الإضراب كان جد محدود إذا حاكمناه للعنوان الذي أطلقته عليه النقابات وهو "الإضراب العام".. المفروض من إضراب كهذا أن ينخرط فيه القطاع العام الذي كانت مشاركة بعض قطاعاته جد مشرفة ومتميزة، وأن ينخرط فيه كذلك القطاع الخاص والمهن الحرة التي لم تشارك نهائيا بل من المواطنين من لم يسمع عن الإضراب أصلا إلا خبرا سريعا هنا أو هناك. لكن الإضراب كان محطة مهمة في مسلسل التغيير ووجب الوقوف عند مكتسباته ومراجعة سلبياته. فإن كان من أهم مكتساباته إجماع النقابات على فعل نقابي محدد، إضافة للحوار المجتمعي الذي رافقه، فإن السلبيات التي كشف عنها كثيرة وكثيرة جدا.. أهم هذه السلبيات هو أن النقابات، كما الأحزاب، تبتعد يوما عن يوم عن تأطير الرأي العام... وبدا بشكل جلي أن الشعب قد مل حديث السياسيين والنقابيين، بل تجاوزهم بكثير، فهو يرى أن ممارساتهم النقابية لا ترقى لتحقيق مطالب العمال بل يرى عموم المواطنين أن النقابات إنما هي أدرع سياسية لأحزاب تحركها مصالح ذاتية... وهذا الموقف من النقابات الوطنية والذي له نسبة من الصحة، نأسف له أشد الأسف. لا يستثني الشعب في هذا أية نقابة.. كما أن الذين يحاولون التنقيص من الإضراب العام لا يمكنهم أن ينكروا أن نزول نقابتهم للشارع كان بإمكانه أن يضيف زخما ما لهذا الإضراب، لأن العزوف يشمل كل الفعل النقابي والسياسي برمته. وأرى بعذ ما سبق ذكره أن على الفاعلين بالمغرب أن يقفوا وقفة حقيقية مع الذات كل من جهته لتدارس هذا العزوف وأسبابه الحقيقية لتجاوزه. إن الشعب الغير مؤطر سياسيا ونقابيا وإعلاميا وثقافيا إنما هو همل يستفيذ من غيابه ناهبوه... إن شعبا تنخره الأمية لن ينتج إلا يأسا ينتج بدوره غضبا تسثمره التيارات والرياح المحلية والدولية العنيفة التي طغت عليها السطحية والتي تجد مرتعا خصبا وسط هذه الفئات. لسنا اليوم في مرحلة التشفي أو التنابز وإنما نحن أمام محطة حقيقية وفرصة جديدة لمراجعة أشكال الإشتغال ومجال الإشتغال وظروفه، نحن اليوم في مرحلة مفصلية من تاريخ أمتنا فإنا أن نكون في مستوى الحدث ونستفيد جميعا مما يقع من حولنا وإما أننا سنوقع جميعا على المزيد من تخلفنا وتراجعنا فليس بالأماني فقط تنهظ الأمم. عبد الرحمان فرح