قبل أن أستأنف مقالات هذه السلسلة الرمضانية، حول مساجد وأضرحة مدينتنا القصر الكبير، يهمني أن أشير أولا إلى مسألة أساسية بالنسبة لطبيعتها. فهي لا تدعي أية صفة علمية تاريخية أو أنتروبولوجية أو اجتماعية أو دينية وما شابه ذلك، مما له مجالاته وحقوله الخاصة، إذ لكل ذلك مؤرخوه ومتخصصوه وعلماؤه. بل إنها مجرد سلسلة من انطباعات، تحاول خلال هذا الشهر المبارك، تقريب فكرة عن المآثر الدينية إلى عامة الناس، حتى تظل معروفة وحية في الآذهان، خصوصا وأن الكثيرين يمرون أمام بعضها صباح مساء ولا يدرون عنها شيئا. وأنا ممن يقتنعون بقول الشاعر: فقل لمن يدعي في العلم فلسفة *** حفظت شيئا وغابت عنك أشياء وإذا عدنا إلى موضوعنا اليومي، قلنا إن عدوة الشريعة بالقصر الكبير امتازت بمعالم ومساجد وصوامع مزخرفة وأضرحة بزليج ذي ألوان متميزة وبأقواس عربية بديعة، كما امتازت بدروب عتيقة ضيقة تفوح بعبق التاريخ ، وتظللها في بعض المقاطع بيوت مما عرف ب “الصبا” ، فتعطي للحي رونقا ودفئا بين سكانه. ومثل كل هذا نجده في حي المجولين انتسابا لسيدي محمد المجول. فمن يكون سيدي محمد المجول؟. تجمع مختلف الكتابات عنه، بأنه عاش رحمه الله في القرن الحادي عشر، وكان من الأولياء الصالحين البارزين في مدينة القصر الكبير، وذا كرامات وبركات، بحيث كان مقصدا للنسوة اللائي يتأخر حملهن من أجل التبرك به، وأنه ولد بالقصرالكبير سنة 980ه . كما يخبرنا مؤرخ المدينة المرحوم محمد بوخلفة بأن ((الشيخ سيدي امحمد المجول … دفن بحي المجولين سنة 1059ه . وأقيم له ضريح ولا زال موجودا إلى الآن))(الطريق لمعرفة القصر الكبير، المطبعة المهدية، تطوان، 1972، ص, 83). إن ضريح سيدي محمد المجول وزاويته، يقعان بحي المجولين كما سبقت الإشارة، وذلك قرب المسجد السعيد. وقد سمي الحي باسمه، نظرة للمكانة المرموقة التي لا شك أنه كان يحظى بها بين القصريين، بسبب صلاحه وسيرته الحسنة. ولعل هذا الشتات من المعلومات عن الشيخ سيدي محمد المجول، كفيل بأن يغري المهتمين بالتنقيب عن المزيد من المعلومات الكافية لكتابة سيرة هذا الشيخ الصوفي الجليل.