إن المتتبع للشأن التربوي والتعليمي الوطني وخاصة في الأشهر الأخيرة , سيلاحظ أنه أسال كثيرا من المداد وأخرج كثيرا من الكلام , خاصة منها الخرجات الجريئة أحيانا والغريبة أحيانا أخرى , لوزير التربية الوطنية السيد محمد الوفا "سابقا", مرورا بالخطاب الملكي ل 20 غشت الذي قصف الأداء الحكومي خاصة فيما يتعلق بتدبير ملف التعليم , و هناك أيضا امتحانات ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين التي عكست بالملموس حجم الكوارث التي أنتجتها المنظومة التعليمية في علاقتها بعدد الخريجين من الجامعات الذين لم يجدوا بعد مكانا لهم في سوق الشغل , و لكن ما أثارني هو ما موقع الأمازيغية كلغة للوطن و كلغة رسمية حسب اعترافات دستور 1 يوليوز 2011 من هذا الزخم من الخطابات والتدخلات والترتيبات ؟ وما هي النوايا الحقيقية التي تحكم الجهات المسؤولة اتجاه هويتنا الأمازيغية ؟ منذ تعيين حكومة ما بعد دستور 2011 إلا وهي متعنة في إخراج القوانين المنظمة لإدماج الأمازيغية في كل مجالات الحياة العامة , رغم أنها لا تحتاج لهذه القوانين ( كما قال الأستاد السعداني من خلال أحد برامج الأخ باجي سعيد على الإذاعة الأمازيغة ليوم الجمعة 11/10/2013 ) لكي يتم تبرير اندماجها وإلا فكل اللغات المسيطرة على النظام اللسني المغربي , يجب أن تخضع لنفس الإجراءات . إن نية الحكومة بدأت تبرز من خلال خرجاتها وتصرفاتها اتجاه الأمازيغية : · من أجل الولوج إلى مراكز مهن التربية والتكوين لم تحض فيه الأمازيغية إلا ب 80 من 8000 منصب , لأساتذة تدريس الأمازيغية أي 1c/o , إذن هل هذا ما تمثله الأمازيغية على المستوى الوطني . · كيف سنقرأ مواقف بعض المسؤولين الإقليميين من تدريس الأمازيغية و على رأسهم النائب الإقليمي لخنيفرة الذي فاجأ الجميع بخرجاته الغريبة المهينة للأمازيغة وحق أبنائها في تدريس لغتهم ؟ إن مشكل اللغات في المنظومة التعليمية الذي أشار إليه الخطاب الملكي ل 20 غشت , بقوة كان ينبئ بأن أشياء ستحدث ربما لن تكون في صالح منح الأمازيغية ما تستحقه وخاصة فيما يتعلق بانتظارات المهتمين والمتتبعين , وليس المشكل في نوايا الخطاب ولكن في التأويلات التي يخضع لها من طرف خصوم هويتنا . وهذا ما يمكن أن نرى ملامحه تظهر من خلال الندوة الدولية حول إصلاح التعليم التي نظمتها جمعية زاكورة للتربية والتي حضرها مجموعة من الشخصيات النافدة في دواليب الدولة، ومن بينها فِؤاد علي الهمة و من لا يعرف علي الهمة , والسيد عمر عزيمان الذي كلف بتدبير شؤون المجلس الأعلى للتربية والتكوين وكذلك السيد رشيد بلمختار الذي أصبح بعد ذلك بقليل وزيرا للتربية الوطنية في النسخة الثانية من حكومة بنكيران ,. التي اختصر فيها نور الدين عيوش رئيس الجمعية كل مقررات أشغالها من خلال الحوار الذي خص به جريدة أخبار اليوم في عددها 1190 ليومي السبت و الأحد 06-07/10/2013 . في بداية قراءتي للحوار ظننت أن خلاصات الندوة ستذهب في صالح تدعيم مجموعة من الآراء التي كانت تنادي بأهمية التدريس باللغة الأم , حيث أجاب السيد عيوش على سؤال " ماذا عن مشكل اللغة ؟" فكان الجواب بالحرف " هذا مشكل كبير , في كل الدول المتقدمة , عندما يلج الطفل المدرسة يتعلم بلغته الأم , وهي اللغة التي يتحدث بها في البيت ...) , وعندها تنفست وقلت في قرارة نفسي , ربما الدولة تريد أخيرا أن تتصالح مع الأمازيغية و تعترف بكل ما اقترفته من أخطاء تجاهها , ولكن مع الأسف لم تدم فرحتي طويلا وأنأ أتابع قراءة بقية الجواب حيث أكد السيد عيوش " ... ولهذا نرى أنه يجب أن تكون أول لغة يتعلم بها الطفل هي الدارجة , ثم تأتي اللغات الأخرى... ) وهذه اللغات لن تكون سوى العربية الفصحى , الفرنسية ,الانجليزية,... , و بهذا يتبين أن شيئا اسمه الأمازيغية لا يوجد في متخيل القائمين على تدبير الشأن العام وعسى أن يكون ضمن أجنداتها , و ستبقى الأمازيغية : أمي , أختي, زوجتي و لغتي و هويتي تعاني إلى أن ...