الشاعر عفان الغازي : نحرص على استمرار رقصة أحيدوس كموروث ثقافي أمازيغي أصيل. حاوره : محمد زروال عفان ألغازي فنان، شاعر، إنسان ينتمي لجيل الرواد بمنطقة الأطلس المتوسط، دخل مغامرة الإبداع الشعري منذ سن الطفولة مع منتصف الستينيات، يصر على مواصلة مسيرته الفنية عاشقا للكلمة ومحبا لرقصة أحيدوس رغم أن الفن لم يحقق له إلا معرفة الناس و حبهم. في هذا الحوار يحكي عن مسيرته الفنية. عفان ألغازي س : كيف تقدم نفسك للقراء ؟ ج : اسمي سيدي ألغازي، لكن بعدما أصبح لزاما علينا أن نسجل أسماءنا في الحالة المدنية أصبح اسمي هو عفان ألغازي، ولدت سنة 1951 بقرية تمضغاس قرب بلدة القباب. وأسكن حاليا ببلدة تغسالين التابعة إداريا لإقليم خنيفرة ولدي ثلاثة أبناء. س : متى دخلت غمار نظم الشعر ؟ ج : شرعت في قرض الشعر منذ أن كنت طفلا، وقد يكون ذلك في سن الرابعة عشر آو الخامسة عشر رفقة أصدقائي قبل أن أدخل إلى ممارسة رقصة أحيدوس التي كانت مفتوحة أمام كل أفراد القبيلة في شكلها الدائري قبل أن يتحول إلى طقس فرجوي احترافي يمارسه بعض الأفراد في المناسبات والمهرجانات بالشكل المفتوح، مع العلم أن أحيدوس التقليدي لا زال حاضرا بقوة في الأعراس والمناسبات العائلية التي تضمن استمراره كمقوم من مقومات الثقافة الأمازيغية. س : ما هي المواضيع التي تناولتها في بداية مشوارك الإبداعي؟ ج : كنت أنظم في جميع الأغراض الشعرية التي يتناولها كبار الشعراء وعلى رأسها الحب والدين و الحياة ومشاغلها، في الصغر يكون العقل صغيرا ويقول كل شيء، وكما تعلم الشاعر في بداية مشواره خاصة في سن الشباب يركز أكثر على المواضيع العاطفية والرومانسية، وعندما يكبر يبدأ في معالجة القضايا الاجتماعية مثل العلاقة مع المرأة و مختلف العلاقات الاجتماعية والموت، كما ينفتح الشاعر عندما يكبر في سنه على المواضيع الدينية والروحانية. س : كنت رفقة فنانين آخرين من الركائز الأساسية لفرقة المايسترو موحى الحسين أشيبان، حدثنا عن تجربتك مع هذا الهرم الفني الأطلسي؟ ج : قبل أن أحترف ممارسة أحيدوس كانت فرقة موحى ألحسين أشيبان قد بدأت مسارها، وكان من بين أعضائها الفنانين الصبار بوعزة و أمهاوش لحسن و الفنان الحاج الصغير الذي اشتغل معه الآن في فرقة جديدة ، تحمل اسم فرقة تنغريت لفن أحيدوس، وبدأت الاشتغال معهم سنة 1981، وكانت مداخيلنا متواضعة رغم الاهتمام بفن أحيدوس كمنتوج سياحي خلال تلك الفترة، كان المقابل المادي الذي نحصل عليه قليلا وبالتالي لم يكن لدينا فرصة لتوفير المال. الشيء الوحيد الذي استفدنا منه خلال تلك الفترة هو التجول في كل المناطق المغربية من طنجة إلى الكويرة، كما شاركنا في ملتقيات فنية بفرنسا أكثر من مرة وإسبانيا وهولاندا والجزائر والسعودية والولايات المتحدةالأمريكية ووصلنا إلى الكوت ديفوار بإفريقيا. فرقة تنغريت لأحيدوس- تغسالين س : هل كنتم تحصلون على بعض الجوائز والتحفيزات المادية من طرف المنظمين؟ ج : لم نكن نحصل إلا على أجورنا التي يسلمها لنا رئيس الفرقة أنذاك موحى الحسين، وما يقدم للفرقة من هدايا و امتيازات كانت من نصيبه. وواصل ابنه الذي تولى تدبير أمور الفرقة بعد والده نفس النهج ، وعندما اكتشفنا أن ما نحصل عليه من مال لا يقابل مجهوداتنا رغم احتجاجنا في مرات كثيرة وإصراره على الاستمرار في أسلوبه الإقصائي، قررنا تأسيس فرقة جديدة ، في شكل جمعية. س : ما هو اسم هذه الجمعية؟ متى أسستموها؟ وما أهدافها؟ ج : أسسنا جمعية تحمل اسم تنغريت لفن أحيدوس إشقير بتغسالين ،سنة 2006 تقريبا ، و وضعنا أهدافا كثيرة أمامنا نسعى لتحقيقها بشكل جماعي، وهدفنا الأساسي هو الحفاظ على فن أحيدوس بأصالته وطقوسيته والحرص على استمراره كمقوم من مقومات ثقافتنا وتراثنا الأمازيغي بمنطقة الأطلس المتوسط، كما أننا فنانون محترفون لفن أحيدوس وبالتالي فإننا نعتمد عليه في تغطية مصاريفنا من خلال المشاركة في الحفلات العائلية والمهرجانات والملتقيات التي نستدعى إليها في مختلف مناطق المغرب . وننظم بدورنا كل سنة مهرجانا خاصا بفن أحيدوس ونعتمد في ذلك على إمكانياتنا الذاتية و مساعدة بعض الأصدقاء، و لا نتلقى الدعم من الجهات الوصية لحد الآن. س : هل تفكرون في خلف لكم في هذه المجال؟ ج : نستحضر ذلك في أهداف جمعيتنا حيث وضعنا على عاتقنا مسؤولية تعليم الشباب لأصول هذه الرقصة الأصيلة ، ورغم أننا نسجل نوعا من التهاون في تعاملهم مع أحيدوس، لكننا مصرون على الاستمرار في تحفيزهم على المشاركة معنا وتتم أجرأة ذلك من خلال دعوتنا لبعض الشبان للمشاركة معنا في الملتقيات التي نشارك فيها ، و نفسر هذا التجاوب الضعيف بانشغال معظمهم بالهجرة إلى الخارج وتفضيلهم الالتحاق بالجندية على ممارسة أحيدوس. ويبررون ذلك بعدم استفادة آبائهم أو معارفهم من ممارستهم لأحيدوس، فكثيرا ما يرددون كلاما من قبيل " ماذا أعطى لكم أحيدوس لكي تدفعوننا إليه" ، بالإضافة إلى تهميش الدولة في شخص وزارة الثقافة والقنوات العمومية لهذا الفن، بل هناك من ينظر إليه و إلى ممارسيه نظرة ازدرائية. س : كيف تجمع بين ممارسة أحيدوس ونظم الشعر ؟ وأين تجد نفسك هل في أحيدوس أم في إلقاء القصائد الشعرية؟ ج : سبق وأشرت أن بدايتي كانت مع نظم الكلام و بعد ذلك التحقت بشكل رسمي بفرقة أحيدوس سواء داخل القبيلة أو مع فرقة موحى ألحسين أشيبان أو مع فرقة جمعية تنغريت لفن أحيدوس إشقير ، ولكن لا زلت مواظبا على نظم القصائد الشعرية في كل المواضيع ، الفرق بين شعر أحيدوس وشعر القصيدة يتجلى في كون الأول يكون آنيا ، حيث نضطر إلى نظم الأبيات الشعرية المنفردة بالموازاة مع المواقف التي نعيشها، فمثلا عندما نستدعى لاحتفالات عيد العرش ننظم القصائد في الأسرة الملكية والملك محمد السادس، وعندما نستدعى لمهرجان ما تنصب أشعارنا على شعار ذلك المهرجان وأهدافه و منظميه وهكذا دواليك. أما الثاني فإنه ينظم بعيدا عن مكان الإلقاء في لحظات الهدوء التي يعيشها الإنسان بعد التخلص من هم اليومي، قد يكون ذلك في سرير النوم أو في خلوة وسط الطبيعة. بالنسبة لسؤالك الأخير شخصيا أجد نفسي وراحتي في نظم الشعر داخل رقصة أحيدوس لأنه أو لا يعبر عن موهبتي الشعرية ،و ثانيا لأنني أكون في مواجهة الشعراء الآخرين و أفرح بتلك المواجهة النبيلة في نظري. كلمة أخيرة: شكرا على هذه الاستضافة التي تشكل في نظري اعترافا بوجودنا في الساحة الفنية المغربية، وأشكركم على هذا الالتفاتة أيضا لأنه رغم عطاءاتنا وتواجدنا في الساحة الفنية منذ عقود، فإنه لا يتم الإنصات لمشاكلنا ولا أحد يهتم لآلامنا ومحنتنا.