رغم إصلاحات متقدمة أعلنها الملك محمد السادس يوم الجمعة الماضي من خلال دستور جديد، خرجت تظاهرات أمس الأحد في عدد من المدن المغربية للقول بأن تلك الإصلاحات ليست كافية وليست هي التي توقعها شباب "حركة 20 فبراير" التي تقود احتجاجات واجهتها سياسية لكن دوافعها اقتصادية. وكررت الحركة مطالبتها بتحول النظام الى ملكية برلمانية تتقلص فيها صلاحيات الملك الى ادنى حد، مشيرة تحديدا الى أن الاصلاحات المعلنة لا تعني أن القضاء سيصبح بموجبها مستقلا أو أنها ستحقق المساواة بين المواطنين. لكن الاحزاب الرئيسية في المغرب رحبت بدرجات متفاوتة بهذا الدستور الذي دعا المواطنون الى الاستفتاء عليه في الاول من تموز/ يوليو المقبل ومن المتوقع أن يحوز على نسبة تأييد عالية. فخلافا لشباب المحتجين الذي يريدون كل شيء الآن، يدرك الوسط السياسي المغربي أن الدستور المقترح ينقل البلد الى مرحلة تغيير قابلة للتطوير خصوصا أن الملك يرهن استعداده لتحريك صلاحياته وأنه تخلى عن بعض قليل منها في هذه المرحلة لكنه يحسب له أنه لا يرفض تحديث النظام او احتمالات الذهاب أبعد في الفصل بين السلطات. قد يكون شباب حركة 20 فبراير محقين في مواصلة الضغط، فهم يعبرون عمليا عن معاناة طويلة ساد خلالها حكم الفرد وشاع الفساد، فغدا الاقتصاد قاصرا على توفير فرص عمل و مراكمة الاستقرار مما افقدهم الثقة بالنظام. لكن في المقابل، وبالنظر الى الصعوبات التي تكتنف المرحلة الانتقالية في مصر وتونس مثلا، يبدو الدستور المغربي الجديد بداية معقولة لتنجب أي فوضى او اهتزازات. والاهم أنه يطرح على طرفي اللعبة، الدولة والمجتمع السياسي، تحديا يتمثل بالشروع في اعطاء روح لهذا الدستور من خلال تطبيقه. كما أن الملك اعطى اشارة قوية الى امكان المضي في نقل الصلاحيات، ينبغي أن يؤكد المجتمع السياسي أنه مؤهل لممارسة تلك الصلاحيات وانتزاع المزيد منها على نحو منصف ويحترم المصلحة العامة.