أعتبر أن ما يصطلح عليه "حركة 20 فبراير" هي قبل وبعد حركة شعبية-شبابية. تبلورت عبر المطالبة بتحقيق مجموعة من الحقوق الديمقراطية المتعلقة بالحريات العامة والفردية وتكريس بعض الحقوق الاجتماعية. وتمتد جذورها في التربة المغربية عموما، انطلاقا من طموح مشروع لفئات اجتماعية تحاول تجاوز الأطر التقليدية التي تكبل تحول المجتمع المغربي. وليس غريبا أن نجد ضمن المؤسسين للحركة شابات وشبان ارتبطوا ثقافيا بموجة التجديد على مستوى الموسيقى، من خلال البوليفار مثلا. وليس غريبا أن نجد كذلك ضمن المؤسسين للحركة شابات وشبان ارتبطوا ب"الحركة من أجل الحريات الفردية(مالي)،والتي اختصرتها الاتجاهات المحافظة في "وكالين رمضان" كذلك لا ينبغي إغفال مشاركة شابات وشبان من أعضاء شبيبات القوى اليسارية،على خلفية انحسار الإطارات الحزبية، وتآكلها تنظيميا، وعجزها عن إنتاج رؤية سياسية مستقبلية ومناضلة. ولقد تشكلت الحركة عبر ميكانيزمات تصريف مطالبها ودينامية استقطابها لشرائح أخرى عبر تنظيم التظاهرات. ولعل في: - انخراط تنظيمات سياسية، ذات أجندة متقاربة مع مطالب الحركة كشبيبات (اليسار الاشتراكي الموحد-حزب الطليعة- المؤتمر الوطني الاتحادي-الاتحاد الاشتراكي........)، - وانخراط تنظيمات ذات أجندة بعيدة عن المطالب المعلنة للحركة باعتبار أن المنطلقات التأسيسية الفكرية والتنظيمية لهذه التنظيمات،تتناقض والكنه الديموقراطي للحركة مطلبيا وتنظيميا،ومنها تنظيمات موغلة في التخلف الفكري وتمتح من معين فكري سلفي لا يستوي مع ما يعرفه العالم من تطور علمي وما تعرفه المجتمعات من تطور ما بعد حداثي (ونعني بذلك جماعة العدل والإحسان وبعض الجماعات السلفية)، -كما أن انخراط تنظيمات لا زالت ترتكز في فكرها وتنظيمها على الاطروحات البئيسة للستالينية، ونعني بذلك النهج الديموقراطي وبعض المجموعات من ماوية وتروتسكية....... قد أعطى للحركة طابعا مختلفا عن انطلاقتها من حيث الشكل ومن حيث المضمون. وبالتالي فإن وضع الحركة في المرحلة الحالية، مع الاختلاف بين إقليم وآخر، يتميز بكونها أصبحت رهينة الاستمرارية،والتي تختصر عند البعض في الخروج أسبوعيا إلى الشارع.وبذلك أصبح برنامج المطالب خارج جدول الأعمال لأغلب التنسيقيات، من حيث التطوير والتحيين. وبدأت الحركة في فقدان مركز قوتها، أي أرضيتها المطلبية، التي توحدت حولها قوى مجتمعية واسعة. هذه القوى المجتمعية أخذت في مغادرة، وستستمر في مغادرة تظاهرات الحركة تاركة المجال "للقادرين" على التجييش لأهداف خاصة، وكذلك لأصحاب المطالب الفئوية الضيقة التي لا جامع بينها إلا المكان الفيزيقي أي الشارع. وبالتالي فالحركة صارت تعيش أزمة تطور،بين اختيار الحرية الذي انطلقت منه،واختيار المشروع الملتبس لدى القوى التي حاولت الركوب لتحقيق أجندتها الغير معلنة. لذلك لاحت في الأفق صراعات بين "المستقلين" و"المنتمين"، وبين الاتجاهات "الديموقراطية" والاتجاهات "الشمولية". وما الصراعات في بعض الجموع العامة للحركة كالبيضاء،والانسحاب الأخير للاتحاديين والطليعيين وأعضاء الاشتراكي الموحد بالرباط، إلا مؤشرات على هذه الأزمة. فالأسئلة الجوهرية في اعتقادي الخاص هو ماذا تريد الحركة في اللحظة السياسية الراهنة؟ ومن هي القوى صاحبة المصلحة في الذي تريد؟ وهذه الأسئلة، في حقيقة الأمر،تقتضي فتح نقاش سياسي عمومي ،بين مختلف الفاعلين،بعيدا عن منطق الكم بالتجييش،وبعيدا عن الشعارات الجوفاء التي تخفي المؤامرة التي تحاك من وراء ظهر الشعب وأحيانا،للأسف، وراء ظهر المناضلات والمناضلين من ذوي النيات الصادقة.