يعتبر احتفال العالم في فاتح ماي من كل سنة بالعيد الأممي، فرصة لإحياء ذكرى نضال الطبقات العاملة في العالم، وهو كذلك لحظة للتقييم والتأمل في المسيرة النضالية التي تمارسها النقابات باعتبارها حق مشروع أكدته جميع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وإذا كانت هذه المواثيق وإلى جانبها الدستور المغربي يضمنان الحق في الإضراب والحق في العمل النقابي ففي تضرب كل المواثيق الدولية ومعها الدستور المغربي عرض الحائط من أجل قمع كل حركة احتجاجية تناضل من أجل محاربة الظلم وتدافع عن العدالة الاجتماعية. كل هذه التحولات تجعلنا كنقابات نفكر في إعادة النظر في صيغ نضالاتنا نعيد النظر في منهجية عملنا، في ضرورة التفكير في وحدتنا ونعيد النظر كذلك في علاقة الثقة التي اعتقدنا أنها قد بنيت مع الحكومات المتعاقبة. إن النقابة الوطنية للتعليم العالي وهي تشارك إلى جانب المركزيات النقابية والنقابات الوطنية القطاعية احتفالها الأممي، تحيي نضالات الطبقة العاملة بجميع مستوياتها وتؤازر صمودها في مواجهة التراجعات التي تمس المكتسبات المادية والمعنوية، كما تعبر عن مساندتها للشغيلة المغربية في تحقيق مطالبها المشروعة برفع الحيف والإقصاء الاجتماعي الناتج عن التضييق على الحريات النقابية، وقمع التظاهرات الاحتجاجية السلمية وإغلاق العديد من المقاولات الخاصة وتسريح العمال وحرمانهم من ابسط الحقوق الاجتماعية وارتفاع الأسعار وتخلي الدولة على وظائفها في توفير الشغل والتعليم والصحة والسكن، في ظل وضع اجتماعي مقلق تتحمله الطبقة الفقيرة والمتوسطة والمحرومين والمهمشين في هذا البلد وتكرسه حكومة غير مسؤولة. لقد ظلت النقابة الوطنية للتعليم العالي الى جانب المركزيات النقابية الأصيلة المناضلة في خندق واحد في مختلف اللحظات التاريخية العصيبة. من المؤكد أن النقابة الوطنية للتعليم العالي تناضل من اجل جامعة مغربية عمومية متطورة، تمكن الطلبة المغاربة من تكوين رفيع ونوعي ومنصف وجيد، وهو أمر لا يمكن أن يتحقق إلا بتحسين أوضاع الأطر العاملة بها على اختلاف أصنافها، وخلق الشروط الضرورية لتطوير البحث العلمي في مختلف التخصصات المرتبطة بالتنمية العلمية والتقنية والحقوقية والاقتصادية والثقافية والفكرية واللغوية . إن المواقف الصارمة للنقابة الوطنية للتعليم العالي ضد اللوبي الريعي الذي أراد خلق بديل للجامعة العمومية، كانت سببا فيما تتعرض له من مضايقات واستفزازات وصلت إلى مستوى ضرب الوحدة النقابية بعيدا عن مصالح السيدات والسادة الأساتذة الباحثين وبعيدا عن الحق في التعلم والمعرفة في إطار تكافؤ الفرص والإنصاف والعدالة الاجتماعية. إن المغرب والمغاربة يستحقون جامعة عمومية رائدة. أما التعويل على القطاع الخاص في هذا المستوى فهو ضرب من الوهم حبله قصير وذو مقاصد تجارية محضة. ولا يمكن لدولة مسؤولة أن توكل المهام الاستراتيجتة لجامعتها العمومية لمؤسسات ذات هدف ربحي تجاري. إن النقابة الوطنية للتعليم العالي إذ تشارك الطبقة العاملة المغربية عيدها الأممي ، لتعبر عن قلقها الشديد لمظاهر التضييق على الحريات النقابية التي تجأ إليها الحكومات في المغرب ، حين تقتطع من أجور الموظفين الذين مارسوا حقهم الدستوري ولبوا نداء الإضراب الذي دعت إليه نقاباتهم الوطنية المناضلة بكل مسؤولية دفاعا عن حقوقهم المشروعة . إن الرغبة الواضحة في تحميل الطبقات المتوسطة والفقيرة وحدها تبعات الأزمة القائمة ببلادنا، تنطوي على مخاطر كبيرة، لا بد من أن نحذر من عواقبها، فلا يمكن أن نفهم رفض إقرار ضريبة على الثروة من قبل الحكومة إلا انه اقتناع راسخ، بان تدبير الأزمة يتم باللجوء إلى مقاربة تقشفية مضرة بالقدرة الشرائية للطبقات المتوسطة والفقيرة وبمكاسبها الحقوقية والاجتماعية. وما توجه الحكومات إلى إصلاح صناديق التقاعد سوى تغطية لما تم نهبه من أموال من الضروري معاقبة سارقيها وليس المعاقبة الثلاثية للمنخرطين كما طبقته الحكومة السابقة فيما أسمته إصلاح أنظمة التقاعد والذي كلف الطبقة الفقيرة والمتوسطة الشيء الكثير . إن النقابة الوطنية للتعليم العالي وهي تحيي ذكرى فاتح ماي بمشاركة الأساتذة الباحثين الطبقة العاملة بكل مكوناتها هاته اللحظة الأساس، تستحضر كل القضايا السياسية والاجتماعية التي هي موضوع نقاش عمومي، وانطلاقا من ذلك فهي تعبر عن مساندتها كل المنظمات الحقوقية في النقاش الدائر حول مشروع القانون الجنائي خاصة في ما يتعلق بالحريات الفردية والحق في الحياة وتطالب بأن تكون هذه القوانين منصفة تتماشى مع مقتضيات المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب ومع مقتضيات الدستور. كما أنها تستحضر القضية الوطنية الأولى التي أكدت من خلالها جيمع القوى الحية في هذا البلد وللعالم بأسره أن المغرب متشبث بوحدته الترابية وأن المبادرة المغربية بشأن الحكم الذاتي في إطار السيادة الوطنية حل واقعي من شأنه الطي النهائي لنزاع مفتعل، كما تؤكد على أن إرساء الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية والاحترام التام لحقوق الإنسان وفق التعريف الكوني لها والمساواة بين الرجل والمرأة ومركزة العلم والمعرفة هي عوامل أساسية من شأنها تقوية الموقع التفاوضي للمغرب من أجل حل سلمي للأزمة وتحصين الوحدة الترابية. إن النقابة الوطنية للتعليم العالي ستبقى وفية لنضال الطبقة العاملة وستعمل من أجل الدفاع عن الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وستظل دائما ضد المضايقات التي يتعرض لها العمل النقابي في كل مستوياته مع ضمان حق الإضراب باعتباره حق مشروع. ولتأكيد ذلك فهي تشارك إلى جانب الطبقة العاملة مسيراتها النضالية واحتجاجاتها بمناسبة يوم العمال العالمي، وستضل مدافعة عن العمل الوحدوي الذي دشناه مند سنة لأن في وحدتنا قوة تخدم نضالنا المشترك.