حمد،مدة طويلة، لم نتلاق. أحياناً، أراك من بعيد، عندما أكون جالساً في مقهى بمدينة الأساطير- كما يحلو لي أن أسمها- المعروفة لديك، مارا بقامتك المعتدلة، وخفتك المرحة الملفتة، وظلك الذي يلقي على المكان نفحة مميزة،لا يتنبه لها إلا الراسخون من الناس الذين عايشوا الحياة- بوجدان وروح- في حيّنا ،في ذلك الوقت من السنين،،، أقول أشياء كثيرة -في خاطري-على أنغام سمفونية الحياة.. لواعج تستيقظ بتثاقل وتثاؤب كما لو كانت نائمة في بئر سحيق أو قعر شديد الغور،تحيي معها ذكريات بعيدة في الزمن،،تنبعث صورة أمك الجليلة، واضحة مثل النهار وقت ظهيرة فصل ربيع لائق،،أصوات أطفال الحي تتعالى ،مفعمة بالضجيج و الصخب والعبث، معلقا فيها رائحة نسيم حرية بريئة ،،،الحاجة خدوج ،تنادي من باب دارها على من يشتري لها صندوق الوقود والخميرة من البقال،جارنا اجميلي أو الخيوطي-رحمة الله عليهما- يسرع أحد الأطفال- أو هم جميعا- يأخذ النقود التي- تكون محسوبة مسبقاً - ويطلق رجليه للريح،، ويعود- على وجه السرعة- وهو يلهث، وقدأدى الواجب على أكمله،،، آباء الحي- رحمة الله عليهم- يتشابهون في كثير من الأشياء،،الحاج عبد السلام الرجل الوقور كانت له أوقات معينة، يخلو فيها إلى نفسه، في داره ،لاينازعه أحد في ذلك ،ويطفق في العزف في جو رهيب مبجل،،ينبعث صوت اللآلة من الدار إلى درب الحي قوياً رخيماً،،،الحاج البشير-والدي- بملامحه الريفية،التي لاتخطئها عين ،كان إذا تراءى -من بعيد- في الدرب،دخل الأولاد- كما لولم يكونوا-إلى بيوتهم في صمت،،الحاج الأمين الرجل الذي أفنى عمره في حقل التعليم ،كان صوت دراجته النارية، لا يسمع لها ضوضاء ،كما لو كانت بدون محرك،،، أخي أحمد،أقول أشياء كثيرة-في داخلي- مع نفسي،كثيرة بعدد الأيام والشهور والسنين،على جرعات من حياتي وحياة الآخرين من العمر...