كل دستور من دساتير العالم، هو القانون الأسمى، الذي يحدد القواعد الأساسية لطبيعة الدولة و شكلها و مقوماتها الإنسانية. و هو المحدد لنظام الحكم كان ملكيا أو جمهوريا كما يحدد شكل الحكومة ، إما حكومة رئاسية او حكومة برلمانية. وينظم السلطات العامة من حيث آليات تشكيلها ومن حيث الاختصاصات والعلاقات بين كل السلطات وحدود كل منها . كما يحدد لواجبات والحقوق الأساسية في تلازم واضح للأفراد والجماعات،و يحدد الضمانات لها تجاه السلطة.و يعتبر الدستور هو الضامن لوحدة الأمة في قيمها الثقافية و في قيمها الإنسانية و وحدتها الترابية . ويحدد اختصاصات السلطات الثلاث: السلطة التشريعية ,و السلطة القضائية ,و السلطة التنفيذية و يكون بذلك ملزما لكل القوانين . و سمو الدستور يجعل كل القوانين تكون متوخاة من القواعد الدستورية. إذن فالدستور هو مجموعة من المبادئ الأساسية المنظمة لسلطات الدولة والمحددة لحقوق كل من الحكام والمحكومين فيها، بدون التدخل في المعتقدات الدينية أو الفكرية ، وبناء الوطن على أسس عالمية تكون الأمة في صيرورة أمم المنتظم الدولي العالمية والواضعة للأصول الرئيسية التي تنظم العلاقات بين مختلف سلطاتها العامة. فهل دستور 2011 المعروض على الاستفتاء دستور يحترم هذه المبادئ و المنطلقات ؟ هل هو دستور ديمقراطي ؟ 2 مراجعة الدستور: إن أية مراجعة للدستور تقتضي الاستجابة للمرحلة التي تعيشها الأمة بكل تجلياتها، السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية ، ويكون فيها صوت الشعب هو المحدد لمعالم التغيير المنشود.لكن المغرب قام منذ دستور 1962 بعدة مراجعات لهذا الدستور ,و كل المراجعات تأتي في ظرفية يعرف فيها النظام صراعا مع المعارضة . و بذلك تكون مراجعة الدستور عملية لتجاوز المرحلة فقط و ليس لوضع ميثاق يكون بمثابة تعاقد مستمر مع الشعب، تحترم القواعد الأساسية المتعارف عليها عالميا، تلك القواعد التي تحترم المرتكزات الأساسية للديمقراطية، في صياغة مضامينه.ولا تتم المراجعة من طرف الحاكم خاصة حينما يكون الشعب هو المطالب بالتغيير، لأنه يرى أن الدستور الحالي لا يضمن له حقوقه. و يتولى المراجعة أو التغيير جمعية تأسيسية منتخبة: حيث يتاح للشعب فرصة انتخاب ممثليه ليقوموا بهذه المهمة خصوصا. . لكن في المغرب نجد اللجنة التي قامت بمراجعة الدستور، لجنة ألمنوني، على إثر احتجاجات حركة 20 فبراير و قوى اليسار، هي لجنة ملكية أي لجنة تمثل إرادة الحاكم و ليس إرادة الشعب الذي نادي بالتغيير. وما استشارة الأحزاب و النقابات و الجمعيات من خلال لجنة المعتصم فهي مناورة ممنهجة لكي لا يكون للشعب حضورا . إذن فالمنطلقات هي غير ديمقراطية ولا تحترم القواعد الأساسية المشار إليها أعلاه. ولن يكون المشروع إلا نسخة من نسخ الدساتير السابقة من حيث حق الشعب في تقرير مصيره. 3 دستور استبدادي: لقد تم إعداد هذا الدستور على خلفية الاستبداد بالحكم من خلال الصلاحيات التي أصبحت للمؤسسة الملكية، أي الملك ، من خلال الفضول من 41 إلى الفصل 59 ، ومن خلال الفصول 95 و 96 و88 و 115 و 130 ، ويرأس مجلس الوزراء و المجلس العلمي و مجلس الأمن ، الشيء الذي جعل المغرب دولة تتجه نحو الدولة الدينية من خلال السلطة الدينية أو نحو دولة أمنية من خلال سلطة مجلس الأمن . إذن فالدستور الحالي هو دستور يسحب الثقة من الشعب،و يكرس نظام الصخرة من جديد ، و يعتبر الشعب رعية ويبقى تحت طلب النظام المخزني . فلم نعد نعرف هل المغرب دولة إسلامية؟ أم دولة مدنية؟ أم دولة عسكرية. وذلك لوجود مواد تخالف المواثيق الدولية وحقوق الإنسان، فهي دينية لإرضاء القوى الوهابية في المشرق في إطار تعاقد تين الملوك، تتمسك بالمدنية أمام المنتديات الدولية.لكن الحقيقة هي دولة بالقرب من دولة دينية بوليسية.أي دولة ذات حكم استبدادها يكرسه هذا الدستور.