عندما نذكر أضرحة ومساجد وأولياء مدينة القصر الكبير فإن أول شيء يخطر على بالنا معركة واد المخازن وثاني شيء أنها مدينة أولياء الله الصالحين بعلمهم و معرفتهم مع ارتباطها باسماء أولياء من بلدان ومدن أخرى كفاس ومكناس والرباط وسلا ومراكش وقرطبة واشبيلية وجينوا …. وهذا هو دافعنا لنتكلم اليوم ، عن نموذج من الأولياء الصالحين من أبناء مدينة القصر الكبير، الذين تتلمذوا على شيوخ صلحاء من خارج مدينة العلم والجهاد هذه، ألا وهو أحد رجال التصوف سيدي محمد القجيري، دفين عدوة الشريعة بالقصر الكبير، الذي لا نعرف الكثير عنه كما أكد ميشو بيلير. ذلك أن سيدي محمد القجيري، قد لازم كتلميذ ومريد، شيخ كبار المتصوفة والمجاهدين، الولي الصالح سيدي عبد الله بنحسون دفين سلا ، أمثال محمد العياشي، ومحمد بن سعيد العتابي، ومحمد بن ابي بكر الدلائلي، ومحمد بن محمد الدادسي ، واحمد ومحمد بني محمد بن عطية)) انظر: القصر الكبير : صور تحكي ، محمد أخريف ومحمد العربي العسري، جمعية البحث التاريخي والاجتماعي بالقصر الكبير، 2015، ص. 163.)) ويفيدنا في هذا الصدد، رائد التأريخ لمدينة القصر الكبير محمد بوخلفة رحمه الله، بقوله إن سيدي محمد القجيري: ((أخذ على الولي الصالح سيدي بنحسون دفين سلا وكان هذا الأخير يعظمه ويجله حتى أنهما أصبحا توأمين في الولاية والزهد ولما مات ابن حسون عام 1019 أصبح سكان سلا يقدرون تلميذه القجيري إلى أن توفي عام 1045 رحمهم الله أجمعين، آمين وله زاوية بالقصر إلى الآن))(الطريق لمعرفة القصر الكبير، المطبعة المهدية، تطوان، 1972، ص. 152). ولا شك أن مثل هذا الانفتاح، من طرف عدد من أبناء القصر الكبير من الأولياء الصالحين، على يد مشهوري الصلحاء والمجاهدين من شيوخ الزهد والتصوف؛ كان يغني الحركة الدينية والجهادية داخل أوساطها، بنفس القدر الذي كان يتحقق للمرتادين والمستقرين بهذه المدينة العلمية الجهادية، ممن جاؤوها من مدن أخرى.