تمهيد : موقف الغيلم ملتبس في هذه الحكاية فهو يتمسك بالضفدعة رغم سوء أخلاقها و قبحها و يهمل الغزالة، و لا ندري لماذا لا تقبل هي العودة إليه إلا بتوسط الحصان .. و في النهاية أما كان عليه أن يكتفي بزوجه واحدة ليبعد عنه كل هاذ صداع الرأس . الحكاية كان حتى كان ، فيما مضى من الزمان ، حتى كان الحبق و السوسان في حجر النبي العدنان عليه الصلاة و السلام .. يحكى أن الغيلم كان قد اتخذ له زوجتين الغزالة و الضفدعة، وفي يوم من الأيام خرجتا معا لجمع الحطب، فكانت الغزالة تعمل بجد و تجمع الحطب بهمة و نشاط ، في حين كانت الضفدعة تجمع قليلا من الحطب بكسل و تقاعس و كلما وجدت حفرة تختبئ فيها . و في النهاية جمعت الغزالة حزمة كبيرة من الحطب و حملتها فوق رأسها، و سارت مع الطريق بخفة ورشاقة،بينما حملت الضفدعة قليلا من الحطب فوق رأسها ، و مشت متثاقلة . و في الطريق قالت الضفدعة للغزالة: أنا لا أستطيع حمل كل هذا الحطب. فمرتا على جماعة الناس و هما تتنازعان، فضحك الناس على ما كان بينهما من خصام، ووصل الخبر إلى الغيلم، فغضب غضبا شديدا ما عليه من مزيد ، وقال للضفدعة: أنت أيتها المتكاسلة الخشنة، أينما ذهبت تضحكين الجماعة علي. فغضبت الضفدعة للتو والساعة و ذهبت عند أهلها . لم يطق الغيلم فراق الضفدعة يوما واحدا ، فصعد فوق صخر في جنب الوادي ، و هو مهموم و مغموم عليه علامات الحزن و الأسى . فمر عليه عمي الديك و قال له: مالي أراك يا عمي الغيلم مهموما و مغموما و جالسا على حجر العيون؟ رد عليه الغيلم: الذي هجرته غزاله لا حياة بقيت له. قال له الديك بثقة و فخر: لا تقلق، أنا أردها إليك ، أنا أردها إليك. فذهب إلى منزل الضفدعة و دق الباب عليها بأدب ،فخاطبته قائلة: من هذا الذي يدق الدار على بنات الأكابر دون إذن؟ أجابها الديك: هذا عمك الديك الذي لباسه من الحرير و عرفه من الحرير ولحيته من الحرير. فردت عليه قائلة: لو كنت عمي الديك الذي لبسه الحرير و عرفه من الحرير ولحيته من الحرير، لم تبحث عن قوتك في مربط الحمير. و عندما سمع الديك هذا الكلام انصرف حال سبيله غاضبا متحسرا. وظل الغيلم فوق صخر في الوادي و هو مهموم ومغموم، لا أكل له ولا شرب، فمرت عليه عمتي الدجاجة ،و قالت له : مالي أراك يا عمي الغيلم مهموما و مغموما و جالسا على حجر العيون؟ رد عليه الغيلم: الذي تهجره غزاله أي حياة بقيت له . قال له الدجاجة بثقة و فخر: أنا أردها إليك ..أنا أردها إليك يا عمي الغيلم. فذهبت إلى منزل الضفدعة و دقت الباب بأدب فخاطبتها قائلة: من هذا الذي يدق الدار على بنات الأكابر دون إذن ؟ أجابتها الدجاجة: هذه عمتك الدجاجة التي تبيض البيض الفقوص و لا تأكله عير العروسة و العروس. فأجابتها الضفدعة قائلة: "لو كنت عمتي الدجاجة التي لا تبيض غير البيض الفقوص[1] الذي لا يأكله غير العروسة والعروس، لم تلق أقذارك في القادوس " لم تتحمل الدجاجة إهانة الضفدعة فانصرفت غاضبة. وبقي الغيلم فوق صخرته في الوادي و هو مهموم ومغموم ،فمرت عليه طائر البقر و قالت له: مالي أراك يا عمي الغيلم مهموما و مغتما و جالسا على حجر العيون ؟ رد عليه الغيلم: الذي هجرته غزاله أي حياة بقيت له؟ قالت له طائر البقر بثقة و فخر و اعتداد: اطمئن يا عمي الغيلم و لا تحمل هما أنا أردها إليك . فذهبت إلى منزل الضفدعة و قرعت الباب بأدب فخاطبتها قائلة: من هذا الذي يدق الدار على بنات الأكابر دون إذن ؟ أجابتها طائرا لبقر: هذه عمتك طائرالبقر صاحبة اللبسة اللطيفة و المشية الخفيفة . فأجابتها الضفدعة قائلة: "لو كنت حقا عمتي طائر البقر صاحبة اللبسة اللطيفة و المشية الخفيفة [2] لم تلتقطي القرادة من البقرة الضعيفة " لم تتحمل طائر البقر إهانة الضفدعة فانصرفت غاضبة. و مر عمي الحصان بالغيلم و هو جالس على صخرته و كله هم و غم ، فسأله : مالي أراك يا عمي الغيلم مهموما ومغموما و جالسا على صخر العيون ؟ رد عليه الغيلم : الذي تهجره غزاله لا حياة تبقى له. قال له الحصان بثقة : اطمئن يا عمي الغيلم أنا أردها لك . فذهب إلى منزل الضفدعة و دق الباب بأدب فخاطبه قائلة: من هذا الذي يدق الدار على بنات الأكابر دون إذن؟ أجابها : أنا عمك الحصان بن الحصان الذي صفائحه من الحديد و زمامه من الحديد، و إذا لم تعودين معي إلى الغيلم سأحولك إلى قديد . فلما سمعت الضفدعة كلام الحصان خافت و ارتعبت و قالت منصاعة طيعة: سأعود معك أيها الدم الكبير. وعادت معه إلى الغيلم الذي فرح بعودتها فرحا شديدا ما عليه من مزيد ، و عاشا الزوجان في انسجام و نسيا ما كان بينهما من خصام .. سيلي يا حكايتي من واد إلى واد و أنا أبقى مع الناس الأجواد المصدر : الدكتور محمد فخرالدين كتاب موسوعة الحكاية الشعبية الحكاية 21 الرسم للكاتب انتظروا غدا حكاية أخرى عن من يدخل نفسه في مشاكل يصعب عليه الخروج منها ------------------------------------------------------------------------ [1] - الذي يفقص مما يرمز إلى الخصب.