(1) شكرا لثورات الشباب العرب، فقد ذكّرتنا بأن هناك "حكومات" في الدول العربية، بالإمكان إقالتها وتحويل رؤسائها إلى القضاء بتهمة الفساد...من منكم كان يذكر اسم رئيس الحكومة في تونس ابن علي على سبيل المثال...من منكم يذكر اسم رئيس الوزراء في ليبيا (عفوا، أمين اللجنة الشعبية او المؤتمر الشعبي العام) الذي يحتجره القذافي الآن وأعضاء حكومته في "باب العزيزية"، كدرع بشري، وحتى لا يعلن أيٌ منهم انشقاقه عن الثوار. أخيرا تردد اسم أحمد نظيف، أسمه الأول أحمد على ما أظن، واسم عائلته نظيف، عرفناه بعد تحويله للقضاء فاسداً...وهو الرجل الذي ليس له من اسمه نصيب، ويبدو أن طريقة تسميته اعتمدت "التقليد العربي الجاهلي" حين كانت العرب تطلق أسماء جميلة على العبيد والجواري والقيان، هذا لؤلوء وتلك فيروز إلى غير ما هنالك...وها نحن نعرف أيضا أن في اليمن حكومة ورئيس وزراء يمكن إحالتهم على التقاعد، وربما "تحويل أوراقهم إلى فضيلة المفتي"، المهم أن يبقى علي عبد الله صالح "على قيد الكرسي"...لكن الأخير تنبّه في الوقت الضائع لأهمية إقالة الحكومة...العقيد اليمني لن يبقى في الحكم، نظامه انتهى وانهار، حتى أخيه غير الشقيق أنفض من حوله. (2) نادي السفراء المنشقين عن الحكام الذين أوفدوهم إلى عمان لتمثيلهم لدى البلاط الملكي، في اتساع...لدينا الآن أربعة سفراء، ينتمون لهذا النادي...اثنان جرى تعيينهم من قبل أنظمة بادت...واثنان انشقا عن نظاميهما السائرين على طريق السقوط...المؤكد أن عضوية هذا النادي ستتسع قريباً، وربما يأتي يوم ليس ببعيد ليكتمل عقد هؤلاء، 21 سفيراً عضواً...نحن سعداء بتوسع هذا النادي، رغم الطابع النخبوي لعضويته. (3) صباح هذا اليوم،استمعت إلى متحدث رزين من متحدثي قوى الرابع عشر من آذار...حمل بشدة على حزب الله وأمينه العام لقيامه بتنظيم مهرجان تضامن مع الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا والبحرين...المتحدث أخذ على الحزب والأمين العام، محقاً، أنهما لم يشملا الثورات والصحوات في إيران وسوريا برعايتهما ودعمها...وأقول محقاً لأن ثورة الحرية والديمقراطية واحدة، والدعم الانتقائي لها غير مقبول، بل ومرفوض تماماً...لا ندري لماذا لم يأت المتحدث الآذاري على ذكر الثورات والتحركات في الخليج...هل يظن صديقنا الليبرالي جداً...اليساري سابقاً، أن الخليج ينعم بديمقراطية أنجلو ساكسونية، لماذا علًق الغيورون على الحرية والديمقراطية والسيادة والاستقلال، صور "زعماء الديمقراطية الأنجلو ساكسونية" في مهرجان الثالث عشر من آذار ؟!. (4) صادف أن ودعنا – أو بالأحرى – كسرنا "جرار الفخار" وراء مبارك وابن علي في يومي جمعة غير متعاقبين من يناير وفبراير...تفاءلنا بأيام الجمعة كثيراً...لكن ها قد مرت أكثر من جمعة ولم نكسر فخّاراً إضافياً، مع أننا حضّرنا الفخار وتأهبنا لكسره احتفاء بزوال "العقدة" ورحيل "العقيد"، لكن مجنون ليبيا يأبى الرحيل قبل أن يزهق أرواح ألوف مؤلفة من الليبين...يبدو أننا سنودع هذا الشهر عقيدين بدلا من عقيد واحد...في يناير الماضي، ودعنا ديكتاتوراً وفي فبراير ودعنا آخر...أنا أقبل بهذه المعادلة، كل شهر يسقط ديكتاتور أو اثنين...وهي إن صحت سيكون الوطن العربي قد تحرر من ربق الفساد والاستبداد مع إشراقة فجر السنة الجديدة 2012، لسنا في عجلة من أمرنا...لقد صبرنا سنوات وعقود، ونحن قادرون على الصبر أسابيع وشهور إضافية...نحن لسنا ضجرين، فالأخبار والفضائيات تنقلنا من نصر إلى نصر، ومن ساحة إلى ساحة...صار بمقدورنا أن نقارن الساعات الأربع والعشرين الأخيرة في حياة كثير من حكامنا...صار بمقدورنا أن نقضي ساعات طويلة في "جدل بيزنطي" عن هوية الهدف التالي، صرنا نرغب بزيارة جدّة، مع أن أحداً لا يرغب في زيارة مكب النفايات...صارت لدينا هواية التأمل الشامت، نعم الشامت، بهؤلاء الراحلين، بعد ان جثموا على صدورنا سنين وعقود. (5) يقال أننا شعب "كِشر"، لا يضحك للرغيم السخن...هذا غير صحيح...غير صحيح على الإطلاق...لديّ ما يثبت ذلك خطياً...تشارلز هانلي من وكالة أسوشيتد برس نشر تقريراً عن الثورات العربية قبل بضعة أيام، ضمنه مقتطفات من حديث أجراه معي...في "المُقتطف" الأول، وضع كلمة المبتسم "smiling" قبل إسمي وصفتي...وفي "المُقتطف" الثاني أتبع اسمي بعبارة “he said with a laugh”...بربكم، أليس هذا دليلاً كافياً، يصدر عن "مراقب" دولي محايد...نحن الآن نعرف لماذا ارتسمت "الكَشرة" على وجهونا سنوات وعقود حتى باتت جزءا منّا...نحن الآن نتغير، لا سياساً فحسب، بل ونفسياً ومعنوياً...أنظمتنا تتغير وملامح وجوهنا تتغير...وأختم بما بدأت به: شكراً لثورات الشباب العرب.