أكد عادل الوزاني الكاتب الوطني للنقابة الحرة للمالية أن محطة المؤتمر الأخير للنقابة تندرج في إطار الدينامية الجديدة الهادفة إلى تحقيق مطالب الشغيلة والشعب في العدالة والعيش الكريم. وأبرز عادل الوزاني في حوار مع جريدة العلم المؤتمرون خلال هذه المحطة حرصوا على تجسيد مبادئ الديمقراطية الداخلية والجهوية والمناصفة في تنظيمات النقابة. وشدد على ضرورة انكباب المسِؤولين على معالجة الأوضاع المزرية التي تعيشها شغيلة قطاع الاقتصاد والمالية ، مشيرا إلى أن النقابة تولي أهمية للعمل الاجتماعي باعتباره أحد الآليات الأساسية لتحسين أوضاع هذه الشغيلة. وفي إجابته عن أسئلة العلم ،أوضح عادل الوزاني أن إصلاح نظام العلاوات بالوزارة يكتسي طابعا استعجاليا، وأن الحوار المنتج هو السبيل لتجنب الآثار السلبية للإضراب.. في ما يلي نص الحوار : س: في البداية نسألكم عن طبيعة هيكلة النقابة الحرة للمالية على المستوى القطاعي والجغرافي؟ ج :لقد تأسست النقابة الحرة للمالية في نونبر سنة 2001 ،أي خلال فترة ما يعرف بحكومة التناوب، حيث عرف المغرب انفراجا نسبيا على مستوى الحقوق والحريات، ومع ذلك فإن ممارسة العمل النقابي ليست بالأمر السهل، و قليلون فقط من يعترفون بالحقوق النقابية ويحترمونها، أما اليوم ومع إقرار الدستور الجديد فقد أردنا من خلال المؤتمر الأخير للنقابة الحرة للمالية أن ننخرط بفعالية في الدينامية الجديدة التي تندرج في إطار الاستجابة لمطالب الشعب في العدالة والعيش الكريم. ولا ننسى أيضا أن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب يعرف، في هذا السياق ، دينامية متواصلة ، خاصة على مستوى تجديد ودمقرطة هياكله والتنظيمات القطاعية التابعة له . ومن هذا المنطلق حرصنا على تجسيد مبادئ الديمقراطية الداخلية والجهوية والمناصفة في تنظيمات النقابة الحرة للمالية، حيث نجد أن المؤتمرالوطني هو أعلى جهاز تقريري، وقد انبثق عنه المجلس الوطني الذي يضم ممثلين عن مختلف المديريات، فضلا عن كتاب الفروع وأمناء المال. والمجلس الوطني هو الذي ينتخب أعضاء المكتب الوطني ،وهذا الأخير ينتخب الكاتب الوطني العام، ويوزع باقي المهام بين أعضائه. وخلال المؤتمر الأخير الذي ترأس افتتاحه الاخ المناضل حميد شباط الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب ، حرصنا على تعديل القانون الأساسي ،وذلك من أجل إنشاء لجان وطنية لكل فئة مهنية، فهناك اللجنة الوطنية للمهندسين واللجنة الوطنية للمتصرفين ثم باقي الاطارات الأخرى، كما تم إنشاء اللجنة الوطنية للنهوض بالمرأة والمناصفة واللجنة الوطنية للنهوض بالأعمال الاجتماعية واللجنة الوطنية للمتقاعدين، حيث تولي نقابتنا اهتماما كبيرا بالعمل الاجتماعي باعتباره أحد الآليات الأساسية لتحسين الأوضاع المزرية لشغيلة القطاع وتلبية جزء من الانتظارات التي يتهرب المسؤولون من تلبيتها ، فعلى خلا ف ما يعتقده الكثيرين فإن شغيلة قطاع الاقتصاد والمالية تعاني هي الاخرى الحف والظلم سواء من حيث الأجور التي لا تواكب غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية ،كما لا تستفيد من أي خدمات اجتماعية استثنائية. ج : وماذا بالنسبة للتوسع النقابي على المستوى الجغرافي ؟ ج : هذا ما كنت أحوال التطرق إليه ، فمباشرة بعد محطة المؤتمر ،تم تجديد المكاتب المحلية بكل من الرباطوسلا وتمارة ،كما تم تجديد الاتحاد الجهوي لجهة الرباط ، وتم إنشاء الاتحاد الجهوي للنهوض بالأعمال الاجتماعية على صعيد نفس الجهة. وقد سطر المكتب الوطني برنامجا محددا لتجديد مختلف الفروع على الصعيد الوطني ،وهنا تنبغي الإشارة إلى أن هذا العمل يتطلب مجهودا كبيرا وتواجهه عراقيل كثيرة، فمثلا التواصل مع الموظفين يتطلب التفرغ والتنقل إلى مقرات العمل محليا ووطنيا ،إلا أن الإدارة تعارض ، في الغالب الأعم ، تسهيل هذه المهمة ، كما أنها لا تضع رهن إشارة النقابات وسائل التواصل المتوفرة لديها، فالبلاغات على سبيل المثال ، يتم نشرها في السبورات المتواجدة بالإدارات المركزية فقط ،والموظفون الموجودون خارج المركز مثل سلا وتمارة لا يعرفون شيئا عن هذه البلاغات ، بل إن الموظفين العاملين بحي الرياض أنفسهم محرومون من هذه الخدمة البسيطة، هذا في الوقت الذي تتوفر فيه الوزارة على صفحة رئيسية للأنترانت، يمكن القول أن أغلب المعلومات المتوفرة بها لا تفيد الموظفين في شيء ،لاعتبار أنها لا تخصص ولو حيزا صغيرا لإعلانات النقابات والجمعيات . فالصفحة المخصصة للنقابات لا يعرفها أغلب الموظفين ،كما أن الادراة لا تمكن النقابات من البريد الالكتروني للموظفين وتترك هذه الوسيلة لنشر البلاغات التي تخدم وجهة نظرها. إن كل هذه المعطيات مع استمرار التضييق على النقابات وعدم تسهيل مأموريتها، يرسخ القناعة بان دستور 2011 أمامه مشوار كبير ليطبق على أرض الواقع، والأمر مشروط بتغيير الرجال ، فمما لاشك فيه أن لهذا الدستور رجالاته أيضا. س : ماهي أهم الملفات التي ستنكب عليها النقابة الحرة للمالية؟ ج :إن الملف الأول الذي يكتسي بالنسبة إلينا طابعا استعجاليا، هو إصلاح نظام أو أنظمة العلاوات بالوزارة وهو مطلب ناضلنا وسنناضل من أجله إلى حين تحقيق الأهداف التالية :أولا ضمان شفافية نظام العلاوات حتى يصير معروفا لدى الجميع، فاليوم لا أحد يعرف قيمة العلاوات التي تصرف وكيفية توزيعها على الموظفين، وحينما تسرب وثيقة أو معلومة تقوم الدنيا ولا تقعد ،وكل طرف يستغل اليوم هذا الغموض لأهداف لا علاقة لها بمصلحة الموظفين، ولقد رأينا جميعا الضجة التي أحدثها ما يعرف بعلاوات السيدين مزوار وبنسودة، والبعض طالب بمحاكمة وزير المالية السابق والخازن العام للمملكة، والضرورة تقتضي من الوزيرين الحاليين العمل من أجل الإفصاح عن كيفية توزيع العلاوات حتى نعرف ماذا أخذ ويأخذ كل موظف بوزارة المالية . إن هذه الضبابية هي السبب الرئيسي للمشاكل الكبرى التي يعاني منها القطاع، والتي أدت بالجميع إلى النفق المسدود، وترتب عنها محاكمة الموظفين، والنواب البرلمانيون الذين يعربون عن تضامنهم مع المتابعين عليهم أن يلزموا وزراءهم داخل أحزابهم بالتنازل عن الشكاية ،ووضع حد لهذه المتابعة، التي تضر بسمعة الموظفين و لا تخدم الوزارة وبلادنا بشكل عام .إن السياق الحالي يفرض شجاعة أكثر وتدبيرا سياسيا للملفات الكبرى فالوزارة تعتبر أن إصلاح أنظمة العلاوات مسألة تقنية وشكلت لجنة لهذا الغرض ونحن على يقين أن عمل اللجنة سيخلص إلى زيادة طفيفة في مبالغ العلاوات مع الحفاظ على الجوهر المختل للمنظومة فالنقابة الحرة للمالية تعتبر أن الإصلاح أولا مرتبط بقرار سياسي فشفافية النظام ونشره وإقرار عدالة في توزيع العلاوات وتحصين العاملين من التأثير الداخلي والخارجي كلها أمور تحتاج إلى إرادة سياسية وليست هناك مؤشرات تدل على وجود هذه الإرادة فالحكومة اليوم رغم أنها تملك القرار والصلاحيات والإدارة والإعلام العمومي ولها أغلبية للتشريع إلا أنها تمضي الوقت في الحديث عن العفاريت والتماسيح وقوى التحكم عوض التحلي بروح العمل والحسم، مما يعطي الانطباع أننا نعيش في فترة ما قبل 9 مارس. أما الملف الثاني الذي يجب الانكباب عليه ،فيتعلق بالخدمات الاجتماعية، فالجميع يعرف، اليوم أن جمعية الأعمال الاجتماعية تعيش وضعية الحظر العملي ،وذلك بعد إقدام السيد الوزير على تعيين مسؤولين بقسمها الإداري والجميع يعرف أيضا أن هذه الجمعية لا تتلقى أي دعم من الوزارة . فهناك أطراف معلومة تضغط من أجل حرمان الجمعية من الدعم، أما مبرر الوزارة فهو كون الجمعية تتوفر على موارد كافية، والحقيقة أن مثل هذه المقاربات هي التي أدت إلى إفلاس العديد من المؤسسات العمومية ،فالتدبير لا يعني صرف المدخرات الموجودة بقدر ما يعني ضمان الاستمرارية.و نحن نعلم أن الوزارة تعمل على تضخيم ملف الأعمال الاجتماعية وذلك لغض الطرف عن ملف العلاوات، والبعض يأتي للحديث عن الفساد بالجمعية وعن تبديد أموال عمومية، إلا أننا لم نسمع لحد الساعة أن عضوا من المكتب أخذ قرضا من الجمعية وامتنع عن أدائه أو أن هناك توظيفات بالجمعية أو أن أحد الأعضاء استفاد من فيلا أو شقة فحسب علمي فأعضاء المكتب الحالي يتنقلون بوسائلهم الخاصة ولا يتقاضون تعويضات التنقل . س : ماهي توجهاتكم من أجل ضمان استمرا خدمات هذه الجمعية ؟ ج : نؤكد أننا لن نسمح بالإجهاز على هذه الجمعية وسندافع من أجل تطويرها وبالمقابل نحن مع إخراج مؤسسة الأعمال الاجتماعية بعد إدخال التعديلات اللازمة على مشروع القانون المحدث لها فأول ما تتعلمه في كلية الحقوق أن القاعدة القانونية عامة ومجردة وبالتالي لا يمكن إخراج قانون على المقاس يبقي على من يحب ويحل من يحب ويعطي حق الاختيار لمن يحب. إن جمعية الأعمال الاجتماعية هي ملك للموظفين ولا يحق لأي جهة حلها أو مصادرة ممتلكاتها، فأول المكاسب التي حصل عليها المغاربة بعد الاستقلال هي الحق في تأسيس الجمعيات، حيث صدر الظهير الشريف المتعلق بالجمعيات مباشرة بعد الاستقلال سنة1958 ، ولا يمكن بعد دستور 2011 حرمان المغاربة من الحقوق الجوهرية التي ناضل من أجلها أجدادهم و آباؤهم. و إذا كانت الوزارة جادة في تطوير العمل الاجتماعي، فما عليها إلا تخصيص القليل مما في حساباتها الخصوصية لدعم الموظفين ،علما أن الطريقة التي يدبر بها ملف العلاوات لا تجعلنا متفائلين بخصوص المؤسسة المزمع إحداثها. س : ما هو موقفكم بخصوص الحديث عن مشروعي قانون النقابات وقانون الاضراب؟ ج : لقد أقر الدستور الجديد مفهوم الديمقراطية التشاركية، ومما لاشك فيه أن النقابات تقوم بأدوار حيوية في المجتمع ،واليوم جاء الوقت لتتبوأ المكانة اللائقة بها فأي قانون للنقابات يجب أن يكون محل نقاش حقيقي ،وإذا كانت النقابات مطالبة بالانضباط لمبادئ التدبير الديمقراطي والاحتكام للديمقراطية الداخلية ودورية عقد جموعها العامة، فإن من حقها مأسسة التفاوض القطاعي والمركزي وتمكينها من وسائل العمل وتوفير الحماية للمنتسبين إليها . إن العقلية السائدة اليوم ،تحاول إعطاء انطباع سيئ عن العمل النقابي وعن المناضلين، كما تحاول فرض حالة التنافي بين المسؤولية النقابية والمسؤولية الإدارية، ومثل هذه العقلية ينبغي القطع معها، فالناس يتعلمون الديمقراطية ومعنى المشاركة في الحياة العامة داخل النقابات والجمعيات، قبل أن يتعلموا ذلك في الأحزاب السياسية .ولعل من أبرز أسباب العزوف اليوم هو تراجع دورالحركة النقابية والحركة الطلابية، وبالتالي فإن إرجاع الثقة يبدأ من إعادة الاعتبار للعمل النقابي وقانون النقابات يجب أن يستحضر هذه المعطيات . هذا مع العلم أننا ندافع من أجل تخليق الممارسة النقابية ،ونعتقد أنه ولى الزمان الذي كانت فيه الإدارة تلجأ إلى شراء ذمم المناضلين.فالعمل النقابي لا يعني الابتزاز من أجل الحصول على الفتات، وليس من مصلحة الإدارة الانخراط في هذه اللعبة، بل إن من مصلحة الجميع وجود نقابة جادة وملتزمة تعري مكامن الخلل وتجتهد مع الإدارة لإيجاد الدواء في ظل شراكة متوازنة. س : وماذا عن مشروع قانون الإضراب ؟ ج : بالنسبة لقانون الإضراب، فنعتقد أن الأمر لن يكون سهلا ،فالحق في الإضراب هو من الحقوق الجوهرية، ولذلك فقد نص الدستور على أن تنظيمه يكون بقانون تنظيمي، مما يعني أن اختصاص تنظيمه موكول، من جهة، للسلطة التشريعية، ويخضع وجوبا لرقابة المحكمة الدستورية، وهذه الرقابة الهدف منها الحفاظ على هذا الحق الجوهري. وإذا كان الجميع يركز على مسألة الاقتطاع فإننا نعتقد أن الاقتطاع هو من الجوانب التي سينظمها القانون، لكنه ليس كل شيء فتنظيم الإضراب ينطلق من الدعوة إليه مرورا بمسطرته وسريانه والآثار المترتبة عليه ثم أخيرا هل يرتب الاقتطاع أم لا؟ وفي هذا الصدد ينبغي التذكير أن ما تقوم به السلطة التنفيذية من اقتطاعات هو تعدي على مجال التشريع فالحكومة لا تملك حق تنظيم الإضراب، الذي يملك ذلك هو القانون التنظيمي وإذا كنا نقر أن السياسات المتبعة أدت إلى تمييع ممارسة الإضراب، فإنه بالمقابل لا يمكن تجاهل المطالب المشروعة والتسلح بالاقتطاعات، فهذا سيؤدي إلى إفراغ الحقوق النقابية من أي معنى، ولقد رأينا جميعا كيف أن إحدى الوزارات أصدرت بلاغا تعلن فيه مقاطعة النقابة العاملة بالقطاع فهل هناك تحكم و جبروت أكبر من هذا؟ وهل بمثل هذه السلوكيات سيتم تنزيل الدستور؟ إن الشخصيات العمومية وسياساتها ليست منزهة عن النقد، ومن يضيق صدره من بلاغ نقابي عليه أن يعتزل الحياة العامة حتى يريح ويستريح. إذن فقانون الإضراب يجب أن يوفق بين ضمان ممارسة هذا الحق وضمان عدم التعسف في استعماله ، علما أن الإيمان بالحوار والتفاوض المنتج هو السبيل لتجنيب الجميع الآثار السلبية للإضراب، فعدد من القطاعات تخوض الإضراب في بعض الأحيان لكون الوزير يرفض الجلوس على طاولة الحوار. رابعا :كسؤال أخير ،كيف ترون التوفيق بين العمل النقابي والعمل الاجتماعي؟ ج :كما سبقت الإشارة إلى ذلك ،فقد عملنا في النقابة الحرة للمالية على إحداث اللجنة الوطنية للنهوض بالأعمال الاجتماعية، فالمسألة الاجتماعية لا تنفصل عن اهتمامات النقابة، وكثير من الموظفين في المصالح الخارجية لا يعلمون شيئا عن الخدمات الاجتماعية، وهنا يمكن للنقابة أن تقوم بأدوار مهمة ،إلا أننا سنحرص على اتخاذ مسافة مع التنظيمات الاجتماعية، فلا نحبذ تواجد مناضلينا في التدبير المباشر للشأن الاجتماعي وبعد انتخابي كاتبا وطنيا للنقابة الحرة للمالية سأعمد في أقرب فرصة للاستقالة من جمعية الأعمال الاجتماعية، لكن الهجمة التي تتعرض لها الجمعية قد تؤجل هذه الاستقالة. PAGE