شاءت الأقدار أن تتقدم التكنولوجيا , و تصنع لنا في كل وهلة وسائل للاتصال و التواصل , لتساهم في تقريب ماهو بعيد و تبعد ما هو قريب , فكل من شاهد أحداث الشغب التي رافقت للقاء الدورة الثانية و العشرين بين أولمبيك خريبكة , و ضيفه الرجاء و عايش الأحداث منذ شراراتها الأولى سيذرك حينها , أن وسائل الإتصال قتلت الروح الإنسانية في مجموعة من المواطنين , رجل ستيني لم يذهب للملعب و لا علاقة له بالشغب و الصراعات الصبيانية يلفظ أنفاسه وسط مدينة خريبكة , بفعل أيادي الشغب الأثمة , و قلوب صهيونية تدعي أنها صحافة , عذرا من السخافة أن تتاجروا بمقاطع فيديو لزوجة تذرف الدموع على إصابة زوجها المميتة , لماذا لم تصوروا من أصابه بشهب الإصطناعية ؟ لماذا لم تكتبوا عن تأخر سيارة الإسعاف ؟ لماذا لم تكتبوا عن تواطئ السلطات المحلية التي فشلت في تأمين مرور الجماهير الرجاوية حتى لا يقع شنئان بين الجماهير ؟ لأنه و بكل بساطة مقطع الفيديو سيشهر موقعم و قنواتكم على موقع اليوتوب و صفحات التواصل الإجتماعي . توصلنا بخبر وفاة الرجل بقلب مفجوع , و ذهبنا للمستشفى الإقليمي لمدينة خريبكة حيث كانت الجثة في قسم الإنعاش بينما الأم و الزوجة و العائلة في قسم المستعجلات يترقبون خبرا مفرحا يزفه لهم طبيب أو ممرض أو حتى عامل الحراسة , لنتفاجئ ببعض المواقع المحسوبة على الإعلام تنشر عناوين ربحية أشباه " حصري " و " فضيحة " و "عاجل " ... و تنشر معلومات خاطئة عن سن و هوية الضحية , لتجعل من وفاة مواطن بريء فرصة لربح الايك و البارطاج , ساعات بعد ذالك يروجون لفيديو المواطن و هو يلفظ أنفاسه الأخيرة بشارع مولاي يوسف بخريبكة ,فلنترحم على روح الإنسانية قبل المرحوم , ضعوا أنفسكم في موقف الزوجة و الأم المكلومة و العائلة المصدومة بهول الفاجعة , كيف سيكون موقفكم حين تجدون صورو فيديوهات أقاربكم على مواقع الشبكة العنكبوتية يلفظون أنفاسهم الأخيرة دون أن يتلقوا أدنى شروط المساعدة , هل ستشاركون المقطع و على صفحاتكم و تكتبون إعمل لايك و ترحم عليه ؟ هل تجوز رحمة بالبارطاج و لايك الربحي ؟ لست إماما أو داعية كي أجيب بالحلال و الحرام لكن من منظور إنساني , إن لم تستطع مساعدة الأشخاص لا تصور مأتمهم بوسائل إتصال قتلت قيمك و أخلاقك . يجب الإسراع بتفعيل محاكم رياضية حتى لا نجد في يوم من الأيام , أنفسنا أمام تفعيل قانون شغب الملاعب يقضي بإلاغاء تنقلات الجماهير لمؤازرة فريقها , لا تجعلوا الإلتراس تدفع ثمن أيادي مدنسة بدماء الأبرياء فقد يكون ذالك أخر مسمار يدق في نعش الكرة المغربية , بالأمس من قام بتفعيل الشغب بعض الجماهير التلفزية التي لا تتنقل خارج مدينتها و تستغل قدوم الجماهير الكبرى من أجل نشر الفتنة , بين الفصائل التي تضحي بالغالي و نفيس من أجل فرقها , بعض المحسوبين على الجماهير المحلية و جماهير الرجاء و السلطات المحلية التي لم تؤمن طريق الجماهير , كلها أطراف تتحمل جزء كبير من مسؤولية إزهاق روح بريئة في مدينة خريبكة .