي ، رغم الإمكانيات البسيطة للقائمين على تنظيم و إنجاح الملتقي . لذلك أعتبرهذه النسخة الرابعة ناجحة ومؤكدة على ما تم التمهيد له في النسخ السابقة بإعادة الحياة للكرتون المغربي في صيغه الجماعية المفتقدة وإرجاع مسحة البريق التي إفتقدها طويلا منذ أيام الرواد والمؤسسين.. لماذا دورة العربي الصبان ؟ لاشك أن إسم العربي الصبان هذا الفنان المخضرم الرائد في الماضي والعنوان في الحاضر ليس إسم فنان فحسب بقدر ماهو تعريف مختصر لتجربة الكاريكاتير في المغرب منذ ظهورها في لحظة ما يشبه التأسيس وحتى هذه اللحظة ، لقد إستطعنا هذه المرة كفاعلين وكمساهمين في هذا الحراك الفني و عبر جمعية فضاءات تشكيلية بشفشاون تسجيل هذه النقطة الثمينة في اسرع الفرص وبأقل الإمكانات المفترضة لنحتفي بتجربة هذا الرسام المبدع و لنبشر بتأسسيس حاضر جديد لهذا الفن في بالمغرب ، يقوم على فضيلة الإعتراف بدرجة أولى . علاقة بموضوع الملتقى ، كيف تقيم آداء الكاريكاريست المغاربة ؟ المميز في هذه الدورة هو ظهور وتأكيد اسماء جديدة في المشهد ، لذلك جاء أداء الرسامين تصاعديا وطموحا وأكثر جاهزية مقارنة مع النسخ السابقة ، و واعيا كذلك بهذه المرحلة من واقع الكرتون المغربي وإكراهاتها . - هل يمكننا الحديث عن وجود كاريكاتور مغربي قائم بذاته ؟ بالنسبة لهذا السؤال ، يمكنني القول أن المغرب يتوفر على مجموعة مهمة من الأسماء المبدعة منذ زمن الرواد وحتى اليوم ، قام كل في مكانه بنحت تجربته الخاصة في غياب بيئة حاضنة أو مناسبة وفي غياب الدعم اللازم لتطور هذا الفن ، لذلك يبقى الكاريكاتير المغربي ثمرة لمجهود هؤلاء في إنتظار نضوج شروط أكبر وأكثر راحة للعمل الجماعي بصيغه المؤسساتية والمحترفة ، وبالطبع مع وجود صحافة حرة وجريئة توازي صحافة البلدان التي يعتبر فيها الكرتون فاكهة الصحافة الأحلى وجانبها الأكثر تشويقا .. بروز جيل جديد من رسامي الكاريكاتور الشباب ، هل انعكس إيجابا على مستوى هذا الفن بالمغرب ؟ و هل هو مؤشر على تغيير مستوى الفهم الفني لهذا الإبداع وطنيا ؟! في المغرب جيل من الرسامين أغلبهم من شباب منهم من بدأ النشر بشكل مبكر جدا ومنهم من بدأ حديثا في تقديم رسومه للجمهور ، وهذا الجيل يستثمر حاليا هذه الطفرة الرقمية وتأثيرها على تطور وسائط التواصل وأيضا على تقنيات إنتاج الكرتون وعرضه ، مما يدفع بهذه الممارسة نحو حالة اكثر تفاؤلا مما كان عليه الأمر فيما مضى .. كذللك نحن نستفيد من مساحات الحرية والإنتشار التي خلقتها هذه الثورة المعلوماتية الجديدة والتي لم تكن للتوفر للذين سبقونا الى هذا المجال ، و يعزز هذا الأمر تطور آخر على مستوى إنتشار و إستهلاك الصورة و إستيعابها من طرف الجمهور بالشكل الذي يخدمنا كمشتغلين على هذا الفن البصري ذي الطبيعة المتفردة . تتميز رسومك في غالبها بتقنية إحداث الصدمة لدى المتلقي ، و بعدها كان جريئا جدا ، هل من الضرورة أن يكون الكاريكاريست مواطنا مشاغبا ؟! في العادة أنا لا ألتزم بأسلوب محدد في تناول المواضيع ، حيث أعتبر نفسي رساما يبتدأ مرحلة البحث والتعلم ، فلا أمنع نفسي من التجريب المتردد لأكثر من أسلوب و طريقة ، فتبدو أعمالي أحيانا صادمة غير تقليدية ؛ وأحيانا أخرى عادية هادئة أو سطحية كذلك ، بالمقابل أصر على الإلتزام والإنتماء (ولو على سبيل المحاولة ) إلى الطبيعة المفترضة لرسام الكاريكاتير، المطبوعة بالرفض الواعي والسخرية المسؤولة . فرسام الكاريكاتير هو الشخصية الباحثة عن السخرية في أجمل المعاني وأذكى الأشكال ، وهو كذلك ذهن غير مطيع للقوالب الفكرية السائدة ، وغير ملتزم بالقنوات التقليدية في تصريف أفكاره ومشاعره ، هو فنان ملتصق بقضية الإنسان ومواطن لا تروضه الظروف الصعبة للحياة . نشرت لك العديد من المجلات العالمية ، في إيطاليا مثلا ، و القدس العربي .... لماذا لا نجد رسومك في جرائد وطنية ؟! بداياتي مع النشر كانت وطنية خالصة حين نشرت أول أعمالي بجريدة الديارالمغربية التي تصدر بشمال المغرب ، وبعدها إستطعت ترويج رسومي ؛ ولو بشكل متواضع معتمدا هذا التوفر الكبير في وسائط الإتصال والمواقع وشبكات التواصل ؛ دون معاناة كبيرة ولم أجد صعوبة عدا ظروف عملي البعيدة عن الصحافة والتي تمنعني من ممارسة هذا الفن بالشكل الذي يستحق... شاركت في تجربة الانتيتيمبو الإيطالية ، وهي مجلة متخصصة في الكرتون ، ونشرت في أكثر من منبر صحفي خارج المغرب على إمتداد السنتين الماضيتبين ، لكن بالنسبة للمغرب لا يمكن أن تحصل أو تنتظر نجاحا أوحضورسريعا لتجربة جديدة في الكاريكاتير عندما تستحضرالحالة الصعبة للمؤسسات الصحفية في المغرب ، ونحن نعرف أن الصحافة هي الحامل الأساسي والطبيعي للكاريكاتير في كل الأوقات ... للأسف المؤسسات الصحفية في المغرب في أغلبها لا تراهن على هذا الفن ، إما بسبب حساسياتها القديمة القادمة من العهد البائد ؛ وإما بسبب جهل غير متعمد بقيمة هذا الفن الصحفي الشديد الجماهرية.. لذلك فرسام الكرتون المغربي هو في نفس الوقت هو حالة موجودة ومؤجلة...فليس غريبا أن لا تعثر عليه في هذا المشهد حين تجده .. المتتبع لحركة الكاريكاتوريين الشباب ، يرصد وجود " اتحاد " فايسبوكي لهؤلاء، هل هو تمرد على التمركز الذي يشهده هذا الفن في محور جغرافي معين ، ام مجرد تواصل بريئ فنيا بعيدا عن أي إقصاء ؟! إذا كان علينا أن نشكر أحدا كرسامين مغاربة ؛ فعلينا أن نرفع آيات الشكر إلى مارك زوكربيرغ مؤسس موقع الفيس بوك ؛ الذي أتاح لنا أن نتقاسم هذا الفن مع بعضنا البعض، بدون مقص مدرب لرقيب أو ممسحة لرئيس تحرير قادم من تكنة الدرك الملكي .. بالتأكيد لا يوجد أي تمرد على التمركز ؛ لأننا في عصر سقوط المركزية من الأصل ؛ بل بالعكس إستطعنا كرسامين عبر الفيس بوك تحقيق تجمع متواصل لفنانين من كل مكان في هذا البلد فقط لأن هناك قلق مشترك يجمعنا.. رسام الكرتون حالة نادرة جدا لذلك يجب حمايتها من كل الأمراض المسوخية التي تحفر مشهدنا الثقافي المغربي والعربي ؛ بما فيها من مركزيات وشخصانيات وفصاميات .... و كل ما طبع العمل الثقافي المغرب كلبنة فكرية من منذ ظهور المطبعة وحتى عصر الآيباد ! هل النشر الإلكتروني أدى إلى تكافئ الفرص بين الفنانين ، ام إلى تسيب في القطاع ؟! قد لا يبدو معنى تكافئ الفرص واضحا عندما نتكلم عن النشر الإلكتروني في المغرب ، فهذا النشرالإفتراضي على أهميته يخفي كثيرا من الفوضى والتخبط ... ليس عندنا قوانين للنشر الإلكتروني من الأساس ؛ والقطاع يحبل بكثير من الإرتجالية والإستغفال وغياب التقدير المناسب ، لذلك تكون إستفادة الرسام من النشر الإلكتروني غير ذات معنى وأقرب الى عدم الإستفادة في أكثر من الأحيان... هل يمكن الحديث عن كاريكاتور يعيل صاحبه أم انه يظل إبداعا غير ذي قيمة مادية ؟! (ضاحكا) نعم في هولاندا هناك كاريكاتير يعيل صاحبه ...!! بصفتك مسؤولا في بيت لبيت الكرتون العربي وممثللا للمغرب هناك ، كيف هو وضع هذا الفن عربيا ، و ما مستوى المغرب بين الدول العربية ؟ خريطة الكاريكاتير في العالم العربي متباينة الى حد معين ، وللأمر علاقة بالظروف السياسية والفكرية وكذا حالة الصحافة ومستويات حضورها وإستهلاكها في كل دولة على حدة ، أستطيع القول إن مصر بتقاليدها القوية والراسخة في هذا الفن تبقى الدولة الأولى عربيا التي يعتبر فيها الكاريكاتير شأنا يوميا للجمهور، في حين تبرز دول عربية أخرى بفنانيها كعلامات مضيئة جدا في هذا الفن كما هو مثلا حال الأردن . بالنسبة للمغرب ؛ ورغم توفرأسماء كبيرة ومهمة ؛ يبقى الكاريكاتير فيه أقل حضورا وتأثيرا في حياتنا الصحفية والفكرية وأخبى بريقا مما هو مفترض فيه أن يكون ، يبقى أن القادم مبشر جدا والرهان كبير على هذا هذه الرجة القوية والخلاقة التي يعرفها الإنسان خصوصا في وطننا العربي ! . لماذا الشرادي مبدع وطنيا ... غير مبدع بين القنطرتين ؟! مبدع هو لقب أكبر مني بكل تأكيد وأتمنى أن أستحق يوما هذا التوصيف .... بالنسبة لمدينة القصر الكبير، يصعب على رسام الكرتون أن ينطلق من مدينة لا تتوفر فيها حتى أقلام صالحة للرسم... واقع المدينة وعزلتها معروفة ، لكننا ندين لها دائم بالحب الذي زرعته في دواخلنا وبتلك الطاقة الخفية التي تجعلنا نراها بوضوح كلما إبتعدنا ..