يتداول الشباب المغاربة هذه الأيام عدد من الفيديوهات تبرز تورط رجال الشرطة في تناول رشاوي متفاوتة من حيث القيمة (مابين 25 درهم و200 درهم ) أو من حيث رتبة رجال الأمن (حارس الأمن، ضابط ، عميد)، أو من حيت المكان ( قرية/مدينة، شمال /جنوب ) كما يتداولون أخبار مفادها توقيف بعض المرتشين الذين ظهروا في تلك الفيديوهات ، اتي خلقت حالة من الحيطة والحذر فرضت على رجال الأمن الاحتياط والتوجس عند توقيف أي مواطن، وأكيد أنها ستجعل العديد منهم يرفض تسلم الرشوة مخافة أن تلتقطه كاميرا ما ، وعلى الرغم من كون ظاهرة تصوير رجال الأمن والدرك متلبسين في حالة أخذ رشاوى قديمة إذ كانت تتم بآلات تصوير عن بعد دون صوت ، فإن الهواتف الذكية جعلت الصور تؤخذ عن قرب بشكل واضح صوتا وصورة، وتكشف عن هوية المتلبس وقد استدرج للبوح بعبارات تدينه وقد تجعله محط سخرية المشاهدين ، مما حدا بالمديرية العامة للأمن الوطني إلى وتعميم مذكرة تحث رجال الأمن (للتقيد التام بأحكام مدونة قواعد السلوك الخاصة بموظفي الأمن الوطني ) و (ضرورة احترام المقتضيات المتعلقة بالنزاهة والاستقامة والشرف، والقطع النهائي مع كل الأفعال والممارسات التي تندرج ضمن جرائم الفساد الإداري، من قبيل الرشوة والابتزاز). لتكون بذلك الهواتف الذكية قد ساهمت في التحسيس بخطورة الرشوة ، ولفت أنظار المسؤولين لما يقع في الشوارع والطرقات، وربما تكون قد تجاوزت الدور التسيسي إلى الردع .. ونظرا لكون هذه الفيديوهات تتجاوز الحدود الوطنية وقد تؤثر سلبا على سمعة البلاد ورتبتها في محاربة الفساد، فقد كان لها تأثيرا قويا على الخاص والعام من المغاربة، وبذلك تكون الهواتف الذكية قد نجحت في ما فشلت فيه الدول بكل مؤسساتها ، وكان مفعولها قويا تجاوز تلك الحملات التحسيسية التي تطالعنا بها المؤسسات الرسمية وجمعيات المجتمع المدني المدني داعية إلى تخليق الحياة العامة، كل تلك الحملات بدت لا قيمة لها أما كاميرا عابرة لسائح أو لمواطن مغربي فضحت المرتشي بوجهه وصوته ولم تترك مجالا للإنكار , وورطت الإدارة التي وجدت نفسها مجبرة على الخروج من صمتها وهي العارفة بمدى تفشي الظاهرة وهو ما عجزت عنه مؤسسات (كترانبرانسي) لها أطقمها وبرامجها وترصد لها ميزانيات ضخمة ويظل تأثيرها على الورق ... فهل تعوض الهواتف الذكية جمعيات تخليق الحياة العامة .