لطالما تأملت حركات الشباب في العالم العربي، و لطالما زاد اعجابي بها لأنها غيرت ما لم تستطع السياسة و طاولات المفاوضات الباذخة ان تحققه. ثار الشباب و ثار معه النساء و الشيوخ و حتى الاطفال.. كتبوا بعرقهم و دمائهم صفحات جديدة نقية لم تطاها اصابع الوصوليين و عشاق الحكم المهووسين بعد. اعرف ان رفاق درب البوزيدي في كل العالم ينتظرهم غد جميل و شاق،شمسه لافحة قوية. لكنهم فعلوا ما كان يبدو مستحيلا.. من كان يظن ان الشارع العربي سيهتز يوما هكذا.. لكن بلدا وحيدا كانت ثورته بطعم اخر، و بلون اخر.المغرب. تسائل الجميع عن سر هذه الميزة. و كلهم عرفوا السر. هذا الشعب المضياف لا يحب العيش خارج الاستقرار،العائلي و الفردي. تلك القيم التي توارثتها الاجيال منذ ازمنة الدواية و القلم و حتى ازمنة الفيسبوك و الرسائل الالكترونية لا يزال المغاربة يتداولونها رغم كل اشكال الاستعمار الفكري و الثقافي التي يريدنا الغرب ان نلبسها دون تفكير او تمحيص. من يتامل تاريخ المغرب يجد انه البلد الوحيد الذي استعصى على اعتى الامبراطريات..وما العثمانيون الا مثال من كثير. حتى الغرب لم يستطع غزوه الا عبر ردهات السياسة و اصناف الضغوط. ولم يكن استعمارا مباشرا، بل حماية يقصد بها استعمار ولم تكن بطول ما حدث في الجزائر او مصر مثلا. اقول لم يخرج المغرب عن هذه القاعدة حتى حينما صار التغيير قادما من داخل البلد نفسه. تحرك المغرب ملكا و شعبا. لا يتجادل اثنان في كون الملك ظل يعمل منذ توليه الحكم على مفاجاتنا بقرارات و مشاريع ظلت في حكم الاحلام. مشاريع سكنية ضخمة، واخرى اقتصادية لا تقل عنها ضخامة، ملاعب و اوراش سياسية و اجتماعية، كانت اخرها خطاب سيبدل و جه المغرب حتما و يجعله يجد مكانا في مصاف دول كانت بالامس القريب تبدو لنا كالجنة، ثم اطلاق سراح مجموعة معتقلين اذكاء لسياسة الانفتاح حتى على اكثرانواع الاختلاف و المعارضة تطرفا. يحق لنا ان نكون فخورين بالملك، و يحق لنل كذلك ان نكون فخورين بشباب عرفوا كيف يتعاملون مع هذه الظرفية بكثير من الحكمة و المسؤولية. فنظموا تظاهرات سلمية و لم يخدشوا الحياء العام او مشاعر المواطنين. بل وجهوا نضالهم الى الوجهة الصحيحة و وضعوا مطالب ليس فيها مغالاة، بل كانت مفعمة بقوة الشباب و حب التغيير لوطن يحبونه كما تحب كل الشعوب اوطانها..هؤلاء هم شباب حركة 20 فبراير.لست بهذ اقوم باقصاء الشباب الاخرين الذين شاركوا في المسيرات دون ان يكونوا منخرطين في الحركة. هذا الوطن مدين للجميع و الجميع امامه سواسية. لكني وجدت ان من الحق الجميع ان يعرف ماهي هذه الحركة..ماذا تريد..وهل لها الحق ان تتكلم باسم الجميع.. 20 فبراير هم مجموعة من الشباب تواصلوا اساسا عبر الفيسبوك و نظموا تظاهرات و خرجات سلمية الى الشارع تعبيرا عن رفضهم لاشياء كثيرة تقع في مجتمعهم و لا ترضيهم، وهذا حق يضمنه القانون. لهم مجموعة مطالب سياسية و اجتماعية كاصلاح التعليم و توفيرفرص الشغل للشباب و الدفاع عن حقوق المراة و حقوق الانسان عموما و مطالب خرى تقارب العشرين مطلبا. لا يزال الراي العام منقسما بين مؤيد و معارض، لكن الاساسي هو ان المواطنين صاروا طرفا فعالا و لا يمكن باي ثمن اقصاؤهم. لكن ما يتوجب على كل مواطن قبل كل شيء هو ان يعرف لمن يعطي صوته في اي نوع من الانتخابات منذ الان، و ان لا يبيعه مهما كان محتاجا. لانه بذلك يبيع جزءا من بلده و رزق اولاده لمن لا رحمة في قلوبهم ولا يعرفون معنى الجوع و الخوف من المطر..شريحة اخرى دق عندها ناقوس الخطر..شريحة الاحزاب. اقول شريحة لانها بقيت دائما معلقة ما بين السلطة العليا و الشعب. احزاب تصرخ، و اخرى تناور، واخرى تولد لاجل البرلمان و تصيربعدها محنطة في سجلات الدولة...على الجميع ان يعرف ان ساعة العمل الجاد قد حانت و ان من يريد خيانة ركن من اركان هذا المغرب،وطنا و ملكا و شعبا ، سيخوننا.