يعرض متحف فن العيش المتواجد بدرب الشريف في حي ديور الصابون في باطن مراكش العتيقة موسمه الثقافي والفني لهذه السنة، بمعرض للصور الفوطوغرافية التي تتوحد حول إبراز مكنونات فن الحدائق وثقافة البستنة في المغرب، وبمختلف بلدان العالم ذات العلاقة بهذا الفن التليد، إنطلاقا من صور الحدائق المغربية العربية الإسلامية المنحدرة من الثقافة الأندلسية إلى الحدائق الصينية والحدائق اليابانية ذات التميز البهيج ، ومن الحدائق الإنجليزية وإلى الحدائق الفرنسية بكل أشكالها، تتوزع صور الفنانين الفوطوغرافيين العارضين في صالات متحف فن العيش بحي ديور الصابون بعمق المدينة العتيقة بمراكش، تترجم مكنونات الحدائق ، وعوالم التنسيق بها وتطور عمليات إنشاء الأصناف النباتية الجديدة من خلال تقنيات التهجين ، وتطوير التكنولوجيا الحيوية، التي أثرت تأثيرا عميقا على الحياة النباتية والمناظر الطبيعية في المغرب كبلد يوجد على مفترق طرق بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، ويحظى بتنوع المناظر والتضاريس وتباين المناخات. بدءا من الغابات الكثيفة ، إلى الشواطئ الرملية المترامية،وبدءا من القمم الجليدية الأطلسية إلى الكثبان الرملية في الصحراء، وبمختلف أنحاء العالم. كما يبرز المعرض الذي يحتضن أعمال كل من الفنانين الفوطوغرافيين عبد الرزاق بنشعبان و نورالدين التلسغاني ، نديم حسن ، عبد الله المحمودي ، جمالية توظيب الأزهار وتنسيق الورود وتموقعات النباتات ، والأشجار في أشكال متمايزة تسترعي الأذواق، وتمثل محطات إرتياح للعين والنفس والعقل جميعها ،صور فوطوغرافية عمد مبدعيها إلى إستحضار فنية تنسيق الحدائق بوجه عام، كفضاءات طالما لجأ لها الإنسان عبر التاريخ من أجل التمتع بمباهج الطبيعة، خاصة بعد إستفحال ظاهرة توسع المدن،بسبب الإنفجار الديموغرافي وانتشار الغابات الإسمنتية والأبنية الشاهقة وإفتقاده في ضنك حياته اليومية للمظاهر الجميلة والفطرية للطبيعة، وعدم قدرة الإنسان على التفاعل المباشر معها، رسائل فوطوغرافية يحاول كل من عبد الرزاق بنشعبان و نورالدين التلسغاني ، نديم حسن ، عبد الله المحمودي ، أن يحصروها بعدساتهم من خلال إمتدادات الطيف والضوء، ومن مختلف الزوايا في حدائق هي تيمة المعرض، وبلمسات جمال تعكس توحد الإنسان مع الطبيعة . من جهة أخرى، تنم الصور المعروضة بمتحف فن العيش على قوة إنتقائية الفنانين العارضين للموضوعات وقدرتهم على توظيف عدساتهم لإبراز مدى إمتزاج فن والتوظيب فضاءات الحدائق بمستجدات التكنولوجيات الحديثة والجماليات الحداثية والتقليدية المرتبطة بتأثيت الحدائق ، وبمقومات الحفاظ على كنونات الطبيعة المتدفقة بالجمال والبساطة والقوة والتلقائية مشكلة أنغام بصرية لسمفونيات لاتنتهي. . هذا، وتأتي أهمية المعرض الفوطوغرافي الذي تستعرض صوره إختلافات فن الحدائق، من كونه يقدم لكلِّ متذوقٍ لجمال النباتات والأشجار وكل العناصر المكونة للحدائق، ولكلّ مهتم بتنسيق هذه العناصر ودلالتها الثقافية الحضارية والفنية ، وأساليب هندستها وأشكال تصاميمها و فن تشكيل تجمعات الحشائش والنباتات والأزاهير ومدارج المياه والعرائش في البساتين. و تنوع مساحات المسطحات الخضراء ، والترابية والحجرية، والغوص في مضامين التراتبية الكامنة بين الأشجار والشجيرات، وبين المتسلقات من نباتات اللبلاب والأروكاريا وبين السياجات والعوازل والكراسي وأثاثات الحدائق التي تحتل أهمية أساسية في تنسيق الحدائق لما تعطيه من انطباع بالراحة النفسية عند الجلوس للاستمتاع بالمناظر الرائعة للحدائق ذات التنسيق المدروس كما تعكسه الصور الفوطوغرافية بمعرض فن العيش الذي يحمل رسالة لزواره ورواده مفادها مطالبة الفنانين الفوطوغرافيين العارضين باعتبار الحدائق تراثا غنيا بالدلالات الحضارية والبيئية والطبيعية تحتم الوئام بين فن العيش و الطبيعة في المغرب وفي باقي بلدان العالم . محمد القنور