تكثر الإطراءات حولها , يكثروا المتهافتون عليها , لغة صعبة , لايقدر على تحملها أحد . إنها السياسة , اللعنة المسلطة على هذا العالم. تغيرت المفاهيم , كل منا يلغي على حسب هواه , الكل يظن أنه صائب , الكل يظن أنه الوحيد القادر على وضع المعادلة , الكل يعلي الصوت , قائلا: وحدي من يمكنه أن يوقف هذه العبثية , وحدي من أقول لا بصدق. تعلو الشعارات والهتافات , لكل منها قائد ثوري , ولكل منها لغة مختلفة , ولكل منها منهاج مغاير , ولكل منها صوت يختلف عن باقي الأصوات . ونتيه نحن بين كلتا هذه الهتافات والأصوات والشعارات , يقودنا اليمين مرة , ويقودنا اليسار مرة ومرات نقف في الوسط , حتى تجد نفسك في يوم من الأيام قد أصابك الجنون. لعبة صعبة لايعرف التحكم فيها إلا من يرى في هذا العالم غابة , الراعي فيها ذئبا , فإذا كان الراعي ذئبا فكيف سيكون القطيع؟ هذا القطيع اللذي فهم اللعبة متأخرا , بعدما جعله الراعي خاتما في أصبعه يحركه كيفما شاء. خرس الصوت , وتكتمت الأفواه , واعتقلت الأجساد , كل شيء أصبح تحت أمر الراعي , هذا الراعي اللذي جعل من اللعنة قوة ليسحق كل شيئ بما في ذلك الورود الحمراء. وتستمر هذه اللعنة تسحق كل القيم الجميلة في الإنسان وتحوله إلى ذئب لئيم لا يعرف معنى لمنظر الشمس وهي ترسل أشعتها على الوادي في وقت الظهيرة. ولا معنى صوت الريح العذب وهي ترمح فوق بركة المياه , ولا نسيم رائحة الهواء المعطر برائحة الصنوبر. الشيئ الوحيد اللذي يعرفه هذا الذئب هو جعل هذه اللعنة مد من السعادة يغمره أمام صور دمار العالم . وتستمر اللعنة , كل مافيها بليد إلى حد النتانة. كيف لا, وهي لا تعرف معنى حفيف الأوراق وتفتحها في الربيع. ونستمر نحن القطيع , نزحف ورائها , حتى نستتفيق على دمار أبشع من دمار بناية أو مجمع أو ....او ..... انه دمار الانسان . فتغيب كل قيم الحب : الخير , التسامح , الود , الشرف , الاخوة , العفة , .......الخ, لتحل محلها قيم الشر , هذه القيم التي ترى في الحرب جنة وفي السلام جحيم.