مدينة القصر الكبير، على الرغم من قيمتها الثقافية، كحاضرة ضاربة في أعماق التاريخ ، ظلت على مدى عقود من الزمن، مدينة هامشية وشبه جماعة قروية.والسبب عدم إهتمام كل المجالس البلدية المنتخبة المتعاقبة بها ودون الإلتفات بواقعها وبنيتها .. ، ورد الإعتبار لكل أطياف الفئات الإجتماعية وعدم إقصائها. فبالرغم من التضاعف المهول لعدد سكانها خلال القرن الماضي عدة مرات والناتج عن كثرة الهجرة القروية إليها، لا يوجد بها مركب ثقافي يتوفر على محترفات لجميع الأجناس التعبيرية الثقافية و الفنية من مسرح هادف وموسيقى راقية وتشكيل تقليدي و حداثي وفكر وأدب ، وخليات متخصصة كفئة تهتم بالحفاظ والاطلاع على أهم ماتشتهر به المنطقة من تراث وعادات وتقاليد وفلكلور بكل أنواعه....لاوجود لفضاأت مؤهلة للمعارض ولا إهتمام ملموس يأخد بعين الإعتبار النوعية للتعبير التشكيلي التقليدي منه والحداثي المعاصر . لا مراكز محلية للشباب موجودة على مستوى الأحياء والمناطق وتضم أجهزة رياضية وصالحة لكافة الأعمار ..، لا توجد ملاهي وحدائق خاصة بالأطفال ولديها مجموعة واسعة من الألعاب المسلية... إفتقار للملاعب الرياضة الخاصة بتدريب الناشئين .... ، ولا دار للمسنين ترفيهية خاصة بالعجزة والمتقاعدين تقدم لهم برامج صحية ونفسية واجتماعية وترفيهية ... حتى لايصاب المسن المسكين بالإحباط ولا يشعر أنه أصبح مجرد عنصر هامشي في الحياة ولا يتمتع بزخارفها.... كل المحيط البيئي الجميل للمدينة، حوله سماسرة العقار الى ركام و وإحتلوا كل فضاءاته الجميلة وشوهوه ، وقاموا بالإغلاق التام لكل ماتبقى من دور السينما، وتم طمس كل ماتقبى من معالم ، كمعلمة السويقة التي تحمل إسم لكاتب عالمي - بريز كالدوس - كمسرح وقاعة سينما . حيث مازالت العديد من الأجيال تعيش الحنين للدور التي لعبته سينما السويقة بأفلامها الهندية العاطفية في محاربة العنف ووباء سرطان الانحرافات الأخلاقية والعقليات العتيقة المتشددة وإعتراض السبيل، فضلا عن ا لخدمات التي قدمتها للعديد من البسطاء بائع الحلويات والفواكه الجافة، والأكلات الشعبية الخفيفة( المحرحرة من بطاطس وحلزون بنكهة التوابل وعشبة الزعتر ). فيما يخص المكتبات الثقافية بمواصفات حداثية في مدينتنا فهي شبه منعدمة.. .والفقر الثقافي الفني والبصري التشكيلي في التمييز بين الفن الحديث والتقليدي والفن المعاصر والتشويه يسود كل أبعاده الجمالية والبلاستيكية ...بسبب الغياب لإطارات مؤهلة ومتخصصة لها تكوين أكاديمي وحداثي وفهم لجميع التراكمات التي عرفها فن الحداثة ومابعد الحداثة، وغياب ناقد محلي عالم له دراية بتاريخ الفن وفهم في المجال الفني والشأن الثقافي و قادرعلى قرائة كل الإتجاهات المحلية والعالمية. القصر الكبيررغم العدد الكبير من الرسامين المحليين والمغتربين عصاميين ودارسين من رواد وشباب الكل تائه ، إما بسبب ظروفه الإجتماعية أو غروره الأنانية والمبنية على الوهم والسداجة والرؤية الفنية المحدودة ، و..و..و.. والثقافة الحديثة للفنون وخصوصا على المستوى المحلي في هذه المدينة تعاني من فراغ تام ورغم كل المحاولات التي تقوم بها بعض الجمعيات ...والغيرة لبعض الإخوة الغيورين ، تظل كل تضحياتهم ومحاولتهم للدفع بالمدينة إلى الأمام في مهب الريح وغالبية الأنشطة الفنية للمعارض التشكيلية تقام بعشوائية وبرمجة مجانية كرنفالية أكتر منها فنية هادفة وشبة مدرسية وتربوية ، ودون منظور ثقافي معمق يأخد بعين الإعتبار تناقضات حساسية الفترة الزمنية المعاصرة. و كل الأنشطة تدورفي دائرة مغلقة و فضاأت ضيقة فقيرة وفي أندية معزولة، وتفتقر للموارد المادية والمعنوية وتعمل في مجال محدود ، وليس لهاأدنى خطاب تواصلي تحسيسي دو أبعاد تأثيرية على المجتمع المدني المحلي ، أو جدب للزائر والسائح الدي يريد التعرف على الغلاف الجوي الثقافي والسياحي للمدينة. ومن مآسي هده المدينة إنعدام النظافة وإفتقار لصرف صحي وصيانة مستمرة ومنظمة من تنظيف لشوارعها والحفاظ على رونقها ، الفوضى والتسيب في كل صوب وحدب، وإحتلال اللأرصفة والشوارع من طر ف الباعة المتجولين وأرباب المقاهي شيئ غريب ومفزع ، غالبية الراجلين يفضلون المشي وسط الطرقات ، إختلاط الأجسام البشرية مع العربات والسيارات والحيوانات ( عبارة عن لوحات تعبيرية تجريدية تتسم بالقوة الحركية المتشابكة) و السير تسوده الغوغائية وقانون الغابة ، ومما يؤدي إلى تلوث عالي بسبب بطء السير وقوة الدخان المنبعث من المحركات. فيما يخص المناطق الخضراء والحدائق الجميلة فهي في تعداد المفقودات ...كل المحيط المعماري والتصميم في البناء يتشابه وعبارة عن صناديق مصففة و معظمها بدأ يفقد الطابع المعماري الأندلسي لماضي المدينة وطمس العديد من معالمها العتيقة ، أما خطط البناء الحديث فشبه منعدم رغم الغنى الفلاحي والإقتصادي لجهة الخلوط وخصوبة تربة منطقة حوض اللكوس الزراعية ... ... وختاما نتمنى من ممثلي المدينة أن يتداركوا الوضع ويضعوا حدا للفراغ والتسيب ، والجمود والغربة القاتلة لمنطقة لعبت دور طلائعي في تاريخ المغرب من خلال ماضيها العريق لدحرها للغزاة الطامعين في معركة واد المخازن...و ما أحوجنا أن تستعيد مدينتنا ماضيها القريب والبعيد وذلك من خلال تدشين مهرجان ثقافي شعبي كبير وسياحي وفلاحي سنوي يحتفل بقيمتها ورعايها الأوفياء بسطاء وأثرياء ، بإحياء أسبوع ومهرجان جديد لمدينة القصر الكبير بنكهة تراثية أصيلة ونهضة حداثية معاصرة ، ويضع حدا لثقافة العبث و اللوبيات والخدع والتطلعات الضيقة لخدمة المصالح الشخصية وعقلية كان أبي ... و أخيرآ أكرر نناديكم باسم الناوايا الحسنة والشغف و الحب الطاهر لمدينتنا أما آن الأوان لفتح أبوابها وإخراج الكل من الظل الى النور... * تشكيلي مغترب