التضخم.. ارتفاع الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك بنسبة 0,9 في المائة خلال سنة 2024    الكشف عن النفوذ الجزائري داخل المسجد الكبير بباريس يثير الجدل في فرنسا    مغربي مقيم في أمريكا ينفذ هجوم طعن في تل أبيب    نقاش مفتوح مع الوزير مهدي بنسعيد في ضيافة مؤسسة الفقيه التطواني    التضخم: ارتفاع الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك بنسبة 0,9 في المائة خلال سنة 2024 (مندوبية)    الصين تطلق خمسة أقمار صناعية جديدة    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    توقعات طقس اليوم الأربعاء بالمملكة المغربية    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    الكنبوري يستعرض توازنات مدونة الأسرة بين الشريعة ومتطلبات العصر    "وزارة التعليم" تعلن تسوية بعض الوضعيات الإدارية والمالية للموظفين    مسؤول فرنسي رفيع المستوى .. الجزائر صنيعة فرنسا ووجودها منذ قرون غير صحيح    جريمة بيئية في الجديدة .. مجهولون يقطعون 36 شجرة من الصنوبر الحلبي    سقوط عشرات القتلى والجرحى جراء حريق في فندق بتركيا    "سبيس إكس" تطلق 21 قمرا صناعيا إلى الفضاء    "حماس": منفذ الطعن "مغربي بطل"    ماستر المهن القانونية والقضائية بطنجة ينظم دورة تكوينية لتعزيز منهجية البحث العلمي    الحاجب : تدابير استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد (فيديو)    الكاف : المغرب أثبت دائما قدرته على تنظيم بطولات من مستوى عالمي    في ليلة كروية لا تُنسى.. برشلونة ينتزع فوزا دراميا من بنفيكا    ارتفاع عدد ليالي المبيت السياحي بالصويرة    كأس أمم إفريقيا 2025 .. "الكاف" يؤكد قدرة المغرب على تنظيم بطولات من مستوى عالمي    "البام" يدافع عن حصيلة المنصوري ويدعو إلى تفعيل ميثاق الأغلبية    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    تركيا.. ارتفاع حصيلة ضحايا حريق منتجع للتزلج إلى 76 قتيلا وعشرات الجرحى    التحضير لعملية "الحريك" يُطيح ب3 أشخاص في يد أمن الحسيمة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    مطالب في مجلس المستشارين بتأجيل مناقشة مشروع قانون الإضراب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    اتخاذ إجراءات صارمة لكشف ملابسات جنحة قطع غير قانوني ل 36 شجرة صنوبر حلبي بإقليم الجديدة    توقيع اتفاق لإنجاز ميناء أكادير الجاف    الدفاع الجديدي ينفصل عن المدرب    مجلس المنافسة يكشف ربح الشركات في المغرب عن كل لتر تبيعه من الوقود    اليوبي يؤكد انتقال داء "بوحمرون" إلى وباء    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    المجلس الحكومي يتدارس مشروع قانون يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة    أنشيلوتي ينفي خبر مغادرته ريال مدريد في نهاية الموسم    ندوة بالدارالبيضاء حول الإرث العلمي والفكر الإصلاحي للعلامة المؤرخ محمد ابن الموقت المراكشي    الغازوال والبنزين.. انخفاض رقم المعاملات إلى 20,16 مليار درهم في الربع الثالث من 2024    المبادلات التجارية بين المغرب والبرازيل تبلغ 2,77 مليار دولار في 2024    تشيكيا تستقبل رماد الكاتب الشهير الراحل "ميلان كونديرا"    المؤتمر الوطني للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية: "خصوصية المهن الفنية أساس لهيكلة قطاعية عادلة"    ترامب يوقع أمرا ينص على انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالاذاعة الوطنية : نظرات في الإبداع الشعري للأديب الراحل الدكتور عباس الجراري    المغرب يدعو إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    ترامب: "لست واثقا" من إمكانية صمود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    الإفراط في اللحوم الحمراء يزيد احتمال الإصابة بالخرف    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    ياسين بونو يتوج بجائزة أفضل تصد في الدوري السعودي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    القارة العجوز ديموغرافيا ، هل تنتقل إلى العجز الحضاري مع رئاسة ترامب لأمريكا … ؟    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    دراسة: التمارين الهوائية قد تقلل من خطر الإصابة بالزهايمر    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التقليد والتحديث بإصلاحات المغرب
نشر في أخبار بلادي يوم 29 - 08 - 2011

تفاعلا مع تعديل الدستور المغربي ومسار الإصلاحات المنتهجة وارتداداتها على الساحة الداخلية صدرت ورقة بحثية حاولت الغوص في عمق الجسم السياسي المغربي لفهم طبيعة المتغيرات السياسية في البلد.
ويشير الباحث محمد نور الدين أفاية في مستهل ورقتة المعنونة "توترات التقليد والتحديث.. الديمقراطية ومتغيرات السياسة في المغرب" إلى أن المغرب يجمع المتناقضات والمفارقات، بين الإسلام والغرب، الوحدة والتعدد، وتنعكس هذه التناقضات على عملية فهم المغرب السياسي وفهم موقع الدين في التشكيلة السياسية، والأدوار الحقيقية للأحزاب.
ويتناول الباحث في الدراسة الصادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات قضايا مثل مفارقات التقليد والتحديث، والنخب المغربية والإصلاح، والديمقراطية والدستورانية، وانعدام الكفاءة الديمقراطية، وعوائق التحديث الديمقراطي.
ويشير محمد أفاية إلى أن عددا كبيرا من الباحثين لاحظوا أن واقع النظام السياسي المغربي المعاصر يتحدد اعتمادا على ثلاثة اعتبارات أساسية، هي الدين، والتقاليد المغربية، ومتطلبات المرحلة.
واستنادا إلى هذه الاعتبارات الثلاثة توجد، حسب الورقة، ثلاثة أنماط من التشريع، المصدر التاريخي، والعرف، والدستور المكتوب. وكل نمط يقابله حقل " دستوري" محدد. وقد جاء الدستور الجديد لإنجاز عملية تركيب حاذقة لهذه الأنماط.
الملك والدولة
وفي مقابل النمط الديني يوجد مبدأ "أمير المؤمنين" المؤطر بواسطة التاريخ، أما التقاليد المغربية فيقابلها حقل التحكيم المسنود بالحق العرفي، في حين أن مستلزمات الزمن الحاضر يقابلها حقل الدولة الحديثة المحدد بالدستور.
وتشير الورقة إلى أن ملك المغرب يجسد ثلاث وظائف اجتماعية وسياسية، "فهو شريف" سليل نبي الإسلام، و"خليفة" أي "أمير المؤمنين"، مع ما يفترضه ذلك من احتكار للإنتاج الرمزي على صعيد المجال العمومي ومن "استجابة" من طرف المؤمن. والملك علاوة على ذلك، سلطان يرأس مؤسسة "المخزن" ويحكم الناس، ويترك إدارة أمورهم للجهاز البيروقراطي.
أما الوظيفة الثالثة فتتمثل في كونه ملكا رئيسا لدولة تستند إلى مؤسسات تستمد مرجعيتها من التاريخ السياسي الأوروبي، وهو ما يفترض النظر إلى المغربي باعتباره مواطنا له حقوق وعليه واجبات يقتضيها السلوك المدني في إطار دولة حديثة.
ويلفت الباحث إلى أن أصالة الملكية المغربية تكمن في ذلك "التفاعل" الذي تأسس على نمطين من المشروعية، الأول تاريخي مرتبط بمفهوم الخلافة، والثاني تعاقدي مستمد من الديمقراطية الليبرالية. وإلى نتيجة وهي أن النظام السياسي المغربي يستند على ركيزتين متكاملتين: التقليد والحداثة.
من هذه العلاقة، وفق الورقة، يوجد التباس هائل وتداخل يصعب القبض على بعض تعبيراته، إذ قد يواجه المرء تصورا تقليديا داخل مجال من التدخل الحديث، أو على العكس من ذلك، يعثر على نظرة تحديثية تواجه مجالا تقليديا.
النظام السياسي
وتجمل الورقة الخصائص البارزة للنظام السياسي المغربي في كونه يستند إلى ثقافة سياسية جمعية ومتعددة، مع استقراره اللافت، بالقياس إلى الانقلابات العسكرية التي شهدتها غالبية الأنظمة العربية.
ويؤكد الباحث أن النظام المغربي تحقق له استقراره بفضل القدرة التي يمتلكها في إدماج الثقافات السياسية المتعددة، واحتواء عناصر مقاومتها، وخلق شروط التوازن الضروري لضمان استمراريته. ومن خلال تكيفه مع هذه التعددية تمكن النظام السياسي المغربي من إنتاج حقل سياسي تعددي رغم بعض المظاهر الشكلية. واستمر ذلك طيلة العقود الأربعة التي تلت الاستقلال.
ويشير إلى أن النظام السياسي المغربي يقدم على اعتباره نظاما ملكيا يركز سلطات واسعة في يد الملك، كما أنه نظام يتميز بكونه عمل منذ الاستقلال على السماح بتأسيس أحزاب سياسية يضمن الدستور وجودها وشرعية نشاطها. وتؤكد كل الدساتير التي تعاقبت على الحياة السياسية المغربية منذ سنة 1962 على التعددية الحزبية، وتحث المواطنين على الانخراط في منظمات سياسية ونقابية.
ويرى الباحث أن التحولات العميقة التي يشهدها المغرب، وعلى جميع الأصعدة، تعمل بقوة على خلخلة منظومة القيم، وتحفز مقاومة كبيرة من قبل جماعات المصالح والضغط المستفيدة من الواقع القائم، إلا أن المغرب، في هذه المرحلة من تاريخه، يتقدم بوصفه مجتمعا يتطلع إلى التجاوز وإعادة البناء.
وأمام هذا الاندفاع الداخلي وفي ضوء الشروط الخارجية يسجل الباحث أن التقليد يجد نفسه مضطرا إلى التفاوض وإدخال أكثر ما يلزم من عناصر المشاركة ومن قواعد الثقافة الحديثة.
الديمقراطية والدستورانية
يشير أفاية إلى أنه من خلال بعض الكتابات والمناقشات الجارية يتضح أن ثمة التباسا كبيرا بين الديمقراطية والليبرالية السياسية، فإذا كانت هذه الأخيرة عبارة عن نظام سياسي يستند إلى دستور متوافق عليه، وما إلى ذلك فإن جميع هذه الشروط تحيل إلى "الليبرالية الدستورية" التي قد لا تعبر عن الاختيار الديمقراطي بالضرورة الذي يستدعي مراعاة حقوق تشمل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ويلاحظ أن هناك ازدهارا للخطاب الليبرالي ذي النزعة الدستورية وتراجعا للديمقراطية، حتى في داخل بعض البلدان الديمقراطية، فما بالك ببلدان لا تزال تتطلع إلى استنبات بعض مقوماتها، كما في حالتنا. ويعتقد أن المغرب في نزوع نحو إعادة بناء شاملة للديمقراطية، وتحديدا للسياسة وللمعمار المؤسسي.
هشاشة أنظمة
يستخلص الباحث من خلال التجارب التي شهدتها الدول التي مر الربيع العربي منها أن تلك الانتفاضات والتجارب الثورية في بعض الساحات العربية أثبتت هشاشة الأنظمة التسلطية، حيث تبدو في منتهى الجبروت والقوة وهي متحكمة في الناس والثروات، لكنها بيّنت ضعفا مأساويا وهي تتهاوى بالشكل الذي سقطت به في تونس ومصر.
ويرى أنه لا بديل في المغرب إلا بدمقرطة الدولة والمجتمع، وتأسيس ثقافة سياسية تستند إلى قيم الديمقراطية في المجال العام والمؤسسات والعلاقات وإشاعة مناخ الثقة في الإنسان والمسؤولية في إطار من المراقبة والمحاسبة الموضوعية، وتكريس أخلاق الاعتراف.
ويشير إلى وجود إشارات عديدة على أن المغرب مقبل على القيام بخطوات لإقرار نمط من الديمقراطية، خصوصا وأن المنعطف الجديد الذي دخله البلد يستوجب تطوير العملية السياسية وتشجيع عوامل الاقتدار الديمقراطي باستنبات أطر وأخلاقيات فعلية تناسب شعار دولة الحق والقانون.
المصدر: الجزيرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.