رغم أن مدينة القصر الكبير تعد من المدن التي توجد بها مجموعة من الزوايا والمزارات والمساجد التاريخية والعريقة، مقسمة بين العدوتين باب الواد والشريعة، إلا أننا لا نعرف عن عدد منها وعن أوليائها الكثير، بل إن كثيرا منها قد اندثر أو على وشك الاندثار. ومن الأمثلة الخاصة بمن لا نعرف عن الأولياء وأضرحتهم ما يكفي للكتابة عنهم، يحضر ضريح الولي الصالح سيدي محمد الفضلي، فغير بعيد عن مسجد سيدي يعقوب البادسي والزاوية التجانية، وبالضبط في شارع النجارين قرب حي المرس، نجد ضريحا في زاوية الشارع، هو ضريح سيدي محمد الفضلي. فنحن لا نعرف عنه شيئا، إلى درجة أن ميشو بيلير ذاته، لا يذكر عنه سوى هذه العبارة اليتيمة: ((سيدي محمد الفضلي يوجد بين حي المرس وسيدي يعقوب))(القصر الكبير: مدينة في إقليم من المغرب الشمالي، ص. 193) والجدير بالذكر أن سيدي محمد الفضلي هذا، هو غير سميه سيدي محمد الفضلي دفين حي المطيمار، الذي قال عنه المرحوم محمد بوخلفة بصدد حديثه عن الولي الصالح الشيخ أبو محمد عبد الله الغزواني: ((ومن أصحابه الشيخ العارف سيدي محمد الفضلي الذي ما في القصر الكبير وضريحه مشهور وبه مسجد وكتَّاب بحومة الممطيمار وخلفه عدة تلاميذ))(ص. 55). وما يثير الانتباه في هذا الضريح، كون قبته ذات شكل معماري فريد، لا يوجد له مثيل في مدينة القصر الكبير، وربما كانت من تأثير المعمار الإفريقي، وليس الأندلسي كما هو ملاحظ في معظم مساجد وزوايا وأضرحة المدينة. وفي هذا السياق، يقول عنها الاستاذان محمد العربي العسري ومحمد أخريف، في كتابهما المشترك (القصر الكبير: صور تحكي معالم): ((لكن ما يثير الانتباه هو قبته الفريدة في مدينة القصر الكبير فهي نسيج وحدها في فن عمارة قبب الاضرحة بهذه المدينة وربما في عموم المغرب، ويبدو التأثير الإفريقي بارزا في قبة الضريح))(ص.162). ولا ندع هذه الفرصة تمر، من غير أن ننتهزها بإلحاح، في دعوة المؤرخين والباحثين المتخصصين، إلى بذل مزيد من الجهود، من أجل كشف الغطاء عن كثير من الأحداث والقضايا الخاصة بالكثيرين من الأولياء الصالحين وأضرحتهم المهملة.