موظفو الجماعات الترابية يطالبون بنظام أساسي "عادل"    قطر تعلن تسوية العقبات التي تعترض اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس    الرباط تحتضن الدورة ال49 لجائزة الحسن الثاني والدورة ال28 لكأس صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم في رياضة الغولف    الحبس النافذ لصاحب صفحة فيسبوكية بفاس    طنجة تعتمد الأمازيغية في إداراتها ولوحات التشوير تعزيزاً للهوية الوطنية    "جولة أخيرة" لوقف إطلاق النار بغزة    ترامب كان سيُدان لولا انتخابه رئيسًا    وهبي يعرض تقريره حول مناهضة التعذيب .. خطوات نحو تعزيز حقوق الإنسان    سانشيز يقترح ضريبة 100% على شراء العقارات من قبل غير المقيمين    اتهامات بالتلاعب والتكلفة المبالغ فيها لحجز مواعيد التأشيرات الإسبانية بالناظور    الناصيري يكشف سبب حجب "نايضة"    استوديوهات هوليوود تتبرع بملايين الدولارات لدعم جهود الإغاثة من الحرائق    الدار البيضاء .. أمسية موسيقية احتفاء برأس السنة الأمازيغية الجديدة    ترامب: اتفاق بشأن غزة قد يكتمل بحلول نهاية الأسبوع    ترامب: التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى أصبح قريبا    أنفوغرافيك | حقائق لا تريد إسرائيل أن نسمعها    أخنوش يقوم بزيارة لمعرض الصناعة التقليدية لأكادير إداوتنان    ريال مدريد يُواجه اتهاماً خطيراً في واقعة إهانة البرازيلي فينيسيوس    الإصلاح الضريبي يرفع الموارد الجبائية إلى 299 مليار درهم في 2024    النفط قرب أعلى مستوياته في 4 أشهر مع تقييم تأثير العقوبات على روسيا    توقعات أحوال الطقس لليوم الثلاثاء    مؤشر تأثير مدارس الريادة على جودة التعليم يضع المغرب في مراتب متقدمة عالميا    ندوة بكلميم تبرز الأبعاد التاريخية والروحية لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال    مدير عام سابق بمؤسسة العمران بالجهة الشرقية و4 آخرون في السجن بتهمة الاختلاس    وزير العدل يكشف آخر مستجدات تطبيق قانون العقوبات البديلة في المغرب    غوارديولا: قائد مانشستر سيتي يقترب من الرحيل    كيوسك القناة | تأجيل مناقشة مقترحات تعديل مدونة الأسرة بالبرلمان    الصين: التجارة الخارجية تسجل رقما قياسيا في 2024    المديرية العامة للضرائب تحدد سعر صرف العملات الأجنبية    من هو نواف سلام رئيس محكمة العدل الدولية المكلف بتشكيل الحكومة في لبنان؟    المنتخب الوطني لأقل من 14 سنة يخوض تجمعا إعداديا بسلا    ملاكمة.. اعتزال بطل العالم السابق في الوزن الثقيل تايسون فيوري    بايدن: إعادة إعمار لوس أنجلوس ستكلف عشرات مليارات الدولارات    شراكة استراتيجية لتعزيز خدمات الوقاية المدنية بعمالة طنجة أصيلة    هيئة المحامين بالرباط تثمن الثقافة الأمازيغية في احتفالية "إيض يناير"    تدريس اللغة الأمازيغية.. تكوين أزيد من 3000 أستاذ للتعليم الابتدائي بالتخصص المزدوج    محاكمة محمد أبركان: غيابات مثيرة للجدل وشهادات طبية تحت المجهر    قافلة الأكاديمية الدولية للتراث الثقافي اللامادي تحل بالحسيمة    لقجع: الزيادة في ثمن غاز البوتان غير مطروحة على طاولة الحكومة    الوداد يؤكد التعاقد مع فهد موفي    نمو الاقتصاد الوطني محفوف بمخاطر الجفاف وتراجع معدلات الأمطار التي انخفضت بنسبة 60.6 %    الكتاب الأمازيغي: زخم في الإنتاج ومحدودية في الانتشار نسبة النشر بالأمازيغية لا تتعدى 1 %    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    شادي رياض يتألق في أول ظهور بعد الإصابة    وزارة الصحة تبدأ في عملية تلقيح البالغين ضد داء بوحمرون    "الأخضر" ينهي تداولات البورصة    مسؤول يكشف أسباب استهداف وزارة الصحة للبالغين في حملة التلقيح ضد بوحمرون    وزارة ‬الصحة ‬تتدخل ‬بعد ‬تواصل ‬انتشار ‬‮«‬بوحمرون‮»‬.. ‬    المنتخب المغربي لكرة القدم لأقل من 16 سنة يخوض تجمعا إعداديا بسلا    فن اللغا والسجية.. الظاهرة الغيوانية بنات الغيوان/ احميدة الباهري رحلة نغم/ حلم المنتخب الغيواني (فيديو)    راديو الناس.. هل هناك قانون يؤطر أصحاب القنوات على مواقع التواصل الاجتماعي (ج1)؟    أخنوش: ملتزمون بترسيم الأمازيغية    فيتامين K2 يساهم في تقليل تقلصات الساق الليلية لدى كبار السن    تحرك وزارة الصحة للحد من انتشار "بوحمرون" يصطدم بإضراب الأطباء    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إضرابات التعليم .. وجهة نظر خارج السرب

بعد الاعتداء على مجموعة من رجال التعليم (فئة موظفي الأكاديميات) في الشارع العام موازاة مع نضالاتهم، كان لزاما على الحركة النقابية أن تتحرك بشكل نضالي حاسم وحازم ومستعجل ضد الحكومة، وهو ما لم يتم حينها، وتم تأجيل إضرابات القطاع إلى يومي 13-14 مارس الحالي، وأيام 26-27-28 مارس أيضا. هذه الإضرابات نود مقاربتها وفق سياقها السابق والحالي، مع استثمار بعض المعلومات العالقة بالذاكرة قصد استثمارها في التحليل، أو على الأقل استثمارها في التذكير.
1 – لعل النقط الأبرز في هذا الإضراب هي ملف المتعاقدين، وملف ضحايا النظامين الأساسيين، وهذا ما يفرض علينا أولا البحث عن مسببي هذه الملفات الشائكة والمزعجة.
بالرجوع إلى الوراء، بداية الألفية بالضبط، حيث كان الجميع يهلل ويبشر بالميثاق الوطني للتربية والتكوين، إلا فئة قليلة يمكن حصرها في العدل والإحسان واللجان العمالية المغربية والنهج الديمقراطي. (يمكن آخرون لا أستحضرهم). في هذا الوقت كان الأستاذ الكاتب العام للجان العمالية (COM) عبد المجيد الذويب رحمه الله تعالى يعارض الميثاق باستماتة شديدة، ويلخصه في كلمة واحدة: تسليع التعليم، تبضيع التعليم. وكانت له كتابات واعية وعميقة في الموضوع، ولعل ما تفرس به تحقق الآن بالضبط. وفي ذلك الوقت، كانت النقابات الداعية إلى إضرابات اليوم داعمة للميثاق ومؤيدة له، والآن تدعو إلى نضالات ضد مخرجاته التي صنعتها هي. وهذا عين العبث.
2 – في بداية الألفية، حضرت محاضرة حول الميثاق، أطرها عضو قيادي في COM، ووصف مستقبل المدرسة العمومية، وشبهها باللفظ بالتيليبوتيك، وأن رجال التعليم سيشتغلون وفق عقدة، وأن المشغل إن لم يعجبه الأستاذ سيغيره بأدنى جرة قلم.
قام بعد المحاضرة مناضلون من الكنفدرالية الديمقراطية للشغل (بصنفيهم قبل انشقاقهم)، واستنكروا هذا التوصيف، ووصفوه بالعدمية.
اليوم، مناضلو الكنفدرالية والفيدرالية الديمقراطية للشغل (وهما الصنفان المشار إليهما) ينشرون منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي تندد بالتعاقد، وتؤسس رفضها لعدة أسباب، منها أن المشغل قد يستغني عن خدمات الأستاذ في أي لحظة.
السؤال هو: من هو العدمي؟ ومن الذي أوصلنا إلى هذه اللحظة التراجيدية؟
إن النقابات ب”نضالها” الحالي تبيع القرد وتضحك على المشتري، هذا بكل وضوح وبكل سخرية، سخرية مُرّة طبعا.
إنها تناضل ضد ما باركته في بداية الألفية، بارك الله في عملها وفي نضالها ضد عملها !!
3 – بعد ترسيخ الميثاق، جاء دور النظام الأساسي، وهو ا لنظام الذي عارضته باستماتة الجامعة الوطنية لموظفي التعليم المقربة من العدالة والتنمية، وكانت نقابات UMT- CDT- FDT- UGTM تباركه وتناضل ضد نضالات النقابة الأخرى، ويعمل “مناضلو” الهيئات الأخرى بكل ما أوتوا من قوة لتكسير ذلك النضال، وأنا شاهد على حركاتهم التي كانوا يطوفون فيها بسيارات “المناضلين” على الفرعيات والمؤسسات للتعبئة ضد نضال نقابة أخرى.
هذه التراجيديا ليست أحلاما، هذا واقع عشناه بكل مرارة وألم.
بعدها، نجحت تلك النقابات في توقيع اتفاق منتصف الليل ضد إرادة الشغيلة، وكان ذلك التوقيع للتشويش على إضراب مبرمج ابتداء من الثامنة صباحا، فما كان من المناضلين إلا الانخراط في التعبئة الصباحية، وكان على المناضلين الآخرين الانخراط في التعبئة المضادة لكسر الإضراب.
واليوم، يوقعون على بيانات تضامنية مع ضحايا النظام الأساسي الذي ناضلوا من أجل فرضه على الضحايا.
إنها غاية السخرية، إنها الدراما في أتعس تجلياتها.
4 – ازدهرت الساحة التعليمية بالضحايا: العرضيون، الذين لم يسبق لهم، الذين سبق لهم، تغيير الإطار، وهلم جرا من الفئات، ولكل فئة إضراباتها ونضالها، وأحيانا اشتغل رجال التعليم في بعض السنوات أياما أقل من عدد أيام الإضرابات، وأحيانا تنخرط التنسيقيات في إضراب من الثلاثاء إلى الجمعة، ولا تشتغل المؤسسات إلا الإثنين والسبت، على مرأى من الحكومة التي لم يتحرك حسها الوطني لحل المشاكل وإنقاذ القطاع.
في ذلك الحين، كان الآباء وأولياء الأمور يضيقون ذرعا بالمؤسسات العمومية، وازدهرت بالمقابل مؤسسات القطاع الخاص، فاستفاد المقاولون بمساعدة المناضلين الذين أسهموا في تنفير الآباء من التعليم العمومي وتقديمهم قرابين إلى التعليم الخصوصي ومؤسساته.
والآن، تبكي النقابات على المؤسسات العمومية وهي من أسهم بقسط وافر في خلق بيئة حاضنة للتعليم الخصوصي.
هذا النضال المتكاثر، توقف نسبيا مع عهد عبد الإله بنكيران، والآن يطل من عنق الزجاجة، لتحقيق أهداف واضحة ومضمرة، خصوصا إذا استحضرنا أمرين اثنين:
أولهما: التوحد المفاجئ بين النقابات وهم الإخوة الأعداء، الذين تخصصوا في النضال ضد بعضهم، فمن وحّدهم؟
ثانيهما: تصريح مسؤول حزبي كون أخنوش هو مالك الساروت الذي يحل كل المشاكل.
هنا يحق لنا التساؤل: هل كان أخنوش هو مالك ساروت توحيد النقابات وفرض عليهم عزل نقابة العدالة والتنمية؟ وهل مالك الساروت هو الذي حرّك هذه النضالية، فأرجع النقابات إلى سابق عهدها حيث كانت تلوح بسلسلة إضرابات وليس بإضراب واحد؟ وهل يدخل هذا في الانخراط الجدي والمسؤول لمحطة 2021 أو ما قبلها؟ وهل رجال التعليم مجرد حطب للاستعمال في هذه المعارك؟
5 – إضراب يومين، وبعده إضراب ثلاثة أيام في التعليم العمومي، أعلنته ابتداء النقابات المتوحدة بفعل ساروتٍ ما، وبعد الإعلان عنه، دعت نقابة العدالة والتنمية إلى إضرابين في نفس المدة، واستعملت شعار النضال الوحدوي، وهي إشارة منهم إلى الآخرين، مفادها: إن كنتم ترفعون شعار الوحدة ولا تمارسونه، فنحن نرفعه ونمارسه، وهذه ضربة جزاء أخلاقية سددتها النقابة في مرمى المتوحدين، لكن ذلك لا يكفي.
كان حريا بها أن تسجل ذلك الهدف، وأن تعلن عن إضراب ليوم واحد، وأن تضيف في البيان إشارات أخرى، يلتقطها كثير من الفاعلين، خصوصا جمعيات آباء وأولياء التلاميذ (إن لم يخضعوا للساروت وصاحبه)، فكان عليهم أن يضيفوا إشارة إلى مصلحة التلاميذ، وعدم تعريضهم إلى الضياع في ظل موسم غير جيد، حينذاك يربكون الخصوم النقابيين وساروتهم، وهذا ما لم يقع.
6 – بالنظر إلى إضرابات شهر مارس، ستكون يومي الأربعاء والخميس، ثم ستكون أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس، وهو ما يفرض علينا تسجيل ملاحظات عجلى:
الأولى: هناك مواد مبرمجة للتدريس في أيام بعينها، يعني أن التلاميذ سيضيعون في حصص يوم الأربعاء والخميس مرتين اثنتين في شهر واحد، وحصص الثلاثاء ستضيع مرة واحدة، وهذا الضياع أو التضييع لم يستحضره نقابيونا الكرام.
الثانية: في المقابل، تلاميذ التعليم الخاص سيحضرون حصصهم الكاملة، ولن يضيعوا أبدا، وهذه رسالة سلبية يتلقاها آباء وأولياء أمور تلاميذ المدرسة العمومية، كان على نقابيينا رضي الله عنهم أن يستحضروها.
الثالثة: هذه الملاحظة تزيد الملاحظة السابقة سوءا وبؤسا، لأن كثيرا من أساتذة التعليم الخصوصي هم أساتذة التعليم العام، وهم الذين سيضربون عن تدريس تلاميذ القطاع العام، وسيدَرّسون تلاميذ القطاع الخاص، ولنا أن نحدس البعد الأخلاقي في هذه النازلة، وكيف يُسهم نقابيونا في تكريس النظرة السلبية والسوداوية للمجتمع تجاه رجال ونساء التعليم.
الرابعة: انتهاء إضراب مدته ثلاثة أيام، بعده بيومين، عطلة 15 يوما، من يشرح لنا هذا العبث؟ وما هذا الهدر النضالي؟
الخامسة: قد يواجهنا البعض بأننا ضد النضال، معاذ الله، ولكن النضال ليس هو الإضراب فقط، وحري بنا أن نجدد في الممارسة النضالية، بحيث يمكن إرباك عمل الحكومة بنضالات متميزة، مثل التوقف عن العمل ساعة واحدة في الصباح وساعة واحدة في المساء، وبعدها يتم التصعيد تدريجيا إلى ساعتين في الصباح وساعتين في المساء، وهكذا نزاوج بين العمل والنضال وإرباك الإدارة.
ثم هناك نضال آخر، ويمكن تأجيله إلى العطلة، وذلك ببرمجة مسيرات جهوية في الأسبوع الأول من العطلة، ومسيرة وطنية في الأسبوع الثاني، وعقد ندوات محلية ومحاضرات في المقرات للتعبئة، وتزيع مطويات في المقاهي والشارع العام … ولكن النقابيين يتفادون هذه النضالات، لأنها نضالات “فارِشة”، تفضح الواقع “النضالي”، وفي نفس الوقت تجعلني أقرع الانتباه إلى مسألة غاية في الخطورة، أو غاية في اللاأخلاقية، وهي كيف ينخرط رجال التعليم ونساؤه في الإضرابات بكثافة؟ ولكن حين يُدعون إلى نضالات المسيرات والوقفات الاحتجاجية، ترى المشاركين قلة قليلة؟
تساؤلات لا بد من طرحها وإثارتها، هل يحبذ رجال التعليم نضالا دون نضال؟ وما هو النضال الأثير عندهم؟ ولماذا تنساق النقابات مع النضال الأقل تكلفة من حيث “الفْرْشة”، والأكثر تكلفة على الوطن؟
وفي الأخير، هذه النضالات وغيرها تفرض علينا إثارة سؤال الوطنية عند المسؤولين الحكوميين أولا، وعلى مسؤولي القطاع ثانيا. لأن منسوب الوطنية المرتفع يفرض على المسؤولين امتصاص الأزمة بعدم تعميق الاحتقان، مما يعود بالنفع على تلاميذ المدرسة العمومية، وتسويتهم بتلاميذ المدارس الخصوصية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.