في وقت نجد فيه مصطلح العدالة ونبذ الإقصاء والتهميش يُتداول بشدة داخل الأوساط والشرائح الاجتماعية بالمغرب، أصبحنا نعيش عكس ما يتم الترويج له. هذه الشعارات الزائفة مسطرة بالوثائق الرسمية فقط، والدليل واضح أمامنا ما دمنا نرى بأم أعيننا الحط من كرامة الفنان بالأطلس المتوسط، إذ أن حمى مهرجان تيميتار وموازين انتقلت إلى مناطق الأطلس المتوسط، حيث قدم المنظمون طلبات لفنانين خارج أرض الوطن علهم يقبلون دعواتهم لحضور مهرجانات بمناطق إيمازيغن، يغلب عليها طابع العروبة والخليجية بمناطق الأطلس المتوسط، كاستمرار لثقافة طمس الهوية والموروث الثقافي الأصيل ببلاد الأمازيغ بشمال إفريقيا. فنانون خليجيون جاؤوا لجمع ميزانية المهرجان (حب وتبن)، فيما يبقى نصيب فناني فرق أحيدوس، والفرق الفنية الأمازيغية الفتات. والخطير من ذلك هو إضفاء صفة العروبة على فن أحيدوس العريق، حيث تم تجريده من مقوماته التقليدية المتعارف عليها بجميع منطقة الأطلس المتوسط، ك"أعْلَّام" واحد للفرقة التي تؤدي اللازمة التي يتم يتداولها جميع افراد الفرقة، و "أفْرَّادي" الذي يتم طرحه من طرف الشعراء الذين يكونون فرقتين أو أكثر تتكون كل واحدة في الغالب من اثنين أو ثلاثة وهي معروفة باسم "ثايوگا"، وفي النهاية ترقص الفرقة مجموعة ما يسمى ب "ثاحيدوسث" أو "حيحا" أو "ثامسرحث". غير أننا عبر ما بات يسمى السمفونية فإن مقومات فن أحيدوس تنعدم تماما، ويغلب عليها طابع الخليجية عبر رقصهم الجماعي الذي لا يقوم على الاختلاط تماما، بل على تجمعات ذكورية وأهازيج تحتوي على مصطلحات خليجية. نعم، نحن مع التعدد و دخول حضارات بمنطقة المغرب، وذلك في إطار ما يسمى تمازج الحضارات، غير أن ما قام به المنظمون بإفران هو ضرب للفن الأمازيغي الأصيل عبر تطبيلهم للفن الخليجي، الذي يعتبرونه فنا مقدسا، فيما فن الأمازيغ يضفون عليه صيغة المدنس، وحتى تطمئن نفوس علية القوم على هؤلاء المنظمين وينالوا رضى من قام بتخصيص ميزانيات ضخمة لمهرجانات تتم فيها الهيمنة على النصيب الأوفر من طرف القائمين على المهرجانات، ناهيك من الغموض والضبابية، التي تشوب عملية تنظيم مهرجانات الذل والمهانة، ويتم فيها الحط من طبقة الفلاحين البسطاء المحترفين لفن أحيدوس والفنون الأمازيغية الأخرى. واضج إذن ما تقوم به شرذمة من الانتهازيين على تنظيم مهرجانات بمناطق أمازيغية وبمالية الدولة، وتحت غطاء أمازيغي ظاهريا خليجي باطنيا ، إذ سُجِّل استياء عارم داخل الأوساط الفنية الأمازيغية من هذه التظاهرات، التي يستغل القائمون على التنظيم فيها الفنان، يستغلون فقره وعوزه ووضعه أمام الأمر الواقع بأثمنة بخسة وزهيدة مقابل مشاركته "100 درهم" للفرد. ترى ألم تحن الفرصة لكي يستعيد هؤلاء كرامتهم ويحافظوا على قدسية ورمزية الفن الأمازيغي الأصيل فن (أحيدوس)؟