طنجة تتأهب لأمطار رعدية غزيرة ضمن نشرة إنذارية برتقالية    تساقطات ثلجية وأمطار قوية محليا رعدية مرتقبة الأحد والاثنين بعدد من أقاليم المغرب    نشرة انذارية…تساقطات ثلجية وأمطار قوية محليا رعدية مرتقبة الأحد والاثنين بعدد من أقاليم المملكة    توقيف ثلاثة مواطنين صينيين يشتبه في تورطهم في قضية تتعلق بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات الرقمية    توقيف 3 صينيين متورطين في المس بالمعطيات الرقمية وقرصنة المكالمات الهاتفية    ريال مدريد يتعثر أمام إسبانيول ويخسر صدارة الدوري الإسباني مؤقتًا    ترامب يعلن عن قصف أمريكي ل"داعش" في الصومال    ريدوان يخرج عن صمته بخصوص أغنية "مغربي مغربي" ويكشف عن مشروع جديد للمنتخب    "بوحمرون".. الصحة العالمية تحذر من الخطورة المتزايدة للمرض    الولايات المتحدة.. السلطات تعلن السيطرة كليا على حرائق لوس أنجليس    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    CDT تقر إضرابا وطنيا عاما احتجاجا على قانون الإضراب ودمج CNOPS في CNSS    هذا هو برنامج دور المجموعات لكأس إفريقيا 2025 بالمغرب    الشراكة المغربية الأوروبية : تعزيز التعاون لمواجهة التحديات المشتركة    تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج فاقت 117 مليار درهم خلال 2024    مقترح قانون يفرض منع استيراد الطماطم المغربية بفرنسا    حجز أزيد من 700 كيلوغرام من اللحوم الفاسدة بطنجة    توقعات احوال الطقس ليوم الاحد.. أمطار وثلوج    اعتبارا من الإثنين.. الآباء ملزمون بالتوجه لتقليح أبنائهم    انعقاد الاجتماع الثاني والستين للمجلس التنفيذي لمنظمة المدن العربية بطنجة    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    شركة "غوغل" تطلق أسرع نماذجها للذكاء الاصطناعي    البرلمان الألماني يرفض مشروع قانون يسعى لتقييد الهجرة    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    BDS: مقاطعة السلع الإسرائيلية ناجحة    إسرائيل تطلق 183 سجينا فلسطينيا    ثمن المحروقات في محطات الوقود بالحسيمة بعد زيادة جديد في الاسعار    رحيل "أيوب الريمي الجميل" .. الصحافي والإنسان في زمن الإسفاف    الانتقال إلى دوري قطر يفرح زياش    زكرياء الزمراني:تتويج المنتخب المغربي لكرة المضرب ببطولة إفريقيا للناشئين بالقاهرة ثمرة مجهودات جبارة    مسلم يصدر جديده الفني "براني"    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    تنس المغرب يثبت في كأس ديفيس    بنعبد الله يدين قرارات الإدارة السورية الجديدة ويرفض عقاب ترامب لكوبا    "تأخر الترقية" يخرج أساتذة "الزنزانة 10" للاحتجاج أمام مقر وزارة التربية    لمن تعود مسؤولية تفشي بوحمرون!    المغرب التطواني يتمكن من رفع المنع ويؤهل ستة لاعبين تعاقد معهم في الانتقالات الشتوية    توضيح رئيس جماعة النكور بخصوص فتح مسلك طرقي بدوار حندون    لقجع: منذ لحظة إجراء القرعة بدأنا بالفعل في خوض غمار "الكان" ولدينا فرصة لتقييم جاهزيتنا التنظيمية    العصبة الوطنية تفرج عن البرمجة الخاصة بالجولتين المقبلتين من البطولة الاحترافية    الولايات المتحدة الأمريكية.. تحطم طائرة صغيرة على متنها 6 ركاب    بنك المغرب : الدرهم يستقر أمام الأورو و الدولار    المغرب يتجه إلى مراجعة سقف فائض الطاقة الكهربائية في ضوء تحلية مياه البحر    القاطي يعيد إحياء تاريخ الأندلس والمقاومة الريفية في عملين سينمائيين    انتحار موظف يعمل بالسجن المحلي العرجات 2 باستعمال سلاحه الوظيفي    السعودية تتجه لرفع حجم تمويلها الزراعي إلى ملياري دولار هذا العام    الإعلان عن تقدم هام في التقنيات العلاجية لسرطانات البروستات والمثانة والكلي    غزة... "القسام" تسلم أسيرين إسرائيليين للصليب الأحمر بالدفعة الرابعة للصفقة    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    حركة "إم 23" المدعومة من رواندا تزحف نحو العاصمة الكونغولية كينشاسا    هواوي المغرب تُتوَّج مجددًا بلقب "أفضل المشغلين" لعام 2025    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    الممثلة امال التمار تتعرض لحادث سير وتنقل إلى المستشفى بمراكش    الفنانة دنيا بطمة تغادر السجن    نتفليكس تطرح الموسم الثالث من مسلسل "لعبة الحبار" في 27 يونيو    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تنظر الحركة الإسلامية بالمغرب إلى ثورة الشعب التونسي؟
نشر في التجديد يوم 28 - 01 - 2011

بقدر ما كانت الثورة التونسية مفاجئة في وقوعها، بقدر ما كانت منتظرة من قبل العديد من المراقبين والمحللين السياسيين لاسيما قيادات الحركة الإسلامية التي كانت تتوقع أن ينتفض الشعب التونسي على الاستبداد بل كانت تنظر إلى هبة المجتمع التونسي كثمرة طبيعية للنهج الاستئصالي ونهج تجفيف المنابع ومصادرة الحريات والتحكم والهيمنة على الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية.
ولذلك، لم تختلف كثيرا نظرة الإسلاميين لثورة الشعب التونسي عن التوقعات التي كانت تبديها وتعبر عنها عند متابعتها للشأن التونسي منذ سنة ,1989 والانقلاب على الوعود التي قدمها نظام بن علي بعد إطاحته بنظام بورقيبة.
وتجدر الإشارة إلى أن مواقف الحركة الإسلامية المغربية بإزاء ثورة الشعب التونسي قد توحدت في قراءة محدداتها وأسبابها، كما اقتربت من حيث بعض الخلاصات، لكن مع تسجيل اختلاف في بعض الدلالات.
النظرة إلى أسباب الثورة
اتفق تقييم الحركة الإسلامية المغربية لأسباب ثورة الشعب التونسي على أن السبب الرئيس للانتفاضة ليس هو المسألة الاجتماعية مع الإقرار بأن التذمر الاجتماعي كان النقطة التي أفاضت الكأس، وإنما سبب الثورة هو الاستبداد والاستفراد ومصادرة حرية الشعب التونسي وحق مكوناته الحية في التعبير. فبلاغ حركة التوحيد والإصلاح حدد بدقة سبب الثورة واعتبر أنها جاءت ضدا ''على الفساد والاستبداد، بعد أن رفضت كل نداءات الشعب التونسي ومطالباته بالإصلاح، وسدت في وجهه كل قنوات التعبير أو الاعتراض والانتقاد، أو حتى الشكوى والتظلم، إلى أن طفح الكيل، و بلغ السيل الزبى، فانفجر في وجه ظلامه'' فيما اعتبر عضو مجلس الإرشاد جماعة العدل والإحسان عمر امكاسو هبة الشعب التونسي رد فعل طبيعي على نظام مستبد خنق الحريات واستأثر بالسلطة والثورة لمدة ثلاثة عقود وحرم الشعب من جميع أشكال التعبير، بل حرمه من الكرامة والحرية.
والملاحظ أن الحركة الإسلامية المغربية بشتى مكوناتها متفقة على أن المسألة الاجتماعية ليست السبب الرئيس في الثورة، فالأستاذ محمد الحمداوي يرى أنه لا ينبغي أن تقصر محددات الثورة التونسية فقط في المسألة الاجتماعية، وإن كان البعد الاجتماعي هو الذي غذى الغضب الجماهيري وأطلق شرارة الثورة، فهي بتعبير الدكتور عبد المجيد النجار ثورة الحرية والكرامة أكثر منها ثورة الجياع، وحسب الحمداوي، فهناك أكثر من عامل اجتمع وتراكم وخلق حالة الغضب الذي توج بثورة شعبية عارمة، وأن الذي غذى التذمر الاجتماعي ليس هو الحاجة، ولكن انتشار الفساد وتغول المافيا الاقتصادية، والتوزيع غير العادل لثروات البلاد، وهيمنة المحسوبية، وغياب الشفافية، وقد أكد عمر امكاسو نفس هذا التحليل حين اعتبر أن هبة الشعب التونسي ليست ضد البطالة، وإن كانت البطالة من بين أسبابها الأولى، وإنما كشفت تداعياتها وتطوراتها أنها ثورة ذات أفق سياسي واسع. فهي بحسب امكاسو ثورة على مناهضة الظلم الطبقي.
دلالات الثورة
رغم أن مجال القراءات واستخراج الدلالات هو حقل الاختلاف باتفاق، فإن نظرة الحركة الإسلامية إلى ثورة تونس حصل فيها كثير من الاتفاق نحاول أن نجمله في النقاط الآتية:
1 - الثورة أثبتت فشل الخيار الاستئصالي في التعامل مع الحركة الإسلامية وبرهنت على إخفاق نهج تجفيف المنابع ومن ثمة عدم خطورة تسويق هذا النموذج وامتداده. وقد أكد هذا المعنى بلاغر حيث اعتبرت الحركة ''النهاية المخزية لنظام بن علي المستبد، فشلا ذريعا وانهيارا كاملا للنموذج الاستئصالي والنهج الإقصائي وسياسة تجفيف الينابيع التي نهجها، وحاول أن يسوقها ويروج لها في منطقتنا، كما اعتبرتها كذلك خيبةً للتيارات الاستئصالية التي كانت لا تفتر عن الدعوة إلى استلهام هذا النموذج واستيراده وتبنيه، لولا غلبة صوت العقل والحكمة''وعبر القيادي في جماعة العدل والإحسان عمر امكاسو عن نفس المعنى في معرض بيانه لبعض الفروق في مستويات الاستبداد بين الحالة المغربية والحالة التونسية والحالة المصرية فيما يخص التعامل مع الإسلاميين فاعتبر أن حالة الاستبداد في تونس حالة خاصة نتيجة انتهاجها خيار تجفيف المنابع والاستئصال الذي امتد ليشمل بقية مكونات المعارضة.
2 - الثورة أثبتت إرادة الشعب وضرورة أن تلتقط الأنظمة السياسية الرسالة وأن يتم الوعي بأن الحماية والاحتضان الحقيقي إنما يلتمس من الشعب وأن الشرعية الحقيقية للأنظمة هي ثقة الشعب وليس حماية الأنظمة الغربية. وقد عبر عن هذا المعنى بلاغ حركة التوحيد والإصلاح حين دعت الجميع ''إلى الاعتبار من الدرس التونسي البليغ وخاصة كل من يعول على الأنظمة الغربية بأن تنفعه أو تحميه أو حتى تستقبله كلاجئ إذا ما خسر ثقة شعبه، وأن الاحتضان الحقيقي هو احتضان الشعب والدعم الحقيقي هو دعم الشعب والشرعية الحقيقية هي الشرعية الشعبية''.
3 - التأكيد المبدئي على جدوى الخيار السلمي ورفض أي انجرار للعنف، وقد كان هذا المعنى واضحا في بلاغ حركة التوحيد والإصلاح وذلك حين اعتبرت ثورة الشعب التونسي ''ثمرة للصبر والمصابرة والاستماتة في التمسك بالنضال السلمي ضد الظلم والطغيان دون الانجرار إلى العنف الأعمى'' وهو نفس ما أكد عليه عمر امكاسو حين اعتبر أن ''الثورة التونسية وفرت الفرصة للتوجه إلى مزيد من التواصل والتلاحم وإعادة التأكيد على راهنية إحداث تغيير مبدؤه ومفتاحه مقاربة جماعية من شأنها سد الطريق على جميع أشكال الحرائق''.
4 - التأكيد على أن النموذج التونسي يمكن أن ينتقل في حالة تحقق شروطه، وقد أشار محمد الحمداوي إلى هذا المعنى قائلا:'' فالثورة التونسية يمكن أن تتكرر في أي بلد يعاني من هشاشة اقتصادية وتحكم سياسي'' فيما أكد عمر امكاسو هذا المعنى في قوله:'' نؤكد بأن بلدنا ليس بمنأى عن هذه الأحداث ما لم نتجه بشكل جماعي إلى الحوار وتجسيد مزيد من التواصل والتلاحم والتفكير بشكل جماعي ضمن ميثاق جامع''.
بيد أن الاشتراك في تقييم أسباب الثورة وكذا في قراءة بعض أبعادها ودلالاتها، لم يمنع من بروز بعض الخلافات على مستوى قراءة التجربة وذلك بحسب تصور كل طرف على حدة:
- 1 فحركة التوحيد والإصلاح استثمرت حدث الثورة التونسية لتوجه من خلاله رسالة واضحة ترتكز على ثلاثة نقاط أساسية:
الخصوصية المغربية القائمة على التعددية يلزم الحفاظ عليها وتطويرها والارتقاء بها.
الدعوة إلى التراجع عن بعض إرهاصات التحكم والاستفراد، ففي حوار المهندس الحمداوير إشارة واضحة إلى أن الثورة التونسية يمكن أن تتكرر في أي بلد يعاني من هشاشة اقتصادية وتحكم سياسي، إذ اعتبر أنه بقدر ما يكون الانفراد والاستبداد وإضعاف مكونات المجتمع بقدر ما تصير المسألة الاجتماعية أداة إشعال للثورة، وبقدر ما يتم التراجع عن خيارات الاستئصال والاستبداد والتحكم، ويتم التجاوب مع الاحتياجات الاجتماعية بالإنصات والاستجابة والعدالة في توزيع الحقوق وتكافؤ الفرص، فإن عوامل الاستقرار السياسي تزداد ترسخا واستدامة''.
ضرورة الحفاظ على مكتسبات الثورة التونسية ودعوة الشعب التونسي وقواه الحية إلى الحكمة والواقعية في التدبير لترسيخ الخيار الديمقراطي وتجنب السقوط في الفراغ السياسي.
أما جماعة العدل والإحسان، فقد ركزت على بعض الدلالات التي تنسجم مع قراءتها للوضع السياسي، لكن من غير أن تعطي نفسا استراتيجيا لهذه القراءة، ويبرز ذلك من خلال ما يلي:
التأكيد على صوابية منهجها التغييري القائم على القومة الشعبية، ففي حوار مع القيادي عمر امكاسو، اعتبر أن ''الثورة التونسية أثبتت أن الشعوب تملك قرارها، وألا أحد يستطيع أن يوقفها، لا التحالفات الدولية ولا المصالح الإقليمية ولا الرهانات الاستراتيجية، إن هي قررت التغيير'' مشيرا إلى أن الثورة التونسية أثبتت صوابية ما كانت الجماعة تؤكده.
التأكيد على راهنية مطلب الجماعة في ميثاق تتداعى إليه كل مكونات المجتمع من أجل الضغط على النظام السياسي من أجل تغيير أسلوبه في الحكم والقطع مع الاستبداد.
وعلى العموم، فقراءة مواقف الحركتين تبين الكثير من عناصر الاتفاق سواء في تقييم أسباب الثورة أو في فهم دلالاتها، كما تبين نقاط الاختلاف الحاصل بين الحركتين على مستوى قراءة بعض الدلالات .إن الأمرلا يتعلق بخلاف مفصلي لاسيما وأن جماعة العدل والإحسان لم تظهر قراءتها الاستراتيجية، أي أنها لم تعتبر الثورة التونسية مثالا وأفقا للتغيير، وإنما اعتبرته محطة للتأكيد على صوابية طرحها المطالب بميثاق جامع تتداعى له كل الأطراف للضغط على النظام السياسي لمراجعة أو التراجع عن أسلوب الحكم. وهو نقطة تحول تكشف التمايز الواضح بين رؤيتها الاستراتيجية المستقرة في كتب الأستاذ عبد السلام ياسين، وخياراتها التكتيكية.
بلال التليدي
كيف تنظر الحركة الإسلامية بالمغرب إلى ثورة الشعب التونسي؟
بقدر ما كانت الثورة التونسية مفاجئة في وقوعها، بقدر ما كانت منتظرة من قبل العديد من المراقبين والمحللين السياسيين لاسيما قيادات الحركة الإسلامية التي كانت تتوقع أن ينتفض الشعب التونسي على الاستبداد بل كانت تنظر إلى هبة المجتمع التونسي كثمرة طبيعية للنهج الاستئصالي ونهج تجفيف المنابع ومصادرة الحريات والتحكم والهيمنة على الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية.
ولذلك، لم تختلف كثيرا نظرة الإسلاميين لثورة الشعب التونسي عن التوقعات التي كانت تبديها وتعبر عنها عند متابعتها للشأن التونسي منذ سنة ,1989 والانقلاب على الوعود التي قدمها نظام بن علي بعد إطاحته بنظام بورقيبة.
وتجدر الإشارة إلى أن مواقف الحركة الإسلامية المغربية بإزاء ثورة الشعب التونسي قد توحدت في قراءة محدداتها وأسبابها، كما اقتربت من حيث بعض الخلاصات، لكن مع تسجيل اختلاف في بعض الدلالات.
النظرة إلى أسباب الثورة
اتفق تقييم الحركة الإسلامية المغربية لأسباب ثورة الشعب التونسي على أن السبب الرئيس للانتفاضة ليس هو المسألة الاجتماعية مع الإقرار بأن التذمر الاجتماعي كان النقطة التي أفاضت الكأس، وإنما سبب الثورة هو الاستبداد والاستفراد ومصادرة حرية الشعب التونسي وحق مكوناته الحية في التعبير. فبلاغ حركة التوحيد والإصلاح حدد بدقة سبب الثورة واعتبر أنها جاءت ضدا ''على الفساد والاستبداد، بعد أن رفضت كل نداءات الشعب التونسي ومطالباته بالإصلاح، وسدت في وجهه كل قنوات التعبير أو الاعتراض والانتقاد، أو حتى الشكوى والتظلم، إلى أن طفح الكيل، و بلغ السيل الزبى، فانفجر في وجه ظلامه'' فيما اعتبر عضو مجلس الإرشاد جماعة العدل والإحسان عمر امكاسو هبة الشعب التونسي رد فعل طبيعي على نظام مستبد خنق الحريات واستأثر بالسلطة والثورة لمدة ثلاثة عقود وحرم الشعب من جميع أشكال التعبير، بل حرمه من الكرامة والحرية.
والملاحظ أن الحركة الإسلامية المغربية بشتى مكوناتها متفقة على أن المسألة الاجتماعية ليست السبب الرئيس في الثورة، فالأستاذ محمد الحمداوي يرى أنه لا ينبغي أن تقصر محددات الثورة التونسية فقط في المسألة الاجتماعية، وإن كان البعد الاجتماعي هو الذي غذى الغضب الجماهيري وأطلق شرارة الثورة، فهي بتعبير الدكتور عبد المجيد النجار ثورة الحرية والكرامة أكثر منها ثورة الجياع، وحسب الحمداوي، فهناك أكثر من عامل اجتمع وتراكم وخلق حالة الغضب الذي توج بثورة شعبية عارمة، وأن الذي غذى التذمر الاجتماعي ليس هو الحاجة، ولكن انتشار الفساد وتغول المافيا الاقتصادية، والتوزيع غير العادل لثروات البلاد، وهيمنة المحسوبية، وغياب الشفافية، وقد أكد عمر امكاسو نفس هذا التحليل حين اعتبر أن هبة الشعب التونسي ليست ضد البطالة، وإن كانت البطالة من بين أسبابها الأولى، وإنما كشفت تداعياتها وتطوراتها أنها ثورة ذات أفق سياسي واسع. فهي بحسب امكاسو ثورة على مناهضة الظلم الطبقي.
دلالات الثورة
رغم أن مجال القراءات واستخراج الدلالات هو حقل الاختلاف باتفاق، فإن نظرة الحركة الإسلامية إلى ثورة تونس حصل فيها كثير من الاتفاق نحاول أن نجمله في النقاط الآتية:
1 - الثورة أثبتت فشل الخيار الاستئصالي في التعامل مع الحركة الإسلامية وبرهنت على إخفاق نهج تجفيف المنابع ومن ثمة عدم خطورة تسويق هذا النموذج وامتداده. وقد أكد هذا المعنى بلاغر حيث اعتبرت الحركة ''النهاية المخزية لنظام بن علي المستبد، فشلا ذريعا وانهيارا كاملا للنموذج الاستئصالي والنهج الإقصائي وسياسة تجفيف الينابيع التي نهجها، وحاول أن يسوقها ويروج لها في منطقتنا، كما اعتبرتها كذلك خيبةً للتيارات الاستئصالية التي كانت لا تفتر عن الدعوة إلى استلهام هذا النموذج واستيراده وتبنيه، لولا غلبة صوت العقل والحكمة''وعبر القيادي في جماعة العدل والإحسان عمر امكاسو عن نفس المعنى في معرض بيانه لبعض الفروق في مستويات الاستبداد بين الحالة المغربية والحالة التونسية والحالة المصرية فيما يخص التعامل مع الإسلاميين فاعتبر أن حالة الاستبداد في تونس حالة خاصة نتيجة انتهاجها خيار تجفيف المنابع والاستئصال الذي امتد ليشمل بقية مكونات المعارضة.
2 - الثورة أثبتت إرادة الشعب وضرورة أن تلتقط الأنظمة السياسية الرسالة وأن يتم الوعي بأن الحماية والاحتضان الحقيقي إنما يلتمس من الشعب وأن الشرعية الحقيقية للأنظمة هي ثقة الشعب وليس حماية الأنظمة الغربية. وقد عبر عن هذا المعنى بلاغ حركة التوحيد والإصلاح حين دعت الجميع ''إلى الاعتبار من الدرس التونسي البليغ وخاصة كل من يعول على الأنظمة الغربية بأن تنفعه أو تحميه أو حتى تستقبله كلاجئ إذا ما خسر ثقة شعبه، وأن الاحتضان الحقيقي هو احتضان الشعب والدعم الحقيقي هو دعم الشعب والشرعية الحقيقية هي الشرعية الشعبية''.
3 - التأكيد المبدئي على جدوى الخيار السلمي ورفض أي انجرار للعنف، وقد كان هذا المعنى واضحا في بلاغ حركة التوحيد والإصلاح وذلك حين اعتبرت ثورة الشعب التونسي ''ثمرة للصبر والمصابرة والاستماتة في التمسك بالنضال السلمي ضد الظلم والطغيان دون الانجرار إلى العنف الأعمى'' وهو نفس ما أكد عليه عمر امكاسو حين اعتبر أن ''الثورة التونسية وفرت الفرصة للتوجه إلى مزيد من التواصل والتلاحم وإعادة التأكيد على راهنية إحداث تغيير مبدؤه ومفتاحه مقاربة جماعية من شأنها سد الطريق على جميع أشكال الحرائق''.
4 - التأكيد على أن النموذج التونسي يمكن أن ينتقل في حالة تحقق شروطه، وقد أشار محمد الحمداوي إلى هذا المعنى قائلا:'' فالثورة التونسية يمكن أن تتكرر في أي بلد يعاني من هشاشة اقتصادية وتحكم سياسي'' فيما أكد عمر امكاسو هذا المعنى في قوله:'' نؤكد بأن بلدنا ليس بمنأى عن هذه الأحداث ما لم نتجه بشكل جماعي إلى الحوار وتجسيد مزيد من التواصل والتلاحم والتفكير بشكل جماعي ضمن ميثاق جامع''.
بيد أن الاشتراك في تقييم أسباب الثورة وكذا في قراءة بعض أبعادها ودلالاتها، لم يمنع من بروز بعض الخلافات على مستوى قراءة التجربة وذلك بحسب تصور كل طرف على حدة:
- 1 فحركة التوحيد والإصلاح استثمرت حدث الثورة التونسية لتوجه من خلاله رسالة واضحة ترتكز على ثلاثة نقاط أساسية:
الخصوصية المغربية القائمة على التعددية يلزم الحفاظ عليها وتطويرها والارتقاء بها.
الدعوة إلى التراجع عن بعض إرهاصات التحكم والاستفراد، ففي حوار المهندس الحمداوير إشارة واضحة إلى أن الثورة التونسية يمكن أن تتكرر في أي بلد يعاني من هشاشة اقتصادية وتحكم سياسي، إذ اعتبر أنه بقدر ما يكون الانفراد والاستبداد وإضعاف مكونات المجتمع بقدر ما تصير المسألة الاجتماعية أداة إشعال للثورة، وبقدر ما يتم التراجع عن خيارات الاستئصال والاستبداد والتحكم، ويتم التجاوب مع الاحتياجات الاجتماعية بالإنصات والاستجابة والعدالة في توزيع الحقوق وتكافؤ الفرص، فإن عوامل الاستقرار السياسي تزداد ترسخا واستدامة''.
ضرورة الحفاظ على مكتسبات الثورة التونسية ودعوة الشعب التونسي وقواه الحية إلى الحكمة والواقعية في التدبير لترسيخ الخيار الديمقراطي وتجنب السقوط في الفراغ السياسي.
أما جماعة العدل والإحسان، فقد ركزت على بعض الدلالات التي تنسجم مع قراءتها للوضع السياسي، لكن من غير أن تعطي نفسا استراتيجيا لهذه القراءة، ويبرز ذلك من خلال ما يلي:
التأكيد على صوابية منهجها التغييري القائم على القومة الشعبية، ففي حوار مع القيادي عمر امكاسو، اعتبر أن ''الثورة التونسية أثبتت أن الشعوب تملك قرارها، وألا أحد يستطيع أن يوقفها، لا التحالفات الدولية ولا المصالح الإقليمية ولا الرهانات الاستراتيجية، إن هي قررت التغيير'' مشيرا إلى أن الثورة التونسية أثبتت صوابية ما كانت الجماعة تؤكده.
التأكيد على راهنية مطلب الجماعة في ميثاق تتداعى إليه كل مكونات المجتمع من أجل الضغط على النظام السياسي من أجل تغيير أسلوبه في الحكم والقطع مع الاستبداد.
وعلى العموم، فقراءة مواقف الحركتين تبين الكثير من عناصر الاتفاق سواء في تقييم أسباب الثورة أو في فهم دلالاتها، كما تبين نقاط الاختلاف الحاصل بين الحركتين على مستوى قراءة بعض الدلالات .إن الأمرلا يتعلق بخلاف مفصلي لاسيما وأن جماعة العدل والإحسان لم تظهر قراءتها الاستراتيجية، أي أنها لم تعتبر الثورة التونسية مثالا وأفقا للتغيير، وإنما اعتبرته محطة للتأكيد على صوابية طرحها المطالب بميثاق جامع تتداعى له كل الأطراف للضغط على النظام السياسي لمراجعة أو التراجع عن أسلوب الحكم. وهو نقطة تحول تكشف التمايز الواضح بين رؤيتها الاستراتيجية المستقرة في كتب الأستاذ عبد السلام ياسين، وخياراتها التكتيكية.
محمد يتيم: نهاية نموذج في التدبير السياسي
هناك اليوم محاولة مستميتة لتدجين الطبقة السياسية إن لم يكن جزء كبير منها قد تم تدجينه ، و محاولة للحكم بالخوف واللجوء للتخويف وقمع جزء منها مصر على استقلاليته ومصر على المطالبة بالإصلاح السياسي .لكن أول من ينبغي أن يستوعب الدرس هم الذين كانوا ولا يزالون مع استنساخ النموذج التونسي أو الاقتباس منه على الأقل ، ذلك أن نهاية بن علي ليست فقط نهاية حاكم مستبد أو نهاية نظام سياسي فقط بل هي نهاية نموذج في التدبير السياسي.
المقرئ أبو زيد: فشل خيار سلخ الأمة من هويتها
قدم النموذج التونسي دليلا إضافيا جديدا على أن القهر والاستبداد والسلخ من الهوية لا يؤدي بالضرورة إلى خروج الإنسان من هويته، فالثورة التي قادها الشعب التونسي، والتي أبانت على مستوى عال من الانضباط والوعي والرشد، لاغرو أن تكون في عمقها وجوهرها ثورة هوية وثورة مواطنة. ثورة هوية لأنها برهنت على فشل المشروع الاستئصالي في سلخ المجتمع التونسي من هويته رغم القمع والإبادة التي تعرضت لها الحركة الإسلامية، بل كثير من الشرائح المتدينة في تونس. وهي ثورة مواطنة، لأنها حملت نفس شعار شاعر الحرية أبي القاسم الشابي : إذا الشعب يوما أراد الحياة، وتحدت الاستبداد وانتصرت في الأخير للحريات والحقوق رغم الإسناد الغربي لنظام بن علي من قبل الدول الغربية لاسيما منها فرنسا التي مالأت النظام الاستبدادي التونسي ودعمت تجربته في التنمية الاقتصادية، وحاولت من خلال ذلك كله دعم النموذج التونسي الاستئصالي ومحاولة تسويقه كنموذج ناجح على الواجهتين: الواجهة الاقتصادية، وواجهة استئصال الحركة مع غض الطرف عن الانتهاكات الجسمية لحقوق الإنسان وقمع الحريات ومصادرة الديمقراطية.
سعد الدين العثماني:سيكون للإسلاميين تأثير
للإسلاميين بتونس موقعهم ومكانتهم القوية في الشارع ولدى النخبة التونسية، وبدون شك، سيكون لهم تأثير في الخريطة السياسية المقبلة، لكن دمجهم في الحياة السياسية قد يحتاج إلى وقت، ولن يكون سهلا، لأن هناك اتجاهات سياسية لا زالت تؤمن بفكرة الاستئصال.لكن الأهم الآن هو مرحلة إرساء دعائم النظام الديمقراطي في تونس.
الحبيب شوباني :الاستبداد لا ينجح في بناء الدولة الآمنة
إن أي نظام سياسي يقوم على الاستبداد والاستخفاف بمنظومة الكرامة الإنسانية لمواطنيه، والتي ليس الخبز والشغل والبُنى التحتية إلا جزءها المادي المحسوس، لن ينجح في بناء ''الدولة الآمنة'' والمطمئنة التي لا يتوطد أمنها واطمئنانها إلا على قاعدة الشعور المشترك بالمساواة والمسؤولية المتقاسمة بين أبناء الوطن الواحد تجاه وطن موحد يضمن الحرية والعيش الكريم لأبنائه. .
بيان حركة التوحيد والإصلاح : فشل ذريع وانهيار كامل للنموذج الاستئصالي ولسياسة تجفيف الينابيع
تابعنا في حركة التوحيد والإصلاح باهتمام بالغ الانتفاضة الشعبية المباركة التي قادها الشعب التونسي العظيم ضد الفساد والاستبداد، بعد أن رفضت كل نداءاته ومطالباته بالإصلاح، وسدت في وجهه كل قنوات التعبير أو الاعتراض والانتقاد، أو حتى الشكوى والتظلم، إلى أن طفح الكيل، و بلغ السيل الزبى، فانفجر في وجه ظلامه، وانطلق عليهم كسيل جارف ليضع حدا ونهاية لمأساته ومعاناته، ويتحرر من ظلم الطغاة وفسادهم.
ونحن في حركة التوحيد والإصلاح بالمغرب إذ نحيي الشعب التونسي الشقيق بجميع فئاته وأطيافه ومكوناته على هذه الانتفاضة الشعبية المباركة ونهنئه على انعتاقه وتحرره من الظلم والطغيان، فإننا نتوجه إلى الباري تعالى أن يتقبل جميع الشهداء والضحايا وأن يعجل بالشفاء للجرحى والمعطوبين ويأجرهم على تضحياتهم أجرا حسنا؛ فإننا نعلن ما يلي:
- نعلن تضامننا المطلق ووقوفنا الكامل إلى جانب الشعب التونسي الشقيق وحقه في العيش بحرية وكرامة، في رحاب نظام جديد ديموقراطي تعددي ومعبر عن إرادة جميع أبناء تونس الخضراء الحرة.
- نعتبر هذه الانتفاضة المباركة ثمرة للصبر والمصابرة والاستماتة في التمسك بالنضال السلمي ضد الظلم والطغيان دون الانجرار إلى العنف الأعمى، ونعتبرها إنجازا وانتصارا تاريخيا عظيما يحسب للشعب التونسي الشقيق، ويفرح به كل الأحرار والشرفاء في العالم بأسره، لأنه انتصار للمظلوم على الظالم، وانتصار للمستضعفين على الطغاة.
- نعتبر هذه النهاية المخزية لهذا النظام المستبد، فشلا ذريعا وانهيارا كاملا للنموذج الاستئصالي والنهج الإقصائي وسياسة تجفيف الينابيع التي نهجها، وحاول أن يسوقها ويروج لها في منطقتنا، ونعتبرها كذلك خيبةً للتيارات الاستئصالية التي كانت لا تفتر عن الدعوة إلى استلهام هذا النموذج واستيراده وتبنيه، لولا غلبة صوت العقل والحكمة.
- ندعو الجميع إلى الاعتبار من الدرس التونسي البليغ وخاصة كل من يعول على الأنظمة الغربية بأن تنفعه أو تحميه أو حتى تستقبله كلاجئ إذا ما خسر ثقة شعبه، وأن الاحتضان الحقيقي هو احتضان الشعب والدعم الحقيقي هو دعم الشعب.
وفي الأخير، فإننا نتوجه إلى جميع مكونات الشعب التونسي الشقيق بكل أطيافهم ومشاربهم أن يلتحموا بإرادة وطموح هذا الشعب البطل في الحرية والديمقراطية، وأن يفوتوا الفرصة على كل من تسول له نفسه إجهاض هذا الإنجاز الذي صنعته الإنتفاضة الشعبية المباركة، وذلك بإتمام ما بدأه الشعب بكل ما يتطلبه الموقف من تعاون وتكاثف وتوافق وحكمة ويقظة، كما نتوجه إلى الله العلي القدير بالدعاء الخالص بأن يوفق أشقاءنا وإخواننا التونسيين لما يعود عليهم بالخير وعلى الأمة جمعاء، وأن يحفظ تونس وشعب تونس من كل مكروه، إنه سميع مجيب.
الرباط في 11 صفر الخير 1432 ه الموافق ل 16 يناير 2011 م
عن حركة التوحيد والإصلاح
محمد الحمداوي رئيس الحركة
للإطلاع على الملف اضغط هنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.