أعرف الشاعرة أمل الأخضر منذ دائما، حتى قبل أن يتشكل وعينا الشعري، وحتى قبل أن نتواصل ونتفاعل في جمعية الامتداد الأدبية بمدينة القصر الكبير، وقبل أن نهيم في ملكوت الأدب باحثين عن شجرة الشعر نستظل بها… أعرف أمل الأخضر منذ دائما، ومنذ دائما كنت أعرف أنها شاعرة، شاعرة بالفطرة وبالسليقة، شاعرة في علاقاتها الإنسانية وفِي الحياة، شاعرة بالكتابة والإبداع والإلقاء. أقرأ للشاعرة أمل الأخضر وأتابعها منذ القصيدة الأولى إلى الآن، مرورا بديوانيها ( بقايا كلام ) و( أشبه بي )، وكنت دائما ولازلت مؤمنا بقدرتها الفائقة على إنتاج نص شعري سليم لغة وصورة ودلالة وإيقاعا. كنت، ولازلت، مؤمنا بقدرتها على خلق أشكال شعرية تحمل بصمة ونكهة وميسم الشاعرة أمل الأخضر لوحدها ولا أحدا آخر سواها. وكنت مؤمنا بأن أمل الأخضر شاعرة من طينة الشعراء الذين يتركون داخلك أثرا لا يمكن أن يزول. تؤسس الشاعرة أمل الأخضر عالمها الشعري بناء على مجموعة من العناصر أو التيمات المحورية التي يمكن اعتبارها موضوعات مركزية في كل قصائدها، هي الذات، الآخر، الطبيعة، الذاكرة، الحلم، الخلاص. هذه التيمات مجتمعة تؤطر الوعي الفكري العام في أغلب قصائدها، وتتمرأي كعالم تخيلي يحدد الإطار الموضوعي الذي يكون رؤية الشاعرة للعالم . بهذه الرؤية تؤثث الشاعرة أمل الأخضر عالمها الشعري، وبهذا الوعي الشعري تعطيه حمولاته الشعرية والجمالية والمعرفية ليتبدى عالما شعريا بامتياز. غير أن أهم ما يميز قصائد الشاعرة هو بناؤها الإيقاعي، الشاعرة تخلق إيقاعاتها الخاصة، وهي إيقاعات تنفلت من أي نموذج إيقاعي متداول، وذلك من خلال تقنيات تشكيلية وتركيبية خاصة، ومن خلال التركيز على القافية كمحدد إيقاعي نوعي. إيقاعات نصوص الشاعرة أمل الأخضر، كذلك، تتميز بالحركية وهي خاصية لاتتوضح إلا مع الإلقاء والإنشاد فيه . يبقى السؤال، لماذا تتأخر الشاعرة في ضم قصائدها بين دفتي كتاب يمكن له أن يسر القارئين؟ هل تكتفي الشاعرة أمل الأخضر بصفحتها الفايسبوكية، وبالمراجع الورقية والإلكترونية التي تنشر فيها قصائدها، وبمشاركاتها في عدد من اللقاءات والشعرية، وتعتبر ذلك كافيا للتعبير عن الذات الشاعرة؟ كيفما كان الحال، وكيفما كانت الأسباب، تبقى قصائد أمل الأخضر، سواء كانت منفردة في تحليقها هنا أو هناك، أو مغردة داخل السرب بين دفتي كتاب، حفيف ارتعاش على ورق الوجدان يسيل.