سأستمد الريش لجناحي من الريش؛كيما أحلق نحو قصر السوق؛عبر هذه الجبال العالية الجرداء في عريها الأبدي؛وشموخها الأزلي؛لفحات ريح جنوبية حارة تلذغنا؛ونحن نملأ مقلنا بزرقة مياه سد الحسن الداخل الرابض هاهنا؛ليمد الناس لري عطش سرمدي؛المدينة بسيطة الملامح بأبنيتها العادية؛وبشرة قاطنيها الدالة أنني وصلت أخيرا إلى الجنوب؛بحثت عن فندق؛تجردت فيه من أمتعتي؛نقبت عن مطعم بالكاد وجدت واحدا شعبيا صغيرا تناولت فيه الغذاء؛في الفندق التقيت مصطفى أستاذ اللغة الإنجليزية القادم من مدينة فاس؛لنتوجه إلى المنطقة الوحيدة القادرة على أن تشفي لنا غليل شغف التجوال؛وصلنا عصرا إلى عين مسكي: واحة كبيرة على نهر زيز؛مسبح وخيام وسواقي كثيرة تجمع المياه المتدفقة من باطن الأرض؛مئات الأشجار بظلالها الوارفة؛وثمارها الحلوة اللذيذة؛وهذا النخل الباسق بسعفه إلى السماء؛ينضح بعناقيد بلح أصفر؛جنة ساحرة في أرض قاحلة... التجمعات السكانية تمتد خيطا لا ينتهي على الطريق المؤدية إلى عين مسكي وإلى أرفود؛يدعى التجمع الواحد هنا قصرا...قضيت أمسية رائعة ورفيقي مصطفى؛ولما أسدل الكون عباءته السوداء على المكان؛صعدنا إلى الحافلة للعودة؛وكأن القدر الذي انتشلني من الوحدة مع مصطفى؛ أصر على إخراجنا معا من الثنائية إلى الثالوث بهذه السائحة الشقراء.هؤلاء السياح الذين يعج بهم الجنوب؛انخرطنا معها في حوار سرعان ما تحول إلى ألفة؛اقترحت الشقراء أن نتناول العشاء جميعا على طريقة الغربيين؛خرجنا بعدها نسري في شوارع المدينة رفقة: إليكا Eligua التي تعمل مدرسة بفرنسا؛أم لطفلين ؛محبة للأسفار والرحلات؛لها العديد من الأصدقاء بالمغرب كما قالت؛إنسانة مرحة؛خفيفة الظل.عدلت عن سفرها إلى فاس لترافقني غدا إلى وجهتي؛بينما سيرحل مصطفى إلى تنغير..غدا سنرحل جميعا عن هذه المدينة التي سميت من ذي قبل قصر السوق واليوم بلقبها الجديد :الراشيدية. يتبع.... الراشيدية في : 23/غشت/1997 ذ : الحسين العمراني إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل