بعدما أكدت كل المعطيات على الساحة، تورط النظام الجزائر في أحداث العيون، و هو الأمر الذي سبق و أن أشرت إلى احتماله الكبير، عبر مقال " أحداث العيون مسرحية فاشلة لمخرج فاشل "، ذكرت قصاصات الأخبار ، إلقاء السلطات المغربية القبض على عناصر من المخابرات الجزائرية و على رأسهم ضابط كبير من رتبة مقدم،كان المحرك الرئيسي للأحداث مع مجموعة من المندسين من جبهة البوليساريو. لقد كانت المخابرات المغربية، على ما يبدو على علم تام بكل التحركات مسبقا، غير أنها كانت تتربص فرصة خروج الثعلب من جحره كي تنكشف عورته، ويفتضح أمره للعالم. و ضمن فصول هذه المسرحية الفاشلة، و من صنع الأنامل الماهرة لجهازنا المحترف، طلعت صورة مؤثرة عبر صفحات العديد من كبرى الصحف الإسبانية خاصة، و المعروفة ضمنيا بعشقها لكرم الخزينة الجزائرية؛ صورة لو كانت حقيقية لصار لها تأثير كبير في الدفع بالقضية نحو المنحى الذي يسعى إليه نزلاء قصر المرادية، و يجعلون منه قضية الجزائر الأولى قبل القضية الفلسطينية طبعا. هذه الصورة التي فرحت بها كثيرا تلفزتنا الصادقة التي لا تنطق عن الهوى، ورقصت لها بكل الطبول و الإيقاعات. و في لحظات تحولت هذه الصورة من ذليل إدانة للمغرب إلى دليل إدانة لنظامنا صاحب المبادىء الكبرى، لكن في فن الكذب و الخداع و النفاق طبعا.عجيب أن تكتشف جريدة صغيرة بالعين المجردة، ما نتج عن عبقرية أعرق المخابرات العسكرية و أمهرها في الدجل و الخيبة طبعا. هذه الصورة التي قدمت من طرف المخابرات الجزائرية لوسائل الإعلام الوطنية و الدولية، على أساس أنها صورة مؤثرة تعبر عن وحشية النظام المغربي الذي لم يسلم من بطشه و قتله حتى الأطفال، ودفعت لهم بكل سخاء كي تعرض على مدار الساعة. من دون شك أن زبانية النظام عندنا كانت تغمرهم النشوة العميقة، وهم يتفرجون على الذكاء الجزائري حين تستفرد به مخابراتنا، وتصنع منه" قنابل حقدية" تدمر به العدو. لقد تفننتا تلك الفتاتان الصحراويتان و هن يبكين على إحدى القنوات التلفزية الأسبانية و في أيديهن الصورة العجيبة، و هن يصفن كيف تم قتل الأطفال أمام أعينهن من طرف الجيش المغربي، و للأمانة فقط أود أن أشير لحقيقة تلك الفتاة الباكية و التي أعرفها حق المعرفة، لأنها واحدة من مشاهير بائعات الهوى الصحراويات في الجزائر العاصمة، ضمن ما يسمى "الجنس الراقي" و الذي يعتبر ضباط المخابرات الجزائرية و كذلك رجالات السلطة من أهم زباءنه. أود أن أعرف كيف سيكون موقف حكماء قصر المرادية وهم يتلقون خبر اكتشاف أمر تلك الصورة والتي تعود حقيقتها لأطفال فلسطينيين قتلوا على يد الصهاينة في غزة أثناء هجوم 2006 ؟ إنه عمل حقير و جبان بكل ما للكلمتين من معنى. ليس فقط لأنه لم يحترم عقولنا، ولكن لأنه لم يحترم حتى الشهداء من أطفالنا في فلسطين. كيف يعقل أن يزج بوجوههم الطاهرة، في عملية خسيسة لا رجولة فيها و لا دين و لا ملة ؟ ليس غريبا على هذا النظام مثل هذا التزوير، و هو الذي زور الانتخابات، و زور قوائم المجاهدين و الشهداء، و زور تاريخ الجزائر و رجالاتها كيف لا و أغلب أسماء رؤساءنا و وزراءنا مزورة ؟ كل وسائل الإعلام التي طبلت للصورة اعتذرت عن الخطأ الذي وقعت فيه، محملة المسؤولية للجهة التي زودتها بها. فليس من الصعب شراء الدمم حتى و لو كانت غربية، ولكن من الصعب جدا أن تضمن أنها لن تشي بمن اشترى إن انقلب الأمر إلى فضيحة.هكذا تدان الجزائر مرة أخرى بما كسبت أيدي السفهاء من أبناءها، ويبقى العار يلاحق كل الشرفاء من أبناءها حتى يتم القضاء على الثعلب الغبي الذي كشف عن عورته.