مما لا جدال فيه ان موقع القصر الكبير كان له دور كبير في تاريخ المغرب، وهذا يظهر جليا من خلال حقب تاريخية متعددة سواء في العصور القديمة أم الحديثة. وقد عرفت مدينة القصر الكبير انشاء إمارة أندلسية، تعرف بأسرة الرؤساء بني اشقيلولة، في عهد الدولة المرينية بالمغرب (660 -876ه)، ودولة بني نصر المعروفة بدولة بني الأحمر بالأندلس (897-627ه)، فسادت ثم بادت، ولم يبق منها أي أثر، باستثناء مقبرة” ضريح سيدي الرايس”، المعروفة بمدينة القصر الكبير، في حي يحمل اسم “حي سيدي الرايس”. واسمه عبد الله ابن اشقيلولة، ممن حكموا مدينة القصر الكبير زمنا. فقد انتقل من الأندلس إلى قصر كتامة أي مدينة “القصر الكبير”، وتولى مقاليد حكمها، إذ تذكر المصادر أن ابا محمد عبد الله “سيدي الرايس” كان اميرا على مدينة وادي 0ش قادس “Cadis” الحالية ، وكان خاله الغالب بالله محمد بن يوسف اميرا على غرناطة، وهو من بني الأحمر، وكان الصراع بينهما على أشده من أجل السيطرة على المنطقة. وفي اطار هذا الصراع، ثار “سيدي الرايس” على خاله معلنا ولاءه لسلطان المغرب ابي يوسف يعقوب بن عبد الحق المريني. ومن اجل وضع حد لهذا الخلاف، طلب ملك المغرب من سيدي الرايس التخلي عن منطقة وادي آش لخاله، معوضا اياه بتأميره على قصر كتامة بالمغرب ) عن: القصر الكبير صور تحكي معالم ووجوه وأحداث لمحمد أخريف والعربي العسري). وضريح سيدي الرايس يوجد في مقبرة ابن اشقيلولة ، وهي قبة ضخمة البناء رحيبة الفناء. وبها قبر سيدي الرايس. ومما جاء في نفس الكتاب أن ضريح” سيدي الرايس كان يحظى ” بتقدير كبير عند الساكنة، فالبطولة التي ابداها في جهاده ضد العدو بالاندلس وذهابه إليها وعودته الى القصر سالما منتصرا، جعلت الذاكرة الشعبية تنسج حول شخصه حكايات واقوالا ، فغدا ضريحه رمزا لها في شكل ازجال مغناة .وإلى عهد قريب كانت العروس وقبل ان تزف الى بيت الزوجية يذهب بها لزيارة الضريح ، اعتقادا من اهلها ان هذه الزيارة سيكون لها اثر على استقرارها، ونجاحها في بيتها وكانت مرافقاتها يرددن” سيدي الرايس المرسي العرايس ومرسي سفون فالبحور سيدي الرايس المرسي العرايس )). ويخبرنا المرحوم محمد بوخلفة في صفحة 42 من كتابه الرائد (الطريق لمعرفة القصر الكبير) أن سيدي الرايس ((قد توفي عام 687 ه ودفن بالقصر الكبير وقبره مشهور وبضريحه نقوش ودعوات وآيات وأبيات شعرية وسمي الحي باسمه)). وهكذا نكون قد تعرفنا على ضريح آخر لأمير مجاهد، هو أبو الحسن الرايس تغمضه الله بواسع رحمته.