يعيش المغرب هذه الأيام أوضاعا عصيبة ،بسبب تداعيات انتشار فيروس ” كورونا ” ،فضلا عن مشاعر الذعر و الخوف التي يشعر بها المواطنون من جراء انتشار الفيروس و مآلاته الدرامية، فضلا عن كون الاقتصاد سيشهد تراجعا ملحوظا خاصة إذا علمنا أنه كان سيتراجع بسبب الجفاف الذي تشهده البلاد هذه السنة . غير أن المحنة جعلت كثيرا من المسلكيات الإيجابية تظهر جلية و منها : – الروح التضامنية العالية للمغاربة بجميع فئاتهم و هذا ما ثبت عند إنشاء ” الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا ، كوفيد 19 ” ،حيث تلقى الصندوق التبرعات من مختلف الفئات المجتمعية و الشركات الوطنية ،الكل ساهموا بالقليل أو الكثير من أجل الوطن و المواطنين. لقد اغرورقت الأعين بالدموع عند العلم بأن أحد المواطنين البسطاء تطوع بحوالة شهر لنفس الغاية ، و غامر المرء الفرح عند معرفة أن أحد أرباب المقاهي تعهد بأن يؤدي ثمن عماله إلى أن ” يحن الله ” و بربة البيت التي قررت أن تؤدي أجرة مساعدتها المنزلية إلى أن ” يرفع الله الغمة “…،الخ. إن هذا النوع من السلوك التضامني يؤكد أن معدن هذه البلاد ثمين ، غالي ، حقيقي و نفيس . – وعي و سلوك راق و حضاري للمغاربة ،ينقص الأمر فقط حملات تواصلية للتوعية و التحسيس باستثناء بعض الممارسات الطائشة المعزولة ،فبخلاف بعض الدول الأوروبية المتقدمة و التي لجأت إلى استعمال القوة و إنزال الجيوش إلى الشوارع و فرضت الغرامات على مواطنيها للبقاء في منازلهم ،ففي المغرب انطلقت حملة تحسيسية على مواقع التواصل الاجتماعي لقيت استجابة واسعة لدى المغاربة للبقاء في منازلهم ، و عدم مغادرتها إلا للضرورة القصوى . و ساعد على نجاح هذا التحدي ،استجابة أصحاب المقاهي و المطاعم لقرارات الإغلاق ،رغم الكلفة الاقتصادية و الاجتماعية لهذه القرارات. علاوة على ذلك فكل الأحزاب السياسية – بعض النظر عن خلفيتها و مراميها- تركت مؤقتا خلافاتها من أجل الوحدة لمواجهة الوضعية . – الأداء العالي و التفاني الكبير في تطويق هذا الفيروس من طرف الأطباء ،الممرضين و الممرضات ، أفراد الجيش ،الشرطة ،القوات المساعدة ،رجال المطافئ…الخ. إنهم جنود الخفاء الذين يعرضون حياتهم للخطر من أجل سلامة المواطنين و حماية الوطن. و باسف شديد صاحبت هذه الممارسات الرائعة بعض الشوائب التي من المفروض محاصرتها و تطويقها من طرف الجميع و عدم الالتفات إليها و منها: – إقدام بعض الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي و تطبيقات التراسل الفوري على الهاتف المحمول على نشر أخبار تحليلية زائفة بل بعضها قد يكون منسوبا إلى مؤسسات رسمية ، و مازال بعض الأشخاص يقومون بالترويج للإشاعات و للأخبار الكاذبة و في بعض الأحيان يقومون بتسريب معلومات تدخل في إطار إفشاء السر المهني و التشهير و المساس بالمعطيات ذات الطابع الشخصي. إن هذه الممارسة الشائعة تضر باستقرار المجتمع و بأمن المواطنين و بخلق جو من الدعر دون أسباب معقولة. و قد أوقفت الأجهزة مجموعة من الأشخاص الذين يعمدون إلى هذه الأساليب في كل من : مراكش ،الجديدة … لقد قامت وزارة الداخلية في بيانات حقيقة بتكذيب مضمون الأشرطة التي تبين صور أشخاص مغمى عليهم في شوارع بعض المدن ك : تطوان ، و أن سبب ذلك هو إصابتهم بأمراض ك : الربو ،الصرع … – التسابق و التدافع من أجل التبضع لشهور بسبب الهلع و الخوف ،مما يحرم آخرين من حقهم في التبضع و يخلق جوا من الرعب ينعكس على المواطنين . – الجشع و الطمع و الانتهازية ،يتجلى ذلك في مطالب جهات معينة ( مستفيدة في الغالب من الأوضاع ) بتعويضات مادية بسبب تراجع مداخيلها . إن الكوارث فرصة نادرة لقياس مستوى حضارة الشعوب ،و هي فرصة لتقييم السياسات العامة و استنباط المحصلات. و هذه الجائحة جعلت كثيرا من القيم الفضلى تطفو فوق السطح ،كما جعلت الجميع يعيد الثقة في ” المغرب الجميل ” المُكْتَشف و الذي نحبه و نؤمن به.