لفظتهم الطرق المتشعبة المنبجسة من بين النباتات الجافة إلى ما وراء خطواتهم 'آه .. كم يحملون من الأماني على كتف كل هذا الأمل الغادر.. قرب باب "مدرسة ما .." يتكدسون قرب آباءهم.. قرب حياتهم 'في انتظار الفرج.. "جودو" لن ياتي ربما تشعبت به كل تلك الطرق البليدة التي ستؤدي حتما إلى روما .. ربما 'لكن الشمس هنالك في زرقة السماء لا تخلف أبدا موعدها الغريب مع كل "دخول.."تكافؤ تفهمهم و صبرهم أشعة ذهبية ..حارقة.. حانقة تجفف كل ظل من آخر ملامح ماهيته "الظلية" ليغدو جزءا لا يختلف كثيرا عن مساحة الأرض الجرداء التي تتسع و تتسع كلفظة عطش مبيّت .. يتكدسون و رغباتهم هناك .. لا تكاد تتبين إنسانيتهم لولا الأصوات التي تعلو و تخفت لتعلو في إيقاع رتيب يكرر نفسه في إصرار مرير على الوفاء لاختلافهم عن بقية الجمادات المكونة لهذا المشهد .. من شجيرات و أحجار ' وتعاليم و ووعود و كميات الفراغ و العرق.. الأرض الكريمة دوما كصدر أمّ لا ينضب تقاسمهم الكثير .. غبارها'حشراتها'رائحتها ..و تقريبا تكاد أرجلهم -التي تحمل عنها بعض شقوق عطشها كل جفاف -عند الوقوف بلا حركة تصير جزء يغوص فيها حتى ليظن المرء أنها تجاهد لتنزع نفسها من انتماء عميق لجذور تغرس عميقا فيها .. و تكاد تسمع همسات ما تردد : "لا أمل لكم في التحليق .. لا نصيب لكم في زرقة السماء..." و الأرض الكريمة دوما .. كفيض ساقية لا ينضب تغسلهم كل عشق بسخامها.. في ملاحمهم الغضة جدا تنبت العيون خارج فصول العطب كأزمنة من المشاهد الممجوجة المكررة و تتسمر الصرخة الأبدية الصادقة "هنا و لدنا.. و هنا سنبقى" ليردد القدر المدثر .. "طبعا .. هنا ولدتم و هنا ستموتون .. هل هذا مصيركم .."