[الصبان يوقع في سجل ملتقى الكاريكاتير ] شفشاون - "مغارب كم": بوشعيب الضبار قال الفنان العربي الصبان، أحد رواد رسم الكاريكاتير في المغرب، إن الحديث عن هذا الصنف من التعبير الفني "مشكلة في حد ذاتها،"مشيرا إلى " أن هناك طابوهات في السياسة والدين والجنس، مازالت مطروحة بحدة، وتمنعنا من أن نبدع أكثر،" على حد قوله. وأضاف الصبان، خلال لحظة تكريمه في الملتقى الوطني الرابع للكاريكاتير، الذي سيختتم مساء اليوم الإثنين، بمدينة شفشاون،بعد برنامج حافل بعدد من الأنشطة والأوراش الفنية،أن نقطة الارتكاز في الكاريكاتير هي الفكرة، باعتبارها الأساس قبل الشروع في المعالجة الفنية لأي موضوع من زاوية السخرية. وأضاف أن الفكرة، هي نتاج للخلفية المعرفية للرسام في تفاعله مع الأحداث، ومواكبته واستيعابه وقراءاته لها بعين الناقد المتفحص،الباحث عن مكامن الخلل. وأوضح أن مهمة الرسام تصبح سهلة،بعد عثوره على الفكرة، " لأنه متعود أصلا على ممارسة الرسم،"ملمحا إلى أن الصعوبة تكمن أولا وقبل كل شيء في المضمون المراد طرحه برؤية كاريكاتورية. ووصف الصبان الفكرة بأنها بمثابة " حاجز حقيقي أمام الرسام،" لايمكنه المرور إلى مرحلة التنفيذ الفني إلا بعد أن يجهد نفسه كثيرا في التوصل إليها،لأن" دور الكاريكاتير هو إعادة قراءة الواقع بشكل واع وممنهج". وشبه الصبان كل من يقوم برسم الكاريكاتير بأنه مثل الصحافي المسكون بهواجس مهنته، والمنشغل دوما بقضايا مجتمعه، ولذلك فإن تفكيره متقد دوما، منذ استيقاظه من النوم، وطيلة ساعات النهار. وشدد على أن الكاريكاتير موقف ورسالة وقضية، والرسم الناجح هو الذي يراه المتلقي منشورا في الصحيفة، فينتابه الشعور بأنه " يستطيع أن يرسم مثله"، مما يعني السهل الممتنع. وذكر عبد الغني الدهدوه، رسام الكاريكاتير بيومية " المساء" المغربية، أنه وبعض رسامي الجيل الجديد، كانوا يعتبرون اللقاء مع الصبان" حلما بعيد المنال"، قبل أن يكتشفوا بساطته وتواضعه وتشجيعه للجميع. وتابع الدهدوه :" نحن لاننكر أبدا ، أننا أبناء العربي الصبان، وخريجو مدرسته، رغم انفتاحنا على أساليب فنية أخرى، فهو يظل بالنسبة لنا القدوة والمثال." وانطلاقا من تجربته،اعترف الدهدوه، أن الصبان يمارس فنا " من الصعب القبض على ناصيته كل يوم"، ولاحظ أنه قادر على ابتكار رسم جديد كل يوم،تتوفر فيه جميع العناصر الفنية، وعلى رأسها الجودة والإتقان. واستغرب الدهدوه لكون أية جهة رسمية لم تبادر من قبل إلى احتضان تكريم الصبان، رغم انه يستحق ذلك عن جدارة، كما أن التلفزيون المغربي الذي يملأ برامجه بأغاني "الشيخات"، لا يلتفت إليه، باستثناء برنامج " مشارف " للإعلامي والشاعر ياسين عدنان، الذي استضافه في حلقة خلفت أصداء إيجابية لدى المشاهد المغربي. وعلق الصبان على هذه الملاحظة بقوله، مخاطبا الحاضرين:" إن تكريمي من طرف الملتقى الوطني للكاريكاتير أفضل بالنسبة لي من أية جهة رسمية، ومن كل القنوات التلفزيونية الثمانية، وضمنها " الدوزيم"، التي لاأراها ولاأسمعها". واستعرض محمد الخزوم، رسام الكاريكاتير، وأحد منظمي الملتقى، محطات من المسيرة الفنية للعربي الصبان،واصفا إياه ب" الهرم الفني" الذي استطاع من خلال ريشته، "أن يعبر بإسمنا جميعا، ويحمل همومنا، ويجهر بصوت الحق في زمن كان الباطل مسيطرا ولايزال،" على حد قوله. وأشاد الخزوم ب" مهماز" الشخصية الفنية التي استلهمها الصبان من قلب المجتمع،لتكون المعبر الأمين عن تطلعات الناس البسطاء في كفاحهم اليومي من أجل الحق في الحياة والعدالة والكرامة الاجتماعية. وأكد المتحدث "أن شخصية " مهماز" كانت وستبقى نبراسا للأجيال اللاحقة لتسجل بصماتها عميقا في ذاكرة التاريخ، منذ أن سطع نجم مبتكرها في سماء الحرية، في وقت هيمن فيه الجبروت والطغيان". واستطرد الخزوم أن الكلمات لاتسعفه، مهما حاول الإمعان في التعبير ، عما يكنه للمحتفى به من تقدير واحترام، نظرا "لكونه يشكل ضميرنا جميعا، وضمير كل مواطن وإنسان مغربي، وهو أكبر من كل تكريم، وأشهد للتاريخ أن أمثاله قليلون في زمن الفوضى الفكرية." ونوهت نزيهة البشير العلمي، رئيسة جمعية " فضاءات تشكيلية"، التي نظمت الملتقى الوطني الرابع للكاريكاتير في دورته الرابعة، بما تنطوي عليه عطاءات الصبان من رصيد فني مهم، أثرى الكاريكاتير المغربي، وزوده بشحنة من التجدد والامتداد، في ارتباطه مع تحولات المجتمع. وقالت نزيهة إن مسار الصبان" عالم قائم بذاته"، وأنه " كفنان وإنسان، لايمكن لأي شخص اقترب منه أو عاشره إلا أن يحبه بعمق، لبساطته وخفة روحه المرحة الخلاقة." وبدوره ساهم محبر هذه السطور بشهادة في حق المحتفى به، نظرا للصداقة التي تجمعه به، فقال إنه أعطى الكثير للكاريكاتير .. وما يزال، فقد كرس حياته كلها للكاريكاتير، حتى صار مدرسة تخرجت منها عدة اجيال فنية، ولم يبخل يوما بالتشجيع والنصيحة على أي وافد من الشباب على الكاريكاتير. وذكر في معرض كلمته، أن الصبان ضحى ماديا من أجل أن يصبح للكاريكاتير منبره ولسانه وصوته.فقد اقترض الفلوس من البنك في سبيل إصدار جريدة " المقلاع"الساخرة، التي، للأسف الشديد، وككل شيء جميل، لم تعمر طويلا، لغياب الدعم المادي، والحرمان من الإعلان، وظل يدفع الأقساط الشهرية للبنك مدة خمس سنوات، بعد توقف المشروع. وسجل أنه من الصعب جدا الإلمام بتجربة الفنان الصبان من جميع جوانبها، بحكم شساعتها، ونظرا لما راكمه من عطاءات يستحيل الإمساك بها في لحظات وجيزة من الزمن. وأضاف أن " في حياة الصبان انعطافات وعلامات فنية كثيرة، فهل يتوقف المرء عند اشتغاله في " لوبنيون" بالفرنسية؟ أم عند جريدة " اخبار السوق" التي كانت فتحا جديدا في عالم الصحافة الساخرة بالمغرب؟أم عند " العلم" الذي ارتبط بها لسنوات كثيرة؟ أم عند جريدة " القدس العربي" التي كان يطرح فيها أشجان الشارع العربي؟ أم عند يومية " الأحداث المغربية" التي يواصل من خلالها الإطلالة يوميا على المعجبين بفنه؟". وخلص محبر هذه السطور في شهادته إلى القول إن المحتفى به مثقف شمولي، قاريء نهم، ومتابع للأحداث السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية،لاتفوته صغيرة او كبيرة، كما أن التعليق عنده حاضر دائما. ومن خلال حديث عابر في المقهى أو الشارع، يمكنه استنبات عشرات الأفكار، مع كيفية تنفيذها على الورق، لتصبح لوحة نابضة بالسخرية من الأوضاع المقلوبة، وهو بخفة روحه ودمه، يستطيع أن يحول جلسة مع أصدقائه الحميميين إلى حلقة للنقاش الفكري،وفضاء للتندر والتفكه. في ختام الحفل الذي احياه شباب من المعهد الموسيقي، تم تسليم المحتفى به هدايا رمزية، كلها من منتوجات المدينة، وتحمل بين ثناياها رائحة أرضها المعطاء، وهواء بيئتها الخضراء، وشموخ جبالها الشماء، وبصمات أصابع صناعها وفنانيها البسطاء. *تعاليق الصور: الصبان يوقع في سجل ملتقى الكاريكاتير – تكريم الصبان في ملتقى الكاريكاتير بشفشاون [Share this]