وأنا ألج ” درب النصارى ” الظليل نزعت نظارتي الشمسية، ولمحت الجانبية الخلفية لفتى عند الإطار الإسمنتي لباب إحدى الدور ذات الطراز الكولونيالي. كان الإطار على شكل محراب. من الزاوية التي كنت أنظر منها لم يكن ممكنا أن أرى وجهه الذي كان محجوبا بالإطار السميك للباب. خمنت أنه يعالج قفل الباب. أبعدت هذا التخمين، وأنا أقترب منه، لأن موضع القفل لا يمكن أن يعلو فوق مستوى جدع الفتى. تحولت إلى تخمين ثان: ربما كان يصلح أو يضغط على الجرس. وأنا أقترب أكثر لاحظت أنه كان يهزهز ساقيه، ويقف على طرفي قدميه، يتلوى ويتهزهز كغطاس يتحسس بقدميه منصة الغطس.. كنت لا أزال تحت سطوة التخمينات عندما لم يعد يفصلني عنه سوى بضعة أمتار. مسافة كافية ليكون تخميني سديدا: كان الفتى في ” حصة تقبيل”.. ولأني كنت أسير في الجهة اليمنى للدرب تحتم على أن أمر قريبا منه. ربما كان يظن أنه في مأمن من المتلصصين، ما جعلني أمر بتكتم شديد.. فكرت في جزء من الثانية أن أنقر بحذائي الأرض المبلطة لكي أنذره أن أحدهم قادم لكنه سرعان ما استعاد وضعا بريئا. عندما أصبحت الصورة كاملة أمامي رأيت فتاة بنظارة طبية تحاول أن تمنح لكل من ضبطهما متلبسين بالتقبيل المشهود جانبها الأيسر لكي لا يفتضح أمرها. لكن بما أني إنسان يمكن الاعتماد الأعمى على كتمانه سيبقى السر بيننا نحن الثلاثة..