موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    موتسيبي: كأس أمم إفريقيا للسيدات المغرب 2024 ستكون الأفضل والأنجح على الإطلاق    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب        صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزيرة تقود الثورة في ليبيا..إلى الهاوية..!..
نشر في دنيابريس يوم 09 - 03 - 2011

لما ظهرت الثورة في تونس بمستواها الاحراجي للنظام ودفعته إلى التعاطي معها كأكثر من أن تكون حركة احتجاجية عابرة وصار يطرح على نفسه أسلوبا للفعل لاتقاء رهاناتها الخطيرة التي بدأت تلامس احتمالات ما كان بإمكانه أن يتوقعها ، وجه طلبا لأحزاب الكرتون لتوجيه النظر عن الأسباب الحقيقية والعميقة المتمثلة في الاستبداد والفساد نحو أسباب تمويهية متمثلة في عدائية قناة الجزيرة وأنها تحسد تونس عن نعمة الأمن والأمان والتقدم والديمقراطية ، وقد استجاب كلهم وأمضت زعاماتهم الببغائية على البيان وتم التسويق لهذا الأمر على أن المجتمع المدني يدين عدوانية الجزيرة تجاه البلد والحكم الرشيد فيه. (بعد 14جانفي تبين أن أحزاب معارضة كرتونية تلقت مبالغ مالية هامة من قصر قرطاج خلال العشرة أيام الأولى من شهر جانفي ). وقد صرحت قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل بأنها تلقت ذات الطلب ورفضته. ونشير إلى انه لايمكننا الجزم في مبدئية هذا الرفض أوفيما إذا كان مبنيا على قراءة جيدة للظرف ، لكننا نؤكد بان هذه القيادة ما كان بإمكانها القبول بخطة تخفيف ضغط الشارع عن النظام وكبح جماح الثوار باعتبار أن الفاعلين الحقيقيين في الميدان كانوا الهياكل الوسطى وقواعد هذه المنظمة الذين عانوا من جوره وعانى منهم ، وقد اختار جلهم العمل تحت يافطة اتحاد الشغل في غياب أحزاب مناضلة ومقتدرة وشعبية. كما نشير إلى أن كثير من الإعلاميين الذين تهافتوا على الميكروفونات بعد 14جانفي ومنهم من تجرأ وقدم نفسه على انه ثائر عملوا على تسويق خطة النظام المشار إليها ونددوا في برامج تلفزية بما سموه حملة الجزيرة على تونس وبأنها تنفذ أجندة الإسلاميين. لكننا في تونس نعلم بان هذه المرحلة هي مرحلة الانتهازيين كما هي مرحلة النزيهين وان زمن الصنف الأول قصير بينما زمن الصنف الثاني سيمتد إلى أجيال...
فما مغزى الذي أقول..؟؟..وضمن أي سياق أقوله..؟؟
تقييم أداء قناة الجزيرة اليوم مفخخ وصعب. لكن حين يكون إعلامها متقدما في الميدان عن حراك الثوار أو متأخرا كثيرا عنه ويتابعه عن مسافة زمنية هامة ، أو انه يضرب في مكان آخر ويحارب اعداءا اختاره بنفسه ولنفسه ، يكون ذلك مؤشر على خلل ما أو انحراف ما في الرسالة الإعلامية أولا وفي الأداء الإعلامي ثانيا. وسنتحمل المسؤولية فيما سيأتي من بيان أيا كان حجم سوء الفهم المحتمل وماقد يقذفنا به البعض من تشكيك في وطنيتنا وفي انتصارنا للثورة العربية أنى كانت العروش التي تدق على أبوابها.
لااحد ينكر مساهمة قناة الجزيرة في مواكبة ثورة شعب تونس ومدّها بدفع معنوي لايستهان به. رغم أنها استضافت خلال السبع والعشرين يوما مسئولي الحكم وأبواقه بالتوازي مع الثوار الميدانيين وبعض الزعامات السياسية المناصرة أو الفاعلة في الثورة. والكل يذكر استضافة فيصل القاسم لغلام الجنرال في حلقة الاتجاه المعاكس خلال أسبوع الحسم ، سيئ الذكر الطماع والسفسطائي برهان بسيس، وكان في كل ظهور له في برامج القناة يوجه بخطابه العجائبي والخرافي اهانات قاسية للشعب ويبعث ملايين منهم على التقيؤ. بل مساء يوم 13جانفي ، واثر إلقاء الجنرال لخطابه الأخير، وانطلاق ميليشياته في الاحتفال في قلب العاصمة التونسية اتصل وزير القصر للإعلام بالقناة ووجه انتباه المتابعين إلى أن شعب تونس الآن يحتفل وبان بن علي أنقذ تونس سنة1987 وهاهو الآن ينقذها مرة أخرى. ولم تكن تلك الدعاية الرخيصة إلا صرخة الشيطان وهو يحترق. ففي الغد كانت البلاد من أقصاها إلى أقصاها تموج بالبشر منادية برحيل الجنرال والجنرالة.. وكان ماكان.
فقناة الجزيرة ، في مستوى تفاعلها مع ثورة تونس ، كانت تقوم بالتغطية الإعلامية ، وتتوخى ضرب من التوازن في عرض وجهات النظر ماامكنها ذلك مع انحياز لابأس به إلى الشعب لاقى استحسانه واعترافه لها بالجميل. لم تكن تصطنع الأخبار. كما لم تكن مصادرها مقصرة في درجة المصداقية وفي دقة ما تدلي به. وأنا شخصيا لم ألاحظ في أدائها أي خلل. كما لم نكن نلومها على انفتاحها على وجهة نظر النظام رغم قسوته باعتبار أن الثوار في اغلبهم كفاءات متعلمة ومتفهمة لتوازن الرسالة الإعلامية وحدودها...لكن لاحظنا أنها بدأت تفقد ميزان الرسالة الإعلامية منذ ثورة ليبيا لا بانحيازها الكلي إلى الثوار بل بافتقاد مادتها الإخبارية إلى الاحترافية..ونحن نتحدث هنا وفق خلفية مبادئ رسالتها وليس وفق رغباتنا ، يسعدنا أن يقاتل معنا الإعلام وان يساهم في التضييق على الحاكم العربي ومحاصرته وان يفتح لنا منافذ التقدم على درب انجاز مهام الثورة..غير أن هذا له مطباته فضلا عن كونه يتعارض مع جوهر الإعلام الذي لايمثل أداة خلق للحدث ولا بوق دعاية ولا أداة صراع، وإنما هو نقل للحدث ولم لا قراءة الحدث أيضا ، لايوجهه ولا ينتجه ولا يوظفه في اتجاه من الاتجاهات..أما إذا تحدثنا عن إعلام مقاوم فنحن نتحدث عن صنف آخر من الإعلام..وهذا الصنف أيضا لايجب أن يسقط في التضخيم أو التهويل أو التزييف والتحريف في تعاطيه مع الأحداث رغم انه، بماهو إعلام مقاوم ، إعلام إيديولوجي ويتحرك ضمن منظومة إيديولوجية معينة ومن مقتضيات الحفاظ على نقائها أن يتوخى المصداقية بقدر اكبر وبأكثر درجة من الحرص والحذر.
إذا كان البعض لايستسيغ التشكيك في التزام قناة الجزيرة بميثاق العمل الإعلامي ومبادئه ضمن التعاطي مع ثورة ليبيا، فعليه أن يضع في حسبانه صفة الجزيرة بماهي قناة إخبارية عالمية وباعتبارها مصدرا عالميا للأخبار ومرجعا للحكومات والمنظمات والهيئات العالمية ، بحيث لاتقدم أخبارا مثيرة وخطيرة بناءا على شاهد عيان أو وفق صيغة المبني للمجهول. كلنا والعالم تابعنا أخبار القصف الجوي للثوار منذ بداية الثورة وآلمنا ذلك كثيرا كثيرا ، في حين انه ثمة شكوك حقيقية في انطوائها على قدر معين من التسرع وعدم الدقة وبأن القصف شمل مخابئ الذخيرة وربما الآليات الحربية الثقيلة وليس تجمعات بشرية كما أشيع...كلنا والعالم مررنا بلحظات كنا ننتظر فيها حسما وشيكا للصراع لصالح الثوار بناءا على الأداء الإعلامي الدعائي للجزيرة..أخبار الانشقاقات المتواترة..أخبار التقدم إلى الغرب والتي لم تتوقف..أخبار اسر مجموعات من قوات القذافي..أخبار إسقاط طائرات حربية للقذافي.. أخبار فرار ابنة القذافي إلى مالطا وإصابة ابنه سيف الإسلام في كتفه واعتقال قائد هيئة أركان الجيش الليبي وووووو ...هذا لعب بمشاعر الناس وليس إعلاما!!...هذا لعب عيال!!...مصائر الناس وأعصابهم ودمائهم لاتسوى شيئا إذا مقابل أن تظهر قناة الجزيرة في مظهر المحرر لليبيا..؟؟!!..أمن اجل هذا اللقب تغرق الجزيرة في أكوام المبالغات إلى الإذنين..!!..
في الأيام الأولى بثت مادة فيلمية تكشف مشاهد مجموعة من الرجال مقتولين وأيديهم مقيدة خلفهم ، ويقول التقرير الصحفي المصاحب أن سيف الإسلام قتلهم لأنهم رفضوا إطلاق النار على الثوار ، بعد ذلك بأيام تبث قناة الليبية فيلما عن نفس الحادثة يظهر الثوار يحققون مع القتلى قبل إعدامهم ، ثم مشهد التهليل والتكبير حول جثثهم ، ذات الجثث التي كشف عنها فيلم الجزيرة (رابط القيم)...؟؟؟..لما كان القذافي يخطب مساءا في جمهور الساحة الخضراء ، ورد على لسانه انه { اذاكان شعبي لايحبني فانا لا أستحق الحياة }، الجزيرة وهي تبث الخطاب مباشرة تكتب في شريط الأخبار العاجلة أن القذافي يقول : {إذا كان شعبي لايحبني فانه لا يستحق الحياة}..؟؟؟..زيفت نتيجة ماافترضه القذافي تزييفا مباشرا وواضحا وصريحا وفوريّا بينما الرجل لازال يخطب : من { لااستحق الحياة } إلى {شعبي لايستحق الحياة }..وقد أخذت عنها السي.ان.ان التزييف نفسه وأرسلته كخبر عاجل إلى بريد المشتركين عبر خدمة توزيع الأخبار العاجلة..!!!..تتصل بماتسميه شاهد عيان وتسأله : أين انتم الآن..؟..فيرد : نحن في اتجاه تحرير طرابلس..!!!..فيظهر الجواب مباشرة في شريط الأخبار المتحرك أن الثوار في طريقهم إلى تحرير طرابلس ..!!!..خبر استقالة قنصل ليبيا في مالي بقي أكثر من 24ساعة مدونا على الشريط...!!..فيلم يظهر مشهد الدخان يظل مصاحبا لنشرات الأخبار ما لم ينسخه فيلم آخر ودخان آخر، والجعجعة تنبئ بالقيامة..!!..حكايا هجوم قوات القذافي ونجاح الثوار في صدها.. !! ..جيش نظامي ذو تسليح جيّد تنجح مجموعات أو أفراد في صده مرات ومرات..!!..من يصدق هذا..؟!..أخبار الطائرات الحربية المتهاوية...!!..اللهم إذا كان الثوار قد استعانوا بمرتزقة تتقن استعمال الدفاعات الأرضية، مثلما يتهم القذافي بذلك..!!
فأي انعكاس لهذا التهويل وهذا التهور غير المحسوب في تغطية الجزيرة للثورة..؟؟
1/مسؤولين ليبيين أعلنوا استقالاتهم من النظام الليبي ، في حين كنا نتمنى أن تأتي الاستقالات بناءا على رغبتهم في تغيير الوضع بليبيا وتحرير الليبيين خدمة لليبيا ولامتهم على نحو جديد وحقيقي وليس تأثرا بأخبار القصف الجوي والحرائق التي تشعلها قوات القذافي أو ما يترتب عن هذا التأثر من اصطفاف قبلي..كما صورت تقارير الجزيرة..وليس كما حدث حقا.
2/القوى الدولية انخرطت في ثورة ليبيا بنفس أسلوب انخراط قناة الجزيرة ، مقاطعة ، حصار ، تهديد باستعمال القوة لكف أذى القذافي عن شباب ليبيا ، حشد القوة وتحريك الأساطيل وتجميد الأرصدة والحظر الجوي وضرب دفاعات القذافي الأرضية ووو...بعض السياسيين الغربيين يقول أن بقاء القذافي في السلطة مسالة وقت لاغير..!!..ونسوا أو تناسوا أنهم عرضوا على الجنرال بن علي مساعدة أمنية متخصصة في قمع الاحتجاجات . نسوا أو تناسوا ارتباكهم وترددهم في التفاعل مع ثورة مصر وانزلاق بعضهم في تفضيل بقاء مبارك في السلطة..!!..ولا نذكّر بموقف ديمقراطيات العالم من احتلال العراق..فهو قمة في الخزي.
3/ تحول الثوار في ليبيا إلى العمل بشكل منسجم مع أسلوب قناة الجزيرة :ارتكاب الجرائم ونسبتها إلى قوات القذافي ، تحويل الحراك من الميدان إلى الإعلام بحيث صرنا نسمع عن غزوات وفتوحات لمدن بأكملها بينما الأمر لم يتجاوز مايذاع في نشرات الأخبار، دعوة الأمم المتحدة للتدخل في ليبيا وضرب قوات القذافي بينما لاتمثل الأمم المتحدة إلا الولايات المتحدة وفي النهاية تحريض أمريكا على قوات بلدهم وهي قوات ملك لشعب ليبيا مهما كانت الحسابات.فكيف يمكننا تأييد الثورة من جهة ومنع التدخل الأمريكي والبريطاني في ليبيا من جهة أخرى..؟؟!!..هذا موقف صعب وضعتنا فيه قيادات الثوار وفيه وضعت نفسها أيضا..!!
الثوار في ليبيا اخطئوا حين حولوا حراكهم الثوري من حراك سلمي كما حدث في تونس ومصر إلى حراك مسلح..وهذا يجعل شبهة القاعدة شبهة حقيقية وليست مجرد تكتيك دعائي من القذافي..كما يجعلهم مثل القذافي في دائرة الحساب إزاء أي خرق لحقوق الأسرى ولقيم الحرب وآدابها. كان عليهم التمسك بالنضال السلمي وان يبتكروا ويطوروا أشكاله..ذاك الابتكار والتطوير الذي ابهرنا به شباب مصر.. الشباب الذي داسته سيارات امن مبارك في الشوارع وصبت عليه الماء الساخن وهو يسجد..شباب تونس الذي نزل يوم14جانفي حول وزارة امن بن علي واجزم أن واحدا منهم لم يكن على يقين ببقائه حيا.. ما كان على الثوارفي ليبيا أن يمسكوا بالسلاح لمجرد أنهم وجدوه بين أيديهم..لأنهم بذلك يعرضون شعبهم لخطر القتل وخطر الاحتراب الداخلي ويفرضون إقحام الجيش في الصراع وهذا ليس في صالحهم كما يكسبهم ذلك صفة المتمردين أو الانقلابيين .
اخطأ ثوار ليبيا حين أصدروا دعوة للأمم المتحدة للتدخل وضرب قوات القذافي...الثورة يجب أن تستند إلى قيم وطنية متكاملة ومشروعها وطني وتحرري فلا يجب أن تنحرف أو تحيد عنه تحت أي ضغط أو ظرف..الأمم المتحدة هي أمريكا التي قاومها شعب ليبيا طويلا وقاومها القذافي تعبيرا عن إرادة الليبيين والأمة العربية..لنفترض أن أمريكا وبريطانيا تستجيبان للدعوة وتنفذ الضربة الجوية لوحدات الجيش الليبي أو لثكنة باب العزيزية..هل سنرى الثوار يرقصون...؟؟!!..ستكون سابقة تاريخية إذا..!!.. ولنفترض أن الضربات الجوية لم تنجح في التخلص من القذافي ولا في الحد من قوة جيشه..ماعساه يكون موقف الثوار والمعارضة الليبية حينذاك..؟!..عملاء طبعا..ليس اقل من هذا..بل مجرد الدعوة تجعلهم أهلا لصفة العمالة وبدون تحفظ.. لو نجحت سوف لن يكونوا ثوارا لوحدهم..بل اوباما ثائرا أمريكيا في ليبيا أيضا.. يعني يصبح عدوا لامتنا قائدا لثورة ليبيا على القذافي..؟؟!!..وتصبح أمريكا قاتلة لرئيسين عربيين معاديين لها في مدة وجيزة وكأننا دجاج ابيض..!!..
اخطأ ثوار ليبيا حين تلذذوا حلاوة المبالغات التي تذيعها الجزيرة ورشوها بالسكّر..وظنوا أن ثورتهم نجحت وقضي على القذافي..!!..من المفروض أن الأداء على الميدان يجب أن يكون متقدما على التغطية الإعلامية .. حين تصبح شوارع مدينة سيدي بوزيد في تونس سوداء من المواجهات الليلية لا ينشر عبر الجزيرة إلا أحداث منتخبة عبر الجبهات واقل بكثير مما ينجز ثوريا...الإعلام يمكن أن يساهم في إشعال ثورة لكنه لايمكن أن يقودها بدلا عن الثوار أوان ينجزها بمشاهد الدخان... إن إعلام الثورة بقدر مايكون نزيها وأمينا وحرفيا بقدر مايخدم الثورة وهذا مالم يفهمه الثوار ولا إدارة الجزيرة ..لذلك تمر ثورة ليبيا بمرحلة صعبة للغاية..وهي ستفشل مالم تتدارك أو تصحح أخطاءها..وكثير من الأخطاء خرجت عن إمكانية التصحيح.
لقد كتبت مقالين حول الثورة في ليبيا :” الثورة على الأخ قائد الثورة” ، وفيه بينت وجهة نظري عن الانحرافات العقائدية للقذافي عن الخط القومي . و ” رسالة ود إلى القذافي معطرة بالدم ” ناشدته فيه التنحي عن السلطة وان كانت رمزية كما يعتقد أو يسوّق. ولازلت أرى بوجوب أن يبتعد القذافي عن أجواء السلطة بأي شكل من الأشكال ، ولو ضمن خطة إصلاحية عميقة وحقيقية للنظام السياسي برمته ، بل صرت أومن بضرورة أن ينزع قبل ذلك أو في خضم ذلك أية صفة رسمية لأي من أبنائه لايشغل في الواقع مسؤولية رسمية في هياكل الدولة ولكنه يمارس سلطات بموجب انتمائه لعائلة القذافي. شعب ليبيا يحتاج إلى مؤسسات تحكمه ، إلى دستور ، إلى نظام جمهوري انتخابي رئاسي أو برلماني ، إلى حريات سياسية ، إلى نقابات مهنية ، إلى قضاء مستقل ، إلى توزيع عادل للثروة وليس على أساس سياسي ، إلى تخليصه من ديكتاتورية اللجان الثورية وفصل هذا التنظيم عن الدولة..وآخر مااقول : أحب القذافي عميقا عميقا..وأحب شعب ليبيا أكثر والأمة أكثر فأكثر. أيا كان سيناريو نهاية الصراع الدائر اليوم في ليبيا ، أوصي الليبيين بالتسامح..التسامح..التسامح..التسامح ، والبناء المشترك لليبيا متقدمة وقوية ومستمرة في تحمل عبء النضال القومي من اجل تحرير الأمة ووحدتها وصون شرفها وأمجادها
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.