يحتفل العالم في فاتح ماي من كل سنة بالعيد الأممي للطبقة العاملة. وإذا كان هذا اليوم فرصة للاحتفال فهو كذلك لحظة للتقييم والتأمل في المسيرة النضالية التي تمارسها النقابات باعتبارها حقا مشروعا أكدته جميع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وإذا كان المغرب اليوم يعرف حراكا اجتماعيا جراء المضايقات المادية والمعنوية التي تمارسها الحكومة ضد المطالب المشروعة للشغيلة العمالية، فعلى النقابات أن تؤطر هذا الحراك وأن تعمل على توحيد الرؤي وتكثيف الجهود من أجل خلق جبهة هدفها الأساس التأطير النقابي المبني على محاربة الظلم وتثبيت العدالة الإجتماعية. لقد أصبحنا اليوم أمام واقع مظلم يستحيل معه التنبؤ بأي تحول إيجابي. فالحوار الإجتماعي متوقف وحتى ان وجد فمحتواه فارغ، وهو ما يؤكد أننا أصبحنا أمام واقع لا يجب السكوت عنه ...واقع تنعدم فيه كل الضمانات التي تدفعنا كنقابات الى وضع الثقة في حكومة أجهضت كل القوانين الحقوقية المتعارف عليها دوليا من خلال وضع مشاريع قوانين تتعارض مع قوانين منظمة العمل الدولية، سواء على مستوى العمل النقابي أو الحق في ممارسة الاحتجاج عن طريق الإضراب وهو ما يعني حرمان المواطن من كل اشكال التعبير التي تسمح له بالنضال من أجل العيش الكريم والحرية والعدالة الإجتماعية. إن هذا الواقع وهذه المضايقات تدفعنا كنقابات وطنية ديمقراطية وحداثية لأن نجعل من مناسبة فاتح ماي من كل سنة مناسبة لتقييم عملنا النقابي كأفراد أو جماعات يجب أن يكون فاتح ماي بالنسبة لنا فرصة للتفكير في عملنا الوحدوي لأن في وحدتنا قوة لنا نستطيع من خلالها مواجهة كل التحديات والصعوبات ، وقد أكدنا ذلك من خلال مسيرة 6 ابريل التي ساندتها جميع القوى التقدمية وكانت فعلا تجربة ناجحة للعمل الوحدوي. إن لحظة فاتح ماي تعتبر فرصة لنا للتفكير في صيغ نضالاتنا بشكل فردي والنتائج التي حققناها ونحن كذلك والتي قد نحققها ونحن مجتمعون في إطار جبهة نقابية وطنية، هو فرصة كذلك لنعيد النظر في الثقة التي اعتقدنا بناءها مع الحكومة من جراء ممارستنا لنضال تشاركي ظننا أنه قد يتحقق من خلال حوار لا يوجد سوى في أذهاننا، حوار مغشوش من الضروري توقيفه نحو صيغ أكثر فعالية تدافع عن كرامة الإنسان وتصون حقوقه. إن النقابة الوطنية للتعليم العالي وهي تشارك الى جانب المركزيات النقابية والنقابات الوطنية القطاعية احتفالها الأممي، تحيي نضالات الطبقة العاملة بجميع مستوياتها وتؤازر صمودها في مواجهة التراجعات التي تمس المكتسبات المادية والمعنوية، كما تعبر عن مساندتها للشغيلة المغربية في تحقيق مطالبها المشروعة برفع الحيف والاقصاء الاجتماعي، الناتج عن التضييق على الحريات النقابية وقمع التظاهرات الاحتجاجية السلمية، وإغلاق العديد من المقاولات الخاصة وتسريع العمال وحرمانهم من أبسط الحقوق الإجتماعية وارتفاع الاسعار، وتخلي الدولة عن وظائفها في توفير الشغل والتعليم والصحة والسكن في ظل وضع عالمي يتميز بالازمة المالية الخانقة التي يعيشها النظام النيوليبرالي وما له من آثار سلبية على أوضاع البلاد عموما والشغيلة المغربية خصوصا. أيتها الأخوات أيها الاخوة لقلد ظلت النقابة الوطنية للتعليم العالي الى جانب المركزيات النقابية الاصيلة المناضلة في خندق واحد في مختلف اللحظات التاريخية العصيبة. من المؤكد أن النقابة الوطنية للتعليم العالي تناضل من أجل جامعة مغربية عموما متطورة، تمكن الطلبة المغاربة من تكوين رفيع ونوعي. وهو أمر لا يمكن أن يتحقق إلا بتحسين أوضاع الاطر العاملة بها على اختلاف أصنافها، وخلق الشروط الضرورية لتطوير البحث العلمي في مختلف التخصصات المرتبطة بالتنمية العلمية والتقنية والحقوقية والاقتصادية والثقافية والفكرية واللغوية. هي أهداف لا يمكن أن تتحقق ببلادنا الا بالايمان القوي أن المغرب يستحق جامعة عمومية رائدة. أما التعويل على القطاع الخاص في هذا المستوى فهو ضرب من الوهم حبله قصير وذو مقاصد تجارية محضة. ولا يمكن لدولة مسؤولة أن توكل المهام الاستراتيجية لجامعتها العمومية لمؤسسات ذات هدف ربحي تجاري. إن النقابة الوطنية للتعليم العالي إذ تشارك الطبقة العاملة المغربية عيدها الأممي، لتعبر عن قلقها الشديد لمظاهر التضييق على الحريات النقابية التي لجأت إليها الحكومة الحالية، حين اقتطعت من أجور الموظفين الذي مارسوا حقهم الدستوري ولبوا نداء الإضراب الذي دعت إليه نقابتهم الوطنية المناضلة بكل مسؤولية، دفاعا عن حقوقهم المشروعة. كما تعبر كذلك عن قلقها إزاء توجه الحكومة نحو معالجة العجز الخطير التي تعاني منه صناديق التقاعد، جراء الاختلاسات التي عرفتها، تلك المعالجة التي تأتي في إطار الإفلات من العقاب وتحميل تبعات ذلك للأجراء من خلال الحكم عليهم بالعقاب الثلاثي، وذلك بالرفع من سن التقاعد والزيادة في المساهمات والنقص في التعويضات، وهو توجه غير منطقي وغير مقبول ومخالف للقانون. إن التنزيل السليم لدستور البلاد لا يبيح هذا النوع من السلوكيات غير المسؤولة، والتي من شأنها أن تقود بلادنا الى احتقانات هي في غنى عنها. إن الرغبة الواضحة في تحميل الطبقات المتوسطة والفقيرة وحدها تبعات الأزمة القائمة ببلادنا، تنطوي على مخاطر كبيرة. لابد أن نحذر من عواقبها. فلا يمكن أن نفهم رفض إقرار الضريبة على الثروة من قبل الحكومة إلا بأنه اقتناع راسخ، بأن تدبير الازمة يتم باللجوء الى مقاربة تقشفية مضرة بالقدرة الشرائية للطبقات المتوسطة، والفقيرة وبمكاسبها الحقوقية والاجتماعية. إن النقابة الوطنية للتعليم العالي وهي تحيي ذكرى فاتح ماي بمشاركة الأساتذة الباحثين الطبقة العاملة بكل مكوناتها هاته اللحظة الاساس، تستحضر القضية الوطنية التي أكدت من خلالها جميع القوى الحية في هذا البلد وللعالم بأسره أن المغرب متشبث بوحدته الترابية، وأن المبادرة المغربية بشأن الحكم الذاتي في إطار السيادة الوطنية حل واقعي من شأنه الطي النهائي لنزاع مفتعل من بعض الدول. الاخوات و الاخوة إن النقابة الوطنية للتعليم العالي ستبقى وفية لنضال الطبقة العاملة، وستعمل من أجل الدفاع عن الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية وستظل دائما ضد المضايقات التي يتعرض لها العمل النقابي في كل مستوياته مع ضمان حق الاضراب باعتباره حقا مشروعا. انطلاقا من ذلك فهي تؤكد مشاركة السيدات والسادة الاساتذة الباحثين في مسيرات وتظاهرات فاتح ماي العالمي.