لأضرحة ومساجد مدينة القصر الكبير، تاريخ وخبايا وأسرار ، تتنوع بتنوع الاحداث المعاصرة لها. وما يميز سكان هذه المدينة المجاهدة ، هو محافظتهم على سير العلماء والمتصوفة والشهداء، بإقامة أضرحة ومساجد وساحات حولها، وذلك تخليدا واعترافا بعلمهم وجهادهم في سبيل الله والوطن، غير أن كثيرا من هذه المساجد والأضرحة والزوايا قد اندثرت أو في طريق الاندثار. من ذلك ضريح سيدي عبد الله المظلوم، الذي كان سيدي قاسم بن خجو، قد جدد ضريحه. لكنه الآن قد تلاشى تماما. وكانت تحيطه مقبرة، دفن بها بعض العلماء، والشهداء من مجاهدي معركة العنصرة 1913 ، ((وقد نتج عن هذه المعركة أن قتل فيها عدد كبير من الإسبان والمجاهدين، ودفنت جثث المجاهدين بمقبرة سيدي عبد الله المظلوم بشرق المدينة))(محمد بنخليفة: المجتمع القصري في المنتصف الأول للقرن العشرين، جمعية البحث التاريخي والاجتماعي بالقصر الكبير، 2005، ص. 8). فسيدي عبد الله المظلوم، من الأولياء الذين يثيرون الأسئلة حول حياتهم، إذ آن الكثيرين لا يعرفون حقيقة ما لحقه من ظلم. كما لا يعرفون كيف كان يعتبر الحارس الروحي للمدينة، وفق ما يذهب إليه المرحوم محمد بوخلفة. فقد جاء في صفحة 167، من كتاب (القصر الكبير: صور تحكي، لمحمد اخريف ومحمد العربي العسري: ((كم هو مثير هذا الاسم “المظلوم” ترى ما نوع الظلم الذي أحاق بهذا الولي؟ ماحجمه؟ هل هو ظلم احد افراد من عشيرته، أم هو ظلم الاباعد؟. ولعل الأنكى من ظلم الحياة ظلم الممات ،فالرجل فيما يبدو ظلم حيا وميتا، اندثر قبره ومقبرته التي كانت تضم رفات العالم سيدي عجال الغزواني والد القطب سيدي عبد الله الغزواني . على أن ما يشفع للمصير الذي آلت إليه المقبرة تحولها اليوم الى مؤسسات اجتماعية وثقافية )). لكن كتاب (القصر الكبير: مدينة في إقليم من المغرب الشمالي)، لميشو بيلير وجورج سالمون، يقدم لنا ما يشبه المبرر للظلم الذي لحق بسيدي عبد الله المظلوم، ويتعلق الأمر بكون السلطان المولى إسماعيل قد ضرب عنقه حين استولى على مدينة القصر الكبير. (انظر صفحة 190). إن هذا الجهل بحقيقة سير أولياء مدينة القصر الكبير وصلحائها ومجاهديها، إذا كان يدعو إلى المحافظة على مآثرهم وأضرحتهم وروضاتهم، فإنه يحفز في نفس الآن، الباحثين والدارسين والمؤرخين، إلى إيلاء كبير اهتمامهم لضرورة التنقيب عن حياتهم وأعمالهم وزهدهم، حفاظا عليها من التلاشي والضياع.