لجنة الصحافة توضح بشأن معتقلين    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بشأن تحديد قائمة أنشطة الشركات الصناعية للاستفادة من الإعفاء المؤقت من الضريبة    تعيين منير بغداد مديرا جديدا للمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بتطوان    وفد من رجال الأعمال الفرنسيين يزور مشاريع هيكلية بجهة الداخلة-وادي الذهب    بالفيديو.. محمد شوكي يدافع عن مشروع قانون المالية ضد "خطاب التضليل"        الحكومة تعلن استيراد 20 ألف طن من اللحوم الحمراء المجمدة    مكتب الجامعة الحرة للتعليم بالناظور يستنكر حملة التشهير ضد أطر إدارية بالمديرية الإقليمية        المنتخب المغربي يخوض آخر حصة تدريبية مساء اليوم الخميس تأهبا لمواجهة الغابون    الروائي والمسرحي عبد الإله السماع في إصدار جديد    ملتقى الزجل والفنون التراثية يحتفي بالتراث المغربي بطنجة    نشرة إنذارية…هبات رياح قوية على المرتفعات التي تتجاوز 1500 متر اليوم وغدا بعدد من أقاليم المملكة    خلال 24 ساعة .. هذه كمية التساقطات المسجلة بجهة طنجة    نشرة إنذارية.. هبات رياح قوية مع تطاير للغبار مرتقبة اليوم الخميس وغدا الجمعة بعدد من أقاليم المملكة    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح            تايسون يعود إلى الحلبة في سن ال 58 لمنازلة "يوتيوبر" يصغره ب 31 عاما    اجتماع موسع بمقر ولاية جهة مراكش آسفي حول إنطلاق أشغال تهيئة حي جليز        معدل الإصابة بمرض السكري تضاعف خلال السنوات الثلاثين الماضية (دراسة)    تمديد آجال إيداع ملفات الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية    توقعات احوال الطقس.. ارتفاع درجات الحرارة بمنطقة الريف    "الاتحاد الاشتراكي" يتهم الحكومة بالضغط على البرلمان من أجل الإسراع غير المبرر في مناقشة مشروع قانون المالية    مركز إفريقي يوصي باعتماد "بي سي آر" مغربي الصنع للكشف عن جدري القردة    الاحتيال وسوء استخدام السلطة يقودان رئيس اتحاد الكرة في جنوب إفريقا للاعتقال    الدولة الفلسطينية وشلَل المنظومة الدولية    عودة ترامب الهوليودية و أفول الحلم الأمريكي ..    أسعار النفط تنخفض بضغط من توقعات ارتفاع الإنتاج وضعف الطلب    إطلاق برنامج دعم السكن القروي وتقليص الفوارق المجالية لعام 2025    خلال 10 أشهر.. القيمة التسويقية لمنتجات الصيد الساحلي والتقليدي تفوق 9 مليارات بالمغرب    عواصف جديدة في إسبانيا تتسبب في إغلاق المدارس وتعليق رحلات القطارات بعد فيضانات مدمرة    "هيومن رايتس ووتش": التهجير القسري الممنهج بغزة يرقي لتطهير عرقي        حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    نيوم تستضيف ختام الجولة العالمية FIBA 3x3 وتتوج فريق ميامي باللقب    إسرائيل تقصف مناطق يسيطر عليها حزب الله في بيروت وجنوب لبنان لليوم الثالث    فرنسا.. الادعاء يطلب حبس مارين لوبان وحرمانها من المناصب العامة لمدة خمس سنوات    اليوم العالمي للسكري .. فحوصات وقائية للكشف المبكر عن المرض    هذه أسعار أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    بعد السيارات والطائرات .. المغرب يستعد لدخول غمار تصنيع القطارات    غينيا الاستوائية والكوت ديفوار يتأهلان إلى نهائيات "كان المغرب 2025"    الجيش الملكي يمدد عقد اللاعب أمين زحزوح    كيوسك الخميس | المناطق القروية في مواجهة الشيخوخة وهجرة السكان    استمرار انقطاع الأدوية القلب يثير القلق بين المرضى والصيادلة في المغرب    ترامب يعين ماركو روبيو في منصب وزير الخارجية الأمريكي    غارة جديدة تطال الضاحية الجنوبية لبيروت    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    "الفعل الاجتماعي" في المغرب .. مسؤولية الحكومة وانتظارات المواطن    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي        إفريقيا تعتمد اختبار "بي سي آر" مغربي الصنع للكشف عن جدري القردة    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في دائرة الحوار : مع الشاعر و المترجم نور الدين الدامون

حول الشعر لهذا الشاعر وترجمة بعض الكتب والشعر الغربي خاصة، خلال الزمن الجميل في سنوات الرصاص والجمر المتقد وغيره، والآن….
تمهيد لابد منه:
في السنوات الأخيرة زادت قريحة هذا الشاعر الشعرية بالعطاءات المتميزة والجيدة في الشعر المغربي الحديث خاصة وقد أصدر عددا من الدواوين الشعرية التي أنتجها بتواصل واضطراد، وازداد عطاؤه الفكري والإنتاج الشعري المترجم بدواوين عديدة وأساسية من الشعر الغربي وفطاحله، وكتاباته مختلفة عن السائد اليوم، لأنه من جيل السبعينيات…
نبذة مختصرة عن هذا الشاعر المتبصرو والمترجم المتمكن… هو من مواليد قرية أمجادي آل سريف قيادة تطفت القريبة من مدينة القصر الكبير العريقة والتاريخية…
حاصل على الإجازة في الحقوق من جامعة محمد الخامس بمدينة الرباط في السبعينيات خلال سنوات الجمر المتقد…
سافر إلى مدينة باريس لاستكمال دراسته العليا، وتعرف هناك على الأدب الغربي، ونهل منه الشيئ الكثير.
نشر عند بداية منتصف السبعينيات الشعر المتفتح والمتحرر والملتزم بقضايانا في الصحف والمجلات الوطنية والعربية مثل: المحرر العلم الاتحاد الاشتراكي بيان اليوم القدس مجلة أقلام المغربية والأقلام العراقية آفاق عربية آفاق اتحاد كتاب المغرب مجلة أخبار الأدب المصرية الثقافة المغربية التي كان يرأس تحريرها الأستاذ والشاعر والناقد والدكتور محمد بنيس (المأسوف على فقدانها).
شارك في الملتقيات الشعرية لليوم العالمي للشعر، وتظاهرات أخرى.
صدرلة:
* الوقوف بين الأسماء شعر سنة 1999.
* ويشرقون موتا شعر سنة 2010.
* كم الساعة في الكون شعر سنة 2011.
* صبحنا خطوة بين خوفين شعر سنة 2012.
* لم ينزل الملاك بعد سنة 2011.
ومن مترجماته:
* أنطلوجيا الشعر الفرنسي للقرن العشرين دار الناية بيروت 2013.
* الواقع والرغبة لويس سيرندا 2010.
ويهتم الشاعر نور الدين الدامون بالترجمة الأدبية وبكتابة الشعر، وفي هذا الميدان فإنه يتوفر على دواوين عديدة مرقونة ينوي نشرها، من على سبيل المثال:
أنطولوجيا الشعر الإنجليزي في جزأين.
مختارات من شعر ستفان مالا رمي.
مختارات من الشعر الإيروسي الفرنسي.
إقامة على الأرض لبابلو نيرودا.
الأعمال الشعرية الكاملة لسيزار فايخو.
الذاكرة العليا لمصطفى النيسابوري.
متى يعبرون؟. طيور تنشد / سماء في حداد.
س 1) من هو الشاعر والكاتب والمترجم لأهم الكتب نور الدين الدامون؟
ج) الشاعر هو كائن الليل يتأمل المخلوقات الخرافية مستعملا الرموز ويجند لفهم غموض الكون والعلاقات البشرية لغة خاصة غامضة مقدسة على حد تعبير الشاعر هيني شتيموس، الإيرلندي.
والشاعر هو المبدع الذي يجد في الأشياء المألوفة المعروفة أشياءا غير معروفة، غير مألوفة، والشاعر بطبيعة الحال هو كاتب بلغة خاصة لغة القلق والتمزق البعيدة عن اللغة الباردة للنشر اللغة المباشرة. والمترجم الإبداعي مهمته صعبة لنقل تجارب شعوب أخرى إلى لغة الشاعر، وهنا تكمن صعوبة حمل عبور هذا الجسر الحضاري بمعنى أنه وخاصة إن كان شاعرا فهو يجند كل خيالاته ولغته وتوتره ليشحن ما يترجمه بالقوة والجماليات الخاصة التي تضمن لما يترجمه عدم السقوط في برودة النثر وإبادة جماليات الخطاب المترجم. بمعنى آخر إن المترجم للشعر يسعى لأن يظل متماهيا مع شاعر النص المترجم وهو بذلك يخوض أصعب مهمة تناط به على مستوى نقل تجربة حضارة معينة إلى عالم حضارة وطن الشاعر. على ضوء ما سبق أن ذكرته أتمنى أن يتجلى لكل من هو نور الدين الدامون الشاعر والمترجم والكاتب.
س 2): مفهوم الشعر كيف تراه في نظركم بين القديم والحديث؟
ج): لم يعد الشعر هو الكلام الموزون المقفى كما حدده النقاد القدامى كقدامة إبن جعفر وغيره بمعنى آخر الشعر لم يعد هو النظم الخاضع لقوالب وبحور محددة.
إن الشعر لما طاله التطور صار شيئا مغايرا لما سبق أن ذكرته. صار تجربة الغوص في أعماق الشاعر المسكون بإحساس غموض الوجود، وصار قلقا وخيالات متوترة تخلخل ما يراه الشاعر بشعا مأساويا لما في مجتمعه غير أخلاقي في فساد الكون، ومن ثمة يسعى طوال حياته الإبداعية إلى تأسيس وجود أسمى وأرقى ما يستريح فيه الشاعر قليلا ويواصل مهمة حارس الأخلاق والعواطف النبيلة…
ومن هنا يتجلى الفرق بين ضرب من القول يقف عند ظاهر الأشياء وقول آخر ينخرط في (( سرد حلمي)) يؤسس واقعا جميلا وأخلاقا سامية بلغة كثيفة لها غموضها المقدس وجماليتها التي تميزها عن باقي الأشكال الأدبية الأخرى؛ والشاعر بإيجاز هو الذي قال عنه سان جون بيرس ((الشاعر هو الذي يقوض من أجلنا الاعتياد والتعود)) (منارات ص: 170 دار غاليمار) طبعة 1960.
س 3) يتجلى أن نور الدين الدامون مختلفا عن شعراء آخرين من حيث اللغة والأسلوب المعتمد والهوية، فهل تعتبر شعرك حاملا لهوية ما نضالية أم طلائعية أو غير ذلك؟
ج): يقول ((هوراس)) صاحب كتاب ((فن الشعر)) ((إذا كان الشعر يستلهم في محراب أبولو فجمال الصورة شأنه لا جمال الروح. إن قلت شعرا فلتراع له النسب كأنك تنحت، إن قلت شعرا فليكن همك الأول كمال القالب، كمال اللفظ، كمال البنيان)).
يمضي الشاعر يعدو بدرب الكتابة الإبداعية الشعرية وهو صغير يضع كلمات حنينه وحسرته وحبه وثورته وفورة أحاسيسه في كلمات بسيطة بساطة طفولته وعفويتها وكلما اشتدت ضراوة تجربة شعره وتجربته صارت لغته أمتن وأقوى تتضمن خيالاته السامية وأحلامه التي تمزق روحه آناء الليل وأطراف النهار فالشاعر كيت الإنجليزي في بداية تجربته الشعرية كتب قصائد غزلية بلغة بسيطة لكنها جميلة كانت تنم عن موهبة شعرية قادمة على مستوى الصورة والشكل.
ونفس الشيء، نقوله عن الشاعر الكبير محمود درويش بطرح هذا السؤال: هل محمود درويش في ديوانه ((عاشق من فلسطين)) بلغته الجميلة ذات الهمس الغنائي الواعد هي نفس لغة عمله الشعري الرائد في ((جدارية محمود درويش)) حيث نجد استعمال الضمائر متداخل واللغة تتوهج عبر رموز التاريخ الإنساني الطويل داخل درامية شعرية عالية تضعه في مصاف الشعراء الكبار في العالم؟
وبالنسبة لي تطورت لغتي الشعرية منذ الديوان الأول ((الوقوف بين الأسماء)) وانتهاءا بعملي ((صبحنا خطوة بين خوفين)) بشكل ملموس يحمل هموم شعبي الأساسية.
وفي هذا الإطار أضم قولي لما قاله أدونيس ((ينبغي على القارئ // الناقد أن يواجه في تقييم شاعر ما ثلاثة مستويات:
مستوى النظرة أو الرؤيا،
مستوى بنية التعبير،
مستوى اللغة الشعرية…))
س 4): بماذا تشعر في شعرك من الخاصيات والمميزات به وما المسيطر فيها؟ هل الطبيعة أو النضال أو الحياة الإنسانية برمتها؟
ج): في كتاب من ترجمتي يضم منتخبات شعرية لشاعر فرنسي رونيه شار لا يقل أهمية عن شاعر كبير مثل بودلير أو ما لارمي أو رامبو (الكتاب لم ينشر ولا زال مرقونا) يقول هذا الشاعر في قصيدة له رائعة بشفافية غموضها الشعري وهي بعنوان: ((جاذبية السجين:
إذا ما تنفس فهو لا يفكر إلا في الحز
في الجير الحنون الأمين
حيث أيادي المساء تمد جسده
* * *
إكليل الغار يرهقه
والحرمان يوطده
* * *
يا هذا يا رتابة غائبة
تغزل ملح البارود
خلف جدار ثابت
سلما قديما بدون عمر تنشر قلاعك!
تسير أيها الشراع عاريا مكللا بنجوم من شوك
سريا أنت ومستعدا
مربوطا بالأرض // المتكاسلة
لكن حميمية الإنسان
شديدة التحدر تبقيك في السجن.))
لهذا الضرب من الشعر يسعى شعري لأن يكون، لروح من هذا الشعر لشاعر مقاوم كبير للاحتلال النازي لوطنه وما في هذا الشعر العظيم من نجوم الأمل والفرح الطالع من الاحزان يسعى شعري ان يكون له بصمته وإيقاعه وخاصياته الدموية …… إلى جانب هذا يقول هذا الشاعر الكبير في إحدى أقواله التي يقارب فيها الشعر ومهام الشعراء ما يلي: ((من يولد في هذا العالم دون أن يثير قلقا لا يستحق أن ننتبه إليه ولا يستحق صبرنا))
لعل بعضا مما قاله هذا الشاعر المقاوم يسعى شعري بكل تواضع أن يولد في هذا العالم الغارق في الظلام وانعدام المساواة.
س 5): خلال سنوات الرصاص والجمر المتقد في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي نشرت قصائد هامة بجريدة (المسار….) للمناضل الكبير المرحوم أحمد بنجلون و(بيان اليوم) وغيرها مهداة إلى المناضل الفذ والثائر ضد الظلم والفساد الدكتور محمد الجعايدي (ومن معه من مجانين ما يوركا) وهو آنذاك معتقلا سياسيا في السجن مع المعتقلين السياسيين، وعبرت عن مساندتك لهم وعن آمالك وتطلعاتك نحوهم، هل تذكر لنا بعض الأبيات الشعرية منها الآن، ولماذا كتبت ذلك ونشرته في حينه، رغم أن الظروف آنذاك كانت صعبة وقاسية؟
ج): أصدرت عملي الشعري الأول ((الوقوف بين الأسماء)) كتبته على مراجل متقاربة وكانت قصائده تنشر في صحيفة ((بيان اليوم)) ونشرت نصا منها في مجلة ((أقلام المغربية)) وإن نصوص الديوان في معظمها تتحدث عن مدى الظلم والاضطهاد والاعتقال والتعذيب الذي تعرض له مناضلون من اليسار المغربي آنذاك، لم ينشر الديوان إلا في وقت لاحق لظروف خارجة عن إرادتي. وإذا كان الهدف من الكتابة إعادة صياغة الواقع وتجاوزه في سبيل التحرر من سيطرته وتحكمه في الناس فإني بحكم وحدة المعاناة مع المعتقلين وهم يعانون من قسوة السجن كتبت هاته الأبيات من قصيدة بعنوان: "وجهان في رياح الوجع والميلاد مهداة إلى محمد الجعيدي وإلى مناضل آخر أيت قدور المقاوم كذلك…
تزورهم أعلام الفجر // في جذل النصر، الرماد، وحشرجة النزع تنتقل ظلاله قمرا // فوق صلبان الليل
بتمائم العشق والجنون
الترابي /
ماذا تقول الريح المبللة بخيوط الدم؟
تقسم بنشيدهم على حجارة السجن // وتؤوب تلك الريح (….)
س 6): في أي كتاب أو ديوان شعري لك شعرت بتحول جوهري في إنتاجاتك المتواصلة إلى الآن؟
ج): إن الشاعر بصفة عامة وهو يعيد صياغة الواقع الذي يعاني من قسوته يبحث عن الفرادة في كتابته وعلى التميز فيها وهو يصارع اللغة ويطوعها للتعبير عن تجربته التي غالبا ما تتجدد من عمل لآخر وعليه يمكن القول إن كل عمل لي يحمل في قصائده ضربا من التحول على مستوى اللغة وتجاوزها إلى لغة أخرى حيث أن الشاعر يبحث على الدوام عن الشكل اللغوي الأمثل لمضامين شعره ويمكن القول إن التحول الجوهري الهام حصل نسبيا في عملي (صبحنا خطوة بين خوفين)). وفي أعمال خمسة أخرى لازالت مخطوطة.
س 7): غزارتك في الكتابة ومطالعة الكتب الكثيرة والمتنوعة منذ سنين خلت تجعلني أثير هذا السؤال، فأنت لم تبق أسير الكتابة الشعرية وحدها، فما الذي دفعك إلى التوجه لترجمة بعض الكتب والأشعار، ولماذا تم اختيارك للبعض دون الأخرى؟!
ج): إن كتابتي الأدبية تتراوح ما بين الشعر وترجمة الشعر الأجنبي إلى لغتي العربية، وإني أترجم من الشعر الأجنبي الأعمال الشعرية الهامة التي أتمنى لو أني كنت من أبدعها. وفي هذا الإطار قمت بترجمة منتخبات من الشعر الإنجليزي (جزآن) تغطى مرحلة من الإبداع الشعري الإنجليزي بدءا من القرن 11 م إلى القرن العشرين.
إلى جانب هذا قمت بترجمات عديدة للشعر من ضمنها ترجمة لمختارات شعرية للشاعر الفرنسي الكبير: (رنيه شار) والأعمال الشعرية الكاملة لسيزارفايخو، وهذا الشاعر يعتبر من كبار شعراء أمريكا اللاتينية ومن كبار المجددين في لغة الشعر الإسباني توفي فقيرا بعد أن عاش فقيرا، في سنة 1938م بباريس، وغير هذا من الأعمال الإبداعية الأجنبية….
س 8): هل أثرت في حياتك العملية الإدارية بعض الأشياء في كتاباتك الشعرية والإبداعية، وبما أنكم درستم بكلية الحقوق في سنوات السبعينيات الماضية بعاصمة المغرب الرباط على دكاترة وأساتذة أجلاء وفطاحل في القانون والحقوق، ومنهم الزعيم الكبير والخالد الأستاذ المبرز المرحوم علال الفاسي، وأول من ألف كتابا عن القانون المدني (العقود والالتزامات) المغربي بعد استقلال المغرب لكتابين هامين المرحوم الدكتور مأمون الكزبري العبقري الذي كان رئيسا للحكومة السورية والدكتور الجليل مصطفى البارودي وزير الخارجية السابق لسوريا والذي كان يشجعنا دائما عند إلقاء محاضراته ويقول لنا لما نتخرج من الكلية لا بد أن نعمل على تطبيق مراقبة دستورية القوانين في المغرب الحبيب كما هي في الدول المتقدمة تطبق… الخ ما هي المؤثرات التي خلفتها في فكركم وفي أعماقكم وتنويركم وحياتكم العملية، وغيرهم من الأساتذة لذلك الزمن الجميل؟
ج): حقا، إن كل من ذكرت من أساتذة كانوا أساتذة كبارا علمونا أن طريق طلب المعرفة والعلم طريق "وعر" لمن شاء أن يكون طالبا قويا بعلمه وأخلاقه، متخرجا على أيدي فقهاء في القانون يجيدون اللغة العربية إيجادة قوية وكان أساتذتنا في القانون مدرسة دفعتنا إلى استكمال ما تعلمناه على أيديهم بصرامة الحكام ومحبي العلم من "المهد إلى اللحد" كانوا حقا مدرسة الزمن الجميل، كانت مدرستهم جامعة مكتوب على بابها هاته رحاب علوم لا يدخلها إلا الراسخون في العلم على غرار مدرسة أفلاطون.
ومن هذا المنطلق كغيرى من طلبة ذاك الجيل كان أساتذتنا بكلية الحقوق هم شعلة دفعتني للمزيد من القراءة والأخذ من بحر العلم الذي لا يرتوي منه إلا من كان شغوفا بالمعرفة.
إلى جانب هذا كانوا مدرسة لنا في حب الوطن وفي حب الحق وكراهية الظلم بكل المظاهر التي يبدو فيها….
وإنني لن أنسى أستاذنا الجليل والزعيم الكبير المرحوم برحمة الله الواسعة علال الفاسي الذي كان يتسامح مع كل الطلبة ويحثهم على الدراسة والعلم والأخلاق الفاضلة، كما لا أنسى الدكتور المنفي آنذاك مأمون الكزبري الذي أزدد عليه الرحمات الواسعة والذي كان منارة مشعة وراسخة في القانون المدني والمسطرة المدنية، وكان حجة في اللغة العربية والقانونية وأسرارها ودقائقها، كما لا أنسى الدكتور المبرز مصطفى البارودي الذي علمنا التعبير عن القانون الدستوري وقدسية دستورية القوانين بلغة الأدب العربي العظيم وغيره من كبار أساتذتنا في القانون.
س 9): اقترحت عليكم فيما سبق من السنوات أن تكتبوا قصائد وتهدونها إلى كل من: أحد رواد الشعر الحديث الراحل المرحوم محمد الخمار الكنوني، والأديب الشاب الذي توفي في ريعان شبابه في ظروف غامضة بعاصمة المغرب العلمية والفكرية والثقافية فاس المرحوم محمد الأمين أبو أحمد والفنان الكبير المبدع والخلاق للأكان المغربية الصادحة والمتميزة الراحل الأستاذ المرحوم: عبد السلام عامر من رواد الأغنية المغربية الصامدة والسجية والخالدة، هل تذكرون بعض الأبيات الشعرية التي أهديتها لأرواحهم كل واحد منهم على حدة؟
ج): إن الرموز التي ذكرت والتي هي رموز هاته المدينة المبدعة والخلاقة مدينة القصر الكبير موجودة وحاضرة في قصائدي الشعرية التي كرستها لهم، فعن الشاعر المرحوم محمد الخمار الكنوني كتبت عنه مرثيتين من إحداها هاته الأبيات:
سلاما لبحر يرتدي ظهيرة حرفك
كوشم شعرك
يدخل مثواك
يرتل موجة إعصاره / أشجارا وأطيارا
ها أنت صديق الدرب قبر هاديء
يرشح بمكنون صدفات الجفن المغمض
طين دافئ يأتي إليك بصقور السر
بحر منذ ورلنور بلوري يسافر في الجرح.
وعن الرمز الثاني المرحوم محمد الأمين أبو أحمد فإن له حضور في شعري في قصيدتين، الأولى منهما بعنوان: وردة من سهاد مزهريتي (من ديوان ويشرقون موتا):
ترتاح كالمحراب لما تنطفئ ذبالة // الفرح بالحروف
لا أعرف من سمع ومن تصامم؟ / هلى جبينك نجمتان يرفلان في حيرة الغيم / ومزن مؤجل // واحدة تضيئ ولادة من صدفة
اليراع الحادي
والأخرى تلم بحنان ياسمين قلبك /
حسرة علينا /حرقة الدن الفارع كعش مهجور
ذاك أنت تنادينا من خلف البلاطة الشاهدة.
أما الرمز الثالث الموسيقار المرحوم عبد السلام عامر السمفونية الشجية لمدينة القصر الكبير التي بترها رحيله الصادم مخلفا لنا كعزاء ((القمر الأحمر)) و((حبيبتي)) ((وآخرآه)) ((والشفاه الحمر)) وغيرها فإني قد كتبت عنه قصيدة بعنوان: نهرا ظل على أوتار كمانه، أقول فيها:
متى مت يا عاشقا لكائنات الله؟
أراك تعبر الأقمار، وخشوف الموت
العابر كالضباب في التراب
ولعيون الماء في الوطن تغني
للأفواه الصغيرة كبراعم نيسان
لأكواب خمر المساء تغني
لشعب يشقى في جرحه (….) إلخ..
القصر الكبير: في 22/08/2020.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.