كنتُ في خريف ما لا أذكر جيداً ذلك الطفل الذي لاينتظر أحدا يُحِب ُّ نقراتِ المطر على زجاج النوافذ و حشْرجةِ المساءاتِ الحزينة ولا يبحث عن قانونِ تعاقُب الفصول بريئًا كنتُ أسابِق ظِلِّي وأعاند الشمس التي تلاحِقُني لم تكنْ لِي لعبةٌ أتسَلَّى بها كنتُ أكتشِفُ العالمَ على طريقَتِي أضغط على زِرِّ جَرَس البيوت وأختفِي فرحا في عَتَمة منعطفاتِ الأزقّة الرَّطْبة يُطاردُنِي صِياحُ رجلٍ عجوز بعْد ستِّين عاما صرت أنتظر يوميا شيئا مَا رنَّة الهاتف صوت بائعِ الخَرْدوات أغنية شرقية قديمة وحينما يُنهِكني الانتظار أتابع مشاهد الموْت على القنوات أومباراة لكرة القدم الإسبانية مسترخيا فوق كنبة قديمة أرْتشِفُ فنجانَ قهوة لكنَّنِي صرتُ كل َّمساء أنتظر صخب الأطفال العائدين من المدارس أبحثُ بينهم عن نفسي وهم يَطْرُقُون الأبوابَ المغلقة على أسرار المدينة لمَّا أسمع رنينَ جَرَس الباب الخارجي أصيح غاضبا:مَنْ؟ أُطِلُّ من النافذة لا أرى أحدا تعلو ضحْكةٌ مكْتُومة وينسلُّ طيفُ طفلٍ هاربا ربَّما هو أنا وربما أكونُ اليوم ذلك العجوزُ المرهق في ذلك المساء الخريفي