يبوح المبدع عبدالاله حبيبي ، في"بيوس أو طفل الحكمة والطقوس"، عن طفولة تمردت في زقاق مريرت العتيدة ، طفولة مسكونة بالأرواح الأمازيغية الطيبة ، مهووسة بالسؤال الفلسفي الحارق ،ظلت تنصت لصوت العقل ابتغاء الحقيقة .فأثارت فينا رغبة السفر في دلالة الحلم وهو يطرق باب الموت والحياة.والحلم في العرف البيوسي هو استرجاع لطفولة مجازية يملؤها التأمل والتعقل والتنقيب في الأحداث والشخوص. بيوس ضاع في الزمن،وتبدد في اللعب على الطرقات ،والبكاء على الطيور التي لم يقو على اللحاق بها وهو يتابع حركتها عبر نافذة حجرة دراسية باردة. أتحفنا الكاتب المبدع عبدالاله حبيبي حينما فجر الاستفهام الوجودي اللامنتهي و كشف حقيقتنا الطينية الطفولية الساكنة في دواخلنا من خلال بوحه في رواية "بيوس أو طفل الحكمة والطقوس": بيوس رجل في جسد طفل ،عقل متمرد في قلب صبي،تهور جميل في غريزة بريئة لن تنال منها دورة الحياة إلا لما كف عن النظر إلى الأفاق بعد ما شاخت مدرسته التي دنست طفولته ،وجرمت شغبه،وأدانت حبه المفرط لنهره العظيم،وطاردته بالاستفهامات المريضة وهو يتابع سفره على أديم الطبيعة،وبالقرب من المقابر وبجوار ناس زقاقه ،وفي حضن رفاقه ،لاهيا،ناسيا انه مطارد بلعنات الطقوس التي ستحمله من أزمنة الحرية إلى ألام المنع والقطع والجرح والدم. يستمر بيوس في مقاومة المعادلات الصعبة باحثا عن روحه بعيدا عن كل أولئك الذين يطاردون حلمه وعصافيره ونهره وليله وجسده الهارب من كل تقنيات التحنيط.