بعد عشر سنوات خارج الوطن، صرتُ الفتى الذي يقول: "ها أنذا". بعد عشر سنوات من التشرد والجوع والإذلال والكد والتعب في بلدان الناس، ها أنذا في وطني بالصورة التي طالما رسمتها لنفسي مند سنين خلت: رصيد في البنك، ورصيد في الجيب، ورصيد في كل إيماءة من إيماءاتي... بعد عشر سنوات، ها أنذا... المتسول يمد يده لي وعينه على جيبي، وماسح الأحذية يراقب لي صباغة حذائي ويطلب تغييرها، والطفل المتسخ المثقل بعلب السجائر المهربة يقدم لي سجارة ويشعلها لي وكله لهفة لرنين الدراهم في كفي، والنادل يسبقني إلى المائدة لترتيبها عارضا خدماته راكعا، والحسناوات تطاردنني من نوافذ سيارتي المحاصرة بالسيقان الناعمة... بعد عشر سنوات، ها أنذا. ولكن أين وطني؟